أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - النصر الروسي في سوريا... هزيمة بصيغة أخرى؟














المزيد.....

النصر الروسي في سوريا... هزيمة بصيغة أخرى؟


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8344 - 2025 / 5 / 16 - 10:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدأت ملامح النفوذ السوفييتي تتشكل في سوريا، منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث توطدت العلاقات بين دمشق وموسكو عبر بوابة الدعم العسكري والاقتصادي، خصوصاً بعد انقلاب البعث عام 1963 وتوقيع اتفاقيات التعاون الثنائي.
ومع تصاعد الحرب الباردة، تحوّلت سوريا إلى حليف استراتيجي للاتحاد السوفييتي، فتلقّت دعماً ضخماً في مجالات الدفاع والتسليح، وتم تدريب آلاف الضباط السوريين في الأكاديميات العسكرية الروسية. هذا الإرث العميق من التحالف لم ينقطع بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، بل تعزز مع عودة روسيا إلى الساحة الدولية في عهد بوتين، حيث سعت موسكو إلى ترميم نفوذها التاريخي في الشرق الأوسط، وكان التدخل العسكري المباشر في سوريا عام 2015 تتويجاً لهذا المسار الطويل.
منذ 30 أيلول 2015، حين أطلقت روسيا عملياتها العسكرية المباشرة في سوريا، بدا وكأن موسكو تحوّلت من داعم سياسي إلى لاعب رئيس يمسك بزمام الميدان. أنشأت قواعد عسكرية استراتيجية، أبرزها ميناء طرطوس البحري ومطار حميميم الجوي في جبلة، وارتفع عدد جنودها في البلاد إلى نحو 60 ألفاً قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
مقابل ذلك، اقتصر الوجود العسكري الأميركي على قواعد محدودة في منطقة التنف وشمال شرق سوريا، بعدد لا يتجاوز ألفي جندي. وبالأرقام والمعطيات، لم يكن هناك مجال للمقارنة بين الحضور الروسي الكثيف والدور الأميركي المحدود... ظاهرياً.
فمن المفترض أن من ينتصر في الحرب، يفرض شروطه في السلم. إلا أن الواقع السوري حمل مفاجأة صارخة: على الرغم من نجاح القوات الروسية، بالتعاون مع الجيش السوري والمليشيات الرديفة، في استعادة مساحات واسعة من البلاد كانت تحت سيطرة المعارضة المسلحة، فإن الكلمة السياسية العليا لم تكن من نصيب موسكو. خلال أحد عشر يوماً فقط، نجحت قوى إقليمية ودولية – في مقدمتها الولايات المتحدة وتركيا و"إسرائيل" – في قلب الطاولة، والإطاحة فعلياً بالنظام السوري، وتقديم سلطة جديدة مصممة على مقاس مصالحها. فهل غفلت روسيا عمّا يُحاك؟ أم أنها كانت على علم، وربما شريكة بصمتها؟
إذا كانت موسكو قد فوجئت بما جرى، فإن ذلك يعني فشلاً ذريعاً في تقدير الحسابات الدقيقة، وسقوطاً استخباراتياً لا يليق بدولة بحجم روسيا.
أما إذا كانت مشاركة ضمنية أو رضاً ضمني، فالكارثة أعظم: إذ كيف يُعقل أن تضحي بكل ما بنته خلال عقود من العلاقات والمصالح، دون أن تحصّل ثمناً سياسياً يليق بحجم تدخلها؟ هل كانت تعلم، وتغاضت؟ أم أنها تنازلت في مكان لتحصد في مكان آخر، كجزء من صفقة دولية غير معلنة؟
في الحالتين، فإن روسيا، التي ظهرت في سوريا كقوة لا تُقهر، وجدت نفسها فجأة خارج دائرة القرار، تنظر من بعيد إلى مسرح كانت تظن أنها تسيطر على خشبته وستاره وممثليه.

حين لا يكفي النصر العسكري
لم يعد يكفي في الحروب أن تنتصر بالبندقية وحدها. فالمعارك الحديثة تُحسم في غرف التفاوض، وممرات الاستخبارات، وشبكات النفوذ الخفي. وربما، في الحالة السورية، تبيّن أن من يملك الأرض لا يملك بالضرورة القرار... وأن الانتصار العسكري قد يكون، في بعض الأحيان، شكلاً مموهاً للهزيمة.

تداعيات قادمة... وسيناريوهات مفتوحة
ما حدث في سوريا لا يُمكن عزله عن السياق الأوسع لصراع النفوذ العالمي، حيث تعيد القوى الكبرى رسم خرائط الهيمنة بأدوات أكثر مرونة وخبثاً. وإذا كانت روسيا قد اكتشفت متأخرة أن السيطرة العسكرية لا تكفي لضمان موطئ قدم دائم، فإن هذا الدرس القاسي لن يمر مرور الكرام على استراتيجيتها القادمة، لا في سوريا فقط، بل في سائر مناطق نفوذها. أما بالنسبة لسوريا، فإن هذا التحوّل يُنذر بمرحلة شديدة التعقيد، تُعاد فيها هندسة السلطة وفقاً لمصالح متعددة ومتناقضة في آن معاً.
ومن غير المستبعد أن تشهد البلاد، في السنوات المقبلة، المزيد من التبدلات في موازين القوى الداخلية، لا بفعل إرادة السوريين، بل بتصميم خارجي دقيق تُرسم ملامحه في أنقرة وواشنطن وتل أبيب، وربما في موسكو أيضاً... ولكن من مقعدٍ أبعد هذه المرّة.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديق نفسه
- السوريون بين مطرقة العقوبات وسندان الفساد: هل من مخرج؟
- التطبيع الزاحف: كيف يُهيَّأ الشعب السوري لقبول المستحيل؟
- جدوى الكفاح المسلح في ظل التحولات الدولية: بين الواقع والتطل ...
- حين يتجاوز ترامب -إسرائيل-: دلالات التفاهم مع الحوثيين
- الصراع المتجدد بين الهند وباكستان: جذور تاريخية وتحديات معاص ...
- جنازة الضمير في بث مباشر
- ظاهرة الإساءة إلى الأديان: من يؤجّجها؟ وكيف نواجه تداعياتها؟
- من حرب المصالح إلى خطر التقسيم.. سوريا أمام مفترق طرق
- الوطنية بين الشعارات الجوفاء والممارسات المكشوفة
- من زنزانة إلى طاولة المفاوضات.. هل تدرك أنقرة قيمة ورقة أوجل ...
- الفساد والانفتاح.. إعدام الاقتصاد السوري
- الواقع الأمني والاجتماعي في الساحل السوري.. مجازر وقلق وخيبا ...
- اليسار نائم: الرجاء عدم الإزعاج!
- -ثوار- خارج الخدمة
- اللجنة الوطنية للتحقيق: عندما تتحول المجازر إلى مسلسل شهري ب ...
- رسالة إلى سلطةٍ لم تَعُد ترى إلا ما تُريد..
- سكاكين المخطط: سوريا خارج التاريخ
- المجازر وخريطة التقسيم: كيف تؤدي الفظائع إلى تفتيت الأوطان؟
- لماذا تقلّ نسبة الجرائم في الدول الاسكندنافية؟


المزيد.....




- مصر.. حكم قضائي بإيداع نجل محمد رمضان في دار رعاية
- ترامب لديه -مشكلة صغيرة- مع رئيس آبل تيم كوك بشأن خطط تصنيع ...
- دردشة حول أصول التورتيلا المدريدية بين إيفا لونغوريا ومراسل ...
- بالصور.. من رافق ترامب بزيارة بيت العائلة الإبراهيمية في أبو ...
- اللقطات الأولى من داخل المفاوضات الروسية الأوكرانية في إسطنب ...
- قاعدة العديد في قطر: أكبر قاعدة جوية أمريكية في الخارج
- هدايا واستثمارات وصفقات بتريليونات الدولارات: هكذا عاد ترامب ...
- 70 مهنة محظورة على اللاجئ الفلسطيني في لبنان.. تعرّف عليها
- لقاء روسي أمريكي قبيل المفاوضات المباشرة مع أوكرانيا في إسطن ...
- وفاة متسلقين هندي وفلبيني على جبل إيفرست


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - النصر الروسي في سوريا... هزيمة بصيغة أخرى؟