ضيا اسكندر
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 12:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يكن يوم 22/6/2025 سوى مشهدٍ يُضاف إلى سلسلة وجع طويل؛ أجراس مار إلياس قُطعت بانفجار، وتراتيل الصلاة غُصّت بصراخ الضحايا، فيما الغبار غلّف وجوه الأطفال وكأن الموت أصبح معتاداً على الحضور في قدّاس الفجر.
ففي ذلك المساء المشؤوم، فجّر إرهابي تكفيري نفسه داخل كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق، في مجزرة مروعة راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى.
تأتي هذه الجريمة البشعة ضمن سلسلة من الاستهدافات الممنهجة التي طالت ما يُسمّى "الأقليات الطائفية"، منذ أن تسلّمت "هيئة تحرير الشام" زمام السلطة في دمشق، في الثامن من كانون الأول 2024، بترتيب وتواطؤ إقليمي ودولي. ولا حاجة هنا لاستعراض تلك الحوادث التي أصبح الرأي العام السوري على دراية بتفاصيلها المأساوية.
ومع تواتر هذه الأحداث، يبرز تساؤل لا مفرّ من طرحه: هل ما جرى ويجري - وما قد يجري لاحقاً - من تضييق متزايد على الحريات الشخصية، واستهدافٍ لكل من لا يتماهى مع فكر "هيئة تحرير الشام"، بغضّ النظر عن انتمائه، حتى من الطائفة السنية نفسها، سيزول تدريجياً مع استمرار هذه السلطة في الحكم؟ أم أننا أمام منظومة لا تفتقر فقط إلى القدرة على التغيير، بل ترفضه أصلاً، كونه يتعارض مع أيديولوجيا متغلغلة في بنيتها الفكرية، ترى في الآخر المختلف عدواً يستحق الإقصاء أو الفناء؟
في تقديري، لا أمل يُرجى من هذه السلطة، بل إن القادم سيكون أشدّ سواداً إن استمرت في الحكم.
إذ إن أكثر من 90% من القيادات السياسية والعسكرية والأمنية التابعة لها، وكذلك الفصائل الجهادية الداعمة، تتبنى العقيدة الدينية ذاتها، وهي عقيدة لا تؤمن بالتسامح أو التعددية أو العيش المشترك، وفقاً لتفسيرها المتشدد للنصوص الدينية.
ولا مخرج لسوريا مما ينتظرها من ويلات وكوارث إلا بفصلٍ حاسم بين الدين والدولة، وإقامة نظام علماني عادل، يحفظ حقوق الجميع دون تمييز.
إن لم نواجه هذا الفكر الظلامي، ونعالجه من جذوره، فإن انفجار كنيسة اليوم سيكون استمراراً لمسلسل طويل من العنف، يطمس ما تبقى من سوريا التعددية والمدنية، ويغرقها في نفقٍ لا نهاية له.
فلنصرخ بما تبقّى فينا من إنسانية:
كفى موتاً... كفى صمتاً... كفى تواطؤاً.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟