أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - حين يتجاوز ترامب -إسرائيل-: دلالات التفاهم مع الحوثيين














المزيد.....

حين يتجاوز ترامب -إسرائيل-: دلالات التفاهم مع الحوثيين


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8338 - 2025 / 5 / 10 - 14:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهد يعكس تصدّعاً صامتاً في جدران تحالفات الشرق الأوسط التقليدية، جاء إعلان التفاهم بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجماعة الحوثيين بشأن وقف إطلاق النار في اليمن، دون أي إشارة إلى دور أو حتى إبلاغ لـ "إسرائيل"، ليقلب معادلات مألوفة ظلت تحكم المشهد لعقود.
هذه الخطوة لم تكن مجرد تفصيل دبلوماسي عابر، بل إيذان بانقلاب في النظرة الأميركية إلى "ثوابت" السياسة الإقليمية، وتحديداً إلى مكانة "تل أبيب" في صياغة تلك السياسات.
لطالما كانت "إسرائيل" حجر الزاوية في أي حراك أميركي في الشرق الأوسط، مستشاراً دائماً، ومُقرِّراً في أحيان كثيرة، لا سيّما حين يتعلق الأمر بملفات ترتبط مباشرةً بإيران. والملف اليمني هو أحد تلك الملفات بامتياز؛ فالحوثيون في الوعي الإسرائيلي ليسوا إلا امتداداً لنفوذ طهران، وبالتالي فإن أي تسوية معهم تُقرأ تلقائياً على أنها مكسب لإيران، وتهديدٌ مباشر لأمن الدولة العبرية.
لكن ترامب، الذي قلب الطاولة على كثير من القواعد، لم يبالِ بهذه الحساسية. أبرم اتفاقه، ورسم خطّته، وأدار ظهره لما اعتادت عليه واشنطن منذ عقود، متجاوزاً "إسرائيل" في ملفٍ ترى فيه – لا مجرد اهتمام – بل مسألة أمن قومي. هذا التجاوز لم يكن عفوياً، ولا اعتباطياً. بل هو فعل سياسي محمّل برسائل متعدّدة الاتجاهات.
الرسالة الأولى موجهة إلى الداخل الأميركي: ترامب، كرجل صفقة، يقدم نفسه مجدداً على أنه "صانع السلام"، القادر على إخماد الحرائق التي استعصت على الإدارات السابقة، حتى وإن اضطر لذلك إلى عقد تفاهمات مع وكلاء أعداء واشنطن التقليديين. ولأن اليمن ظلّ لسنوات ساحة نزف بشري وعسكري بلا جدوى استراتيجية واضحة، فإن إخراجه من هذا المستنقع، حتى مؤقتاً، يُعدّ ورقة رابحة في يد الرئيس الأميركي، خصوصاً أمام ناخب يبحث عن نتائج ملموسة لا عن تحالفات أيديولوجية قديمة.
أما الرسالة الثانية، فهي للشرق الأوسط، مفادها أن منطق التحالفات "المقدسة" قد انتهى. لم تعد "إسرائيل" شريكاً لا يُمسّ أو مرجعية لا تُتجاوز، بل باتت – في عيون واشنطن الترامبية – حليفاً كبقية الحلفاء، يمكن التفاوض فوق رأسه إن تطلّبت المصلحة ذلك. وهذا يعكس تحوّلاً عميقاً في طبيعة العلاقة الأميركية الإسرائيلية: من علاقة وصاية غير معلنة، إلى علاقة نفعية قد تُهمّش حين لا تضيف.
لكن، هل تقبل "إسرائيل" بهذا التحوّل؟
التاريخ يقول: لا.
فالدولة التي بَنَت نفوذها العالمي على قدرتها في التأثير داخل واشنطن، لا يمكن أن تقف مكتوفة اليد، حين ترى قرارات مصيرية تُتخذ من خلف ظهرها. فمن المرجح أن تبدأ "تل أبيب" بتفعيل أدوات الضغط التقليدية التي طالما أثبتت فعاليتها: تحريك لوبياتها في الكونغرس، وإطلاق التحذيرات الاستخباراتية حول "توسّع التهديد الإيراني"، وربما حتى تنفيذ عمليات عسكرية محدودة لإرباك الاتفاق الناشئ، أو التشكيك في جدية الحوثيين كشركاء موثوقين.
وقد تذهب أبعد من ذلك، بإعادة توزيع أوراق نفوذها في الإقليم: تعزيز علاقاتها مع الفاعلين الخليجيين القلقين أصلاً من الانفتاح الأميركي على طهران وأذرعها، أو التوغل أكثر في الملفات الأمنية الحساسة، من باب تعويض الغياب عن طاولة التفاهمات السياسية.
من زاوية أخرى، فإن ما فعله ترامب ليس فقط تجاوزاً لـ "إسرائيل"، بل انتهاكاً لنمط الهيمنة الأميركية التقليدية التي كانت تشترط توازنات محددة قبل أي خطوة إقليمية. فإن ينجح في فتح قناة مع الحوثيين دون أن تنهار علاقاته مع السعودية، ودون أن يستنفر خصومه الجمهوريين أو الديمقراطيين، فهذا يعني أن شكل العلاقة بين واشنطن والمنطقة يعاد صوغه من جديد.
هذا التحوّل أيضاً يعكس براغماتية ترامب العارية من العواطف: فهو لا يرث ملفات أسلافه، بل يعيد صوغها وفق مزاجه وصفقاته، متحرراً من سرديات الديمقراطية أو الحماية أو الالتزام الأخلاقي. وما يهمه ليس صيانة "التحالف مع إسرائيل" بمفهومه التاريخي، بل جدواه اللحظية، وما إذا كان يمنحه نقاطاً انتخابية أو يحقق له اختراقات دبلوماسية سريعة.
في هذا السياق، تصبح "إسرائيل" عبئاً أحياناً، خصوصاً إن كانت ترفض التهدئة أو تعارض تفاهمات ترى فيها واشنطن فرصة للهروب من مستنقعات مكلفة. ومن هنا، يبدو أن ترامب اختار طريقاً منفرداً، لا يشرك فيه "تل أبيب" إلا حين تتقاطع مصالحها مع مساعيه، لا حين تُملي عليه شروطها.
في المحصلة، ما يحدث ليس فقط تفاهماً مع الحوثيين، بل كسرٌ رمزي لتقليدٍ عمره عقود، كانت فيه "إسرائيل" صاحبة المقعد الأول في كل مسرحية إقليمية. اليوم، تجلس خارج القاعة، وربما من دون دعوة. ومن يعتاد أن يكون المرجع لا يتقبل بسهولة أن يُعامل كأي ضيفٍ آخر.
إنها لحظة فاصلة في تاريخ العلاقة بين واشنطن وتل أبيب: هل تعود "إسرائيل" إلى صدارة المشهد عبر الضغوط والتحركات المضادة؟ أم أنها ستبدأ بمراجعة موقعها في ظل عالم تتغير فيه خرائط النفوذ بسرعة؟
في الحالتين، الشرق الأوسط لن يبقى كما كان.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع المتجدد بين الهند وباكستان: جذور تاريخية وتحديات معاص ...
- جنازة الضمير في بث مباشر
- ظاهرة الإساءة إلى الأديان: من يؤجّجها؟ وكيف نواجه تداعياتها؟
- من حرب المصالح إلى خطر التقسيم.. سوريا أمام مفترق طرق
- الوطنية بين الشعارات الجوفاء والممارسات المكشوفة
- من زنزانة إلى طاولة المفاوضات.. هل تدرك أنقرة قيمة ورقة أوجل ...
- الفساد والانفتاح.. إعدام الاقتصاد السوري
- الواقع الأمني والاجتماعي في الساحل السوري.. مجازر وقلق وخيبا ...
- اليسار نائم: الرجاء عدم الإزعاج!
- -ثوار- خارج الخدمة
- اللجنة الوطنية للتحقيق: عندما تتحول المجازر إلى مسلسل شهري ب ...
- رسالة إلى سلطةٍ لم تَعُد ترى إلا ما تُريد..
- سكاكين المخطط: سوريا خارج التاريخ
- المجازر وخريطة التقسيم: كيف تؤدي الفظائع إلى تفتيت الأوطان؟
- لماذا تقلّ نسبة الجرائم في الدول الاسكندنافية؟
- من الطفولة إلى الإجرام: كيف يُصنع القتلة؟
- بين إحصاء الموظفين وإحصاء الضحايا.. ذاكرة الحكومة الانتقائية ...
- العلويون في سوريا.. تاريخها معتقداتها معاناتها مستقبلها (الج ...
- العلويون في سوريا.. تاريخها معتقداتها معاناتها مستقبلها (الج ...
- الإعلام.. صانع الأحداث أم بائع الوهم؟


المزيد.....




- وُلد هو ثم وُلدت الموضة.. هذه حكاية مؤسس الأزياء الراقية
- كاتي بيري لم تشارك في حفل ميت غالا لكنّ الذكاء الاصطناعي مصر ...
- محاطًا بقادة من العالم.. بوتين يُظهر قوة روسيا العسكرية في ا ...
- جيش مصر.. علاء مبارك يدخل بجدال مع مصطفى بكري بسبب ساويرس وا ...
- عراقجي يزور السعودية وقطر.. ويعلن استعداد إيران لجولة مفاوضا ...
- عائلات سورية لاجئة في لبنان تعود بشكل طوعي إلى بلادها (فيديو ...
- الكرملين: الأوربيون قلقون من التضامن الدولي الكبير مع روسيا ...
- قبل زيارة ترامب.. قطر تبحث عن رفات أمريكيين قتلهم داعش بسوري ...
- الرئيس السوري يصل إلى مملكة البحرين في زيارة رسمية (صور)
- وزير الخارجية التركي يكشف عن تعرضه لمحاولة اغتياله بتسميمه


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - حين يتجاوز ترامب -إسرائيل-: دلالات التفاهم مع الحوثيين