أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - التطبيع الزاحف: كيف يُهيَّأ الشعب السوري لقبول المستحيل؟














المزيد.....

التطبيع الزاحف: كيف يُهيَّأ الشعب السوري لقبول المستحيل؟


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8341 - 2025 / 5 / 13 - 11:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بلدٍ تتآكله الأزمات، وتزداد فيه كلفة الرغيف على حساب الكرامة، يبدو أن الحاكمين قد وجدوا اللحظة المناسبة لتمرير ما كان قبل سنوات، من المحرمات الوطنية، وهو التطبيع مع "إسرائيل".

فقد بدأت تظهر معالم مشروع خطير، لا يُقال عنه شيء صراحة، لكن ملامحه تتسرّب قطرةً قطرة، بهدوءٍ محسوب وبلا ضجيجٍ متعمّد. مشروع قد يبدو للكثيرين ضرباً من الخيال أو من نظرية المؤامرة، لكنه يتشكّل على الأرض بخطى بطيئة ومقصودة. إنه مشروع التطبيع الزاحف مع "إسرائيل"، والذي لا يُراد له أن يصدم الناس، بل أن يتسلّل إلى وعيهم حتى يُصبح جزءاً من الأمر الواقع.
فالاستراتيجية التي تتبعها سلطة دمشق تبدو شديدة الوضوح لمن يراقب المشهد من كثب. هناك محاولة لتعويد الشارع السوري على ما لم يكن يُتصوّر قبوله يوماً، عبر جرعات سياسية وإعلامية خفيفة ومتدرجة، تبدأ بتصريحات بريئة المظهر من قبيل: "سوريا لن تشكل خطراً على أمن أي دولة من دول الجوار"، وهي جملة ظاهرها دبلوماسي، لكن باطنها مهادنة مُبطّنة لدولة الاحتلال.
وفي الميدان، يُلاحظ الصمت الرسمي المطبق حيال كل اعتداء صاروخي أو جوي تشنّه "إسرائيل" على الأراضي السورية، حتى صار الخبر مكرّراً ومملاً، وصار التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية واحتلالها المزيد من المناطق أمراً غير ذي أهمية، وكأن السيادة الوطنية أُحيلت إلى التقاعد.
لا بيانات إدانة، لا تهديد، لا حتى امتعاض لفظي. والأدهى من ذلك، أن هذا الصمت المُخزي يلف أيضاً اعتقال قادة فلسطينيين من الداخل السوري دون أدنى توضيح أو تبرير.
وفي الخلفية، يدور الحديث في الكواليس الدبلوماسية عن مفاوضات غير مباشرة، تتبعها تسريبات محسوبة حول الاستعداد السوري للانخراط في "اتفاق أبراهام"، وما أدراك ما هذا الاتفاق! ثم تُطلق بالونات اختبار حول لقاءات سرّية جرت في "تل أبيب" بين وفود سورية و"إسرائيلية"، لتُنشر لاحقاً عبر وسائل إعلام موالية تقارير تحت عنوان: "سوريا دفعت الكثير.. وآن لها أن ترتاح".
كل هذا يجري في وقت تعاني فيه الغالبية العظمى من السوريين من انهيار معيشي لا يُطاق، وتآكل يومي للكرامة الإنسانية، ما يجعل المواطن العادي منشغلاً بلقمة الخبز، عاجزاً عن رفع رأسه حتى يرى ما يُدبّر له من فوق الطاولة وتحتها. أما القوى السياسية، فغائبة أو متواطئة أو خاضعة، صامتة عن هذا التحول التاريخي الخطير.
إن تمرير التطبيع بهذا الشكل التدريجي لا يقل خبثاً عن الاحتلال نفسه. إنه احتلالٌ للعقل والوعي، قبل أن يكون على الأرض، وتمهيدٌ ممنهج لتفكيك ما تبقّى من عقيدة وطنية طالما ردّدها السوريون بأن "إسرائيل" هي العدو الأول.
إن الصمت الشعبي ليس دليلاً على القبول، لكنه نتيجة لتراكم الخوف والفقر والخذلان. وإذا استمرّ هذا المسار دون مقاومة فكرية وإعلامية حقيقية، فإننا سنستيقظ يوماً لنجد أن كل الخطوط الحمراء قد مُسحت، وأن من كان يرفع شعارات "المقاومة" أصبح حليفاً لمن كان يصفه بعدو الأمة.
فهل نصحو قبل فوات الأوان؟



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدوى الكفاح المسلح في ظل التحولات الدولية: بين الواقع والتطل ...
- حين يتجاوز ترامب -إسرائيل-: دلالات التفاهم مع الحوثيين
- الصراع المتجدد بين الهند وباكستان: جذور تاريخية وتحديات معاص ...
- جنازة الضمير في بث مباشر
- ظاهرة الإساءة إلى الأديان: من يؤجّجها؟ وكيف نواجه تداعياتها؟
- من حرب المصالح إلى خطر التقسيم.. سوريا أمام مفترق طرق
- الوطنية بين الشعارات الجوفاء والممارسات المكشوفة
- من زنزانة إلى طاولة المفاوضات.. هل تدرك أنقرة قيمة ورقة أوجل ...
- الفساد والانفتاح.. إعدام الاقتصاد السوري
- الواقع الأمني والاجتماعي في الساحل السوري.. مجازر وقلق وخيبا ...
- اليسار نائم: الرجاء عدم الإزعاج!
- -ثوار- خارج الخدمة
- اللجنة الوطنية للتحقيق: عندما تتحول المجازر إلى مسلسل شهري ب ...
- رسالة إلى سلطةٍ لم تَعُد ترى إلا ما تُريد..
- سكاكين المخطط: سوريا خارج التاريخ
- المجازر وخريطة التقسيم: كيف تؤدي الفظائع إلى تفتيت الأوطان؟
- لماذا تقلّ نسبة الجرائم في الدول الاسكندنافية؟
- من الطفولة إلى الإجرام: كيف يُصنع القتلة؟
- بين إحصاء الموظفين وإحصاء الضحايا.. ذاكرة الحكومة الانتقائية ...
- العلويون في سوريا.. تاريخها معتقداتها معاناتها مستقبلها (الج ...


المزيد.....




- -نفتقدك-.. كيتي بيري تغيب عن زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- في كوريا الشمالية.. من يُسمح له بالدخول إلى المنتجع الضخم ال ...
- ليلة تحييها ليدي غاغا وإلتون جون.. وتوقعات اليوم الأخير لحفل ...
- هل توجد مؤشرات حقيقية تدفع نتانياهو للتوجه نحو إقرار هدنة في ...
- -عراك بين إسرائيلي وإيراني- في أستراليا.. ما هي حقيقة الفيدي ...
- -شهيدات لقمة العيش-.. مصر تودع 18 فتاة قضين في حادث مأساوي
- خلفيات التوجه الأمريكي نحو إقرار وقف لإطلاق النار بغزة
- رواندا والكونغو الديموقراطية توقعان اتفاق سلام في واشنطن
- التداعيات المحتملة لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورو ...
- تحذيرات من موجة حر قياسية تضرب جزء من أوروبا ومخاوف من حرائق ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - التطبيع الزاحف: كيف يُهيَّأ الشعب السوري لقبول المستحيل؟