أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - ترامب.. بائع السلام الذي يشعل الحروب














المزيد.....

ترامب.. بائع السلام الذي يشعل الحروب


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8376 - 2025 / 6 / 17 - 13:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما عاد دونالد ترامب إلى واجهة السلطة عام 2025، حمل معه حقيبة ممتلئة بالوعود الوردية: "سأنهي الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة"، "سأوقف النار في غزة قبل أن تصلني مفاتيح المكتب البيضاوي".
بدا وكأنه قادم من كوكب السلام، لا من صلب السياسة الأمريكية، لكن سرعان ما تبيّن أن تلك التصريحات لم تكن سوى واجهة دعائية لصفقات أكثر ظلمة.
ففي اللحظة التي رُوّج فيها لوقف إطلاق نار "تاريخي" بين إسرائيل وحماس – بجهود مبعوثه ستيف ويتكوف – كانت الطائرات الإسرائيلية تستعد لجولة جديدة من القصف، وترامب لا يكتفي بالصمت، بل يهدد غزة علناً: "سنفتح أبواب الجحيم".
وهكذا تبخّرت "هدنة السلام" كما تبخّرت وعوده بإخماد النار في أوكرانيا.
ثم أطلق ترامب قنبلته السياسية المسماة "ريفييرا الشرق الأوسط"، وهي خطة تهجير مقنّعة تهدف إلى تصفية الوجود الفلسطيني في غزة، عبر ترحيل سكانها إلى مصر والأردن، مقابل وعود بتعويضات سكنية وحياة "أفضل"، بحسب تعبيره الصريح: "لن يكون لهم حق العودة، لأنهم سيحصلون على منازل أجمل". لم يكن يرى في القضية سوى أزمة عقارات يمكن حلّها عبر تسويات عقارية، لا مأساة شعب تُنتهك حقوقه.
أما الغاية الحقيقية، فكانت تحويل غزة إلى منتجع استثماري أمريكي-إسرائيلي، يُقام على أنقاض الأرواح والمنازل المحطّمة.
وفي الوقت الذي كانت فيه طهران لا تزال على طاولة المفاوضات النووية، وتتنفّس المنطقة بصعوبة أملاً بخيط دبلوماسي أخير، اختارت "إسرائيل" أن تفجّر المشهد، فشنّت هجوماً مباغتاً على إيران، استهدفت فيه منشآت نووية واغتالت قيادات عسكرية وأمنية وعلمية بارزة. وبينما كانت المنطقة تترنّح على حافة الانفجار، قررت إدارة ترامب أن تسكب الوقود على النار، معلنة انحيازها السافر لإسرائيل، ومُوفرة الغطاء الكامل – دبلوماسياً وتقنياً وسيبرانياً – لحرب استباقية مدمّرة لا تختلف عن إعلان عدوان رسمي صريح، ومدمّر.
كانت رسالة ترامب للعالم واضحة حدّ الوقاحة: "نفاوض فقط من يخدم مصالحنا... والبقية فليحترقوا".
والأنكى من كل ذلك؟ تواطؤ النظام العربي الرسمي. ففي وقت كانت فيه شعوب المنطقة تُصارع الفقر، وتغرق في مستنقع الديون والتقشف، فتحت العواصم العربية خزائنها أمام ترامب، تقدّم له الطاعة والذهب معاً.
ثلاث دول منحت إدارته، في جولته الأخيرة، فقط، أكثر من 5 تريليونات دولار — لا مقابل تنمية، ولا دعم لقضايا العرب، بل فقط لحماية عروشهم.
وفي اليمن ولبنان، لم يكن الوضع أفضل. لا وساطات، لا تهدئة، لا مساعٍ لاحتواء الانفجار. ما كان يعني ترامب ليس الدماء التي تسيل، بل كمّ السلاح الذي يُباع، وصفقات الحماية التي تُبرم، ومليارات الدولارات التي تُضَخّ في شرايين مجمعه الصناعي-الحربي.
لم يكن رئيساً يسعى للسلام، بل سمسار حروبٍ محترف، يدير النزاعات كما تُدار المزادات: من يدفع أكثر... يكسب أكثر.
أنصاره يلوّحون بـ "الدولة العميقة" كعدو يُعطّل رؤيته، لكن الأدلة تشير إلى العكس؛ ترامب لم يكن ضحية هذه المؤسسة، بل خادماً مطيعاً لها، يسوّق الحرب كفرصة، ويغلفها بعبارة: "السلام قادم.. على طريقتي".
إن ما فعله ترامب لم يكن مفاجئاً، فكل رئيس أمريكي يدخل الانتخابات ويده على الإنجيل، لكنه لا يتردد لحظة في وضع يده الأخرى على الزناد، إن اقتضت مصالح إسرائيل أو صفقات البنتاغون ذلك.
وختاماً، يبقى السؤال الذي لا يحتاج جواباً: هل كان ترامب صادقاً في سعيه للسلام، أم أن الحروب كانت هي المسرح الذي بنى عليه صورته، والدماء التي روّج بها بضاعته؟
الوقائع تقول كل شيء، فقد باع لجمهوره وهم "السلام المجاني"، بينما دفع الأبرياء الثمن، جثثاً وركاماً، في مزاد سياسي قذر عنوانه: ترامب... بائع السلام الذي يشعل الحروب.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسد الصاعد والوعد الصادق: صراع البقاء بين تل أبيب وطهران
- هل تركيا الهدف التالي بعد إيران؟ قراءة في تحذيرات زعيم القوم ...
- يا للعجب! ويا للمهزلة!
- الضربة التي لم تفاجئ أحداً.. حين يُضرب الكبرياء الإيراني فجر ...
- وسام العزاء الذهبي
- حين تتحوّل النقابات إلى فروع أمنية
- تسعة أكفان بيضاء... وقلبٌ لا ينكسر
- لو عرفنا الغد... لما عشناه
- دور الحروب والأزمات المعيشية في تفكك الروابط الأُسرية
- تركيا والكردستاني.. هل اقترب حلّ القضية الكردية؟
- مرسوم للعدالة الانتقائية: الكل تحت المحاسبة ما عدا -ربعنا-!
- النصر الروسي في سوريا... هزيمة بصيغة أخرى؟
- صديق نفسه
- السوريون بين مطرقة العقوبات وسندان الفساد: هل من مخرج؟
- التطبيع الزاحف: كيف يُهيَّأ الشعب السوري لقبول المستحيل؟
- جدوى الكفاح المسلح في ظل التحولات الدولية: بين الواقع والتطل ...
- حين يتجاوز ترامب -إسرائيل-: دلالات التفاهم مع الحوثيين
- الصراع المتجدد بين الهند وباكستان: جذور تاريخية وتحديات معاص ...
- جنازة الضمير في بث مباشر
- ظاهرة الإساءة إلى الأديان: من يؤجّجها؟ وكيف نواجه تداعياتها؟


المزيد.....




- هل دخل الشرق الأوسط في عصر جديد فعلًا؟.. ولي نصر وناداف إيال ...
- السفارة الأمريكية في قطر تنصح مواطنيها بالبقاء في أماكنهم.. ...
- مركز يٌحتجز فيه نشطاء وصحفيون.. فيديو متداول يظهر لحظة قصف إ ...
- لماذا حظرت بريطانيا حركة -فلسطين أكشن-؟
- إيران: من يحكمها فعليا؟
- أهداف إسرائيل تغيرت في إيران.. ماذا عن موقف المعارضة الإيران ...
- غزة.. مكان -دائم- للموت والدمار والانتظار
- ضربات إسرائيلية -مكثفة- على إيران.. ماذا استهدفت؟
- في سوريا -المجزأة- بعد سقوط الأسد.. مبادرات لتعزيز التماسك ا ...
- مسؤول إيراني: الحرب قد تستمر عامين ومستعدون لذلك


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - ترامب.. بائع السلام الذي يشعل الحروب