أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ضيا اسكندر - لماذا تقلّ نسبة الجرائم في الدول الاسكندنافية؟














المزيد.....

لماذا تقلّ نسبة الجرائم في الدول الاسكندنافية؟


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8300 - 2025 / 4 / 2 - 12:00
المحور: المجتمع المدني
    


هل يمكنك أن تتخيل رجلاً يذبح إنساناً بدمٍ بارد، ثم يبتسم للكاميرا متباهياً بجريمته؟
أو انتحارياً يفجّر نفسه وسط جمع من الأبرياء؟
هل سبق لك أن شاهدت فيديو لرجل يسكب البنزين على كلب موثق ويحرقه حياً؟
ربما نعم، لكن ليس في الدول الإسكندنافية. فهناك، تبدو هذه المشاهد وكأنها تنتمي لعالم آخر، عالم بعيد عن شوارعهم النظيفة، ومدارسهم الآمنة، ونظامهم الاجتماعي الذي يكاد يقضي على دوافع الجريمة من جذورها.
لكن، لماذا؟ ما السرّ الذي يجعل معدلات الجريمة في تلك الدول تلامس الحدّ الأدنى، بينما تتفشّى في أماكن أخرى؟ هل هو ازدهار الاقتصاد، أم منظومة العدالة، أم ثقافة مجتمعية راسخة تجعل الجريمة خياراً مستبعداً لدى معظم المواطنين؟ في هذا المقال، سنحاول فك شفرة هذا اللغز، واستكشاف العوامل التي تجعل الدول الإسكندنافية من أكثر مناطق العالم أماناً.

تتصدر الدول الإسكندنافية قائمة أكثر الدول أماناً، حيث تكاد معدلات الجريمة تلامس الحد الأدنى مقارنة بالدول الرأسمالية الكبرى أو الدول الفقيرة. يكمن السرّ في نموذج "دولة الرفاه"، حيث تضمن الحكومات لمواطنيها تعليماً ورعاية صحية شبه مجانية، ما يقلل الأمية والبطالة، ويحدّ من الدوافع الاقتصادية للجريمة.
إلى جانب ذلك، تسهم تعويضات البطالة، والسكن المدعوم، ورعاية الأطفال في تقليص الحاجة إلى ارتكاب الجرائم.
وفي المقابل، تعاني الدول التي تفتقر إلى هذه السياسات من تفشي العنف والجريمة، سواء كانت رأسمالية مثل أمريكا، حيث التعليم والعلاج امتياز لا يستطيع الجميع تحمّله، أو دولاً نامية حيث يدفع الفقر والتهميش البعض إلى الاحتيال والسرقة، وأحياناً إلى العنف المسلح.

النظام القضائي في الدول الإسكندنافية يركّز على التأهيل بدلاً من العقاب، حيث تُعدّ الجريمة مؤشراً على خلل يحتاج إلى إصلاح، وليس فرصة للانتقام. لذلك، تتميز العقوبات هناك بالقصر والرحمة، وتستهدف إعادة تأهيل الجاني بدلاً من تحويله إلى مجرم محترف داخل السجون. في النرويج، على سبيل المثال، لا تتجاوز نسبة العائدين للجريمة بعد الإفراج عنهم 20%، بينما في أمريكا، تصل هذه النسبة إلى 76%، حيث تتحول السجون إلى مصانع لإنتاج المجرمين.

الثقة العالية في الشرطة والقانون تلعب دوراً جوهرياً، فالمواطن لا يخشى التبليغ عن الجرائم، بل يرى في الشرطة شريكاً حقيقياً في تحقيق الأمن، على عكس أمريكا، حيث الأقليات تخشى التمييز، أو الدول الفاسدة حيث الشرطة جزء من المشكلة لا الحل. العدالة تشمل الجميع دون تمييز، ما يجعل الناس أكثر التزاماً بالقانون وأقل ميلاً للجريمة.

كما أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء ضئيلة للغاية في الدول الإسكندنافية مقارنةً بدول أخرى، حيث لا تتجاوز نسبة الفقر 5%، بالإضافة إلى ذلك، يسهم انخفاض معدلات البطالة والنظام التعليمي القوي في الحد من الدوافع الإجرامية، حيث يتيح التعليم والعمل فرصاً متساوية للجميع فيقلل الدوافع الإجرامية. ما يعني أن لا أحد سيضطر للسرقة من أجل البقاء.
في المقابل، يعيش نحو 12% من الأمريكيين تحت خط الفقر، ما يجعل الجريمة خياراً للكثيرين.
أما في الدول الفقيرة، حيث تتجاوز نسبة الفقر 60%، فإن الجريمة تصبح ضرورة للبقاء.

من الواضح أن انخفاض معدلات الجريمة في الدول الاسكندنافية ليس وليد الصدفة، بل نتيجة سياسات حكيمة وثقافة مجتمعية راسخة. لكن يبقى السؤال: هل يمكن تطبيق هذا النموذج في العالم العربي أو أمريكا؟
نظرياً، نعم، فكل دولة تتبنّى سياسات مشابهة يمكنها الحدّ من الجريمة. وعملياً، الأمر أكثر تعقيداً بسبب الفساد وعدم الاستقرار، ويبقى السؤال الأهم: هل ستظل الدول الإسكندنافية محافظة على هذا النموذج المثالي، أم أن التحديات الجديدة مثل الهجرة والتحولات العالمية قد تغيّر المعادلة؟
الزمن وحده كفيل بالإجابة!



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الطفولة إلى الإجرام: كيف يُصنع القتلة؟
- بين إحصاء الموظفين وإحصاء الضحايا.. ذاكرة الحكومة الانتقائية ...
- العلويون في سوريا.. تاريخها معتقداتها معاناتها مستقبلها (الج ...
- العلويون في سوريا.. تاريخها معتقداتها معاناتها مستقبلها (الج ...
- الإعلام.. صانع الأحداث أم بائع الوهم؟
- سوريا بعد مائة يوم: أي عهدٍ هذا؟
- أردوغان وتطلعاته للسلطة الدائمة: تحليل لاستراتيجياته السياسي ...
- بين مطرقة الخوف وسندان الوطنية.. زيارة الدروز إلى إسرائيل
- اتفاق عبدي والشرع.. توقيع في الزمن الحرج
- الإعلان الدستوري: نسخة محسّنة من الاستبداد القديم!
- الطائفية.. حين يصبح الانتماء تهمةً تستوجب القتل
- هل أصبح مصير المفقودين في الأزمة السورية طيَّ النسيان؟
- قراءة أولية في اتفاق -قسد- مع دمشق
- جراح الروح: بين غريزة الانتقام وضرورة النضال السلمي
- هل أهدرت هيئة تحرير الشام لحظة التحول في سوريا؟
- سوريا الجديدة: فلول النظام وإرهابيو المعارضة المسلحة.. عدالة ...
- من السلاح إلى السلام.. تحولات النضال الكردي في تركيا
- الليرة المحبوسة.. جوعٌ مُنظّم وسوقٌ بلا روح
- عذراً نيوتن.. الجاذبية ليست وحدها التي تسحبنا للأسفل!
- فراغ أمني وبطالة متفشية.. سوريا إلى أين؟


المزيد.....




- مجموعة -أصدقاء ميثاق الأمم المتحدة- تدين الهجوم الإسرائيلي ع ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات في الضفة الغربية
- ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة يدعو المجتمع الدولي لإدانة اله ...
- اعتقال 18 عنصرا داعما اعلاميا للعدوان الصهيوني في أصفهان وكر ...
- منها -الخيانة العظمى-.. الداخلية السعودية تعلن إعدام مواطن ا ...
- موالون لإيران يتظاهرون في بغداد دعمًا لطهران بعد الهجوم الإس ...
- -لم يُترك لنا أي خيار آخر-.. سفير إسرائيل بالأمم المتحدة يكش ...
- اعتقال 16 متهما أمنيا في أصفهان بتهمة دعم إعلامي للكيان الصه ...
- اعتقال 5 أشخاص بتهمة التجسس والتواطؤ مع الكيان الإسرائيلي
- كانييه ويست يساند المغني بي ديدي المتهم بالاتجار بالبشر


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ضيا اسكندر - لماذا تقلّ نسبة الجرائم في الدول الاسكندنافية؟