ضيا اسكندر
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8403 - 2025 / 7 / 14 - 14:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ السابع من تشرين الأول 2023، دخل الفلسطينيون فصلاً جديداً من فصول الإبادة، وكأنّ سبعة عقود من الاحتلال والتهجير والقمع لم تكن كافية لكتابة مأساتهم. مجازر تُبثّ على الهواء، وأشلاء أطفال تُنشر على منصات الإعلام، وبيوت تتساقط على رؤوس ساكنيها، ولا أحد يهتز له ضمير أو يُحرّك ساكناً. أكثر من خمسين ضحية في اليوم الواحد، جلّهم من الأطفال والنساء، والآلة الإسرائيلية تمضي في غيّها كأنها في نزهة دموية تحت حماية صمت عربيٍّ خانع، ودوليٍّ فاجر.
العالم لا يرى، لا يسمع، لا يتكلم. مواثيق حقوق الإنسان تُدفن مع كل طفل فلسطيني، والاتفاقات الدولية تُمسح كما تُمسح الأحياء الفلسطينية عن الخريطة. لا غذاء، لا دواء، لا ماء، لا مأوى، لا كهرباء، لا أمان.. ولا ضمير.
الفلسطيني يُهجَّر من حيٍّ إلى حيّ، من خيمة إلى خيمة، من كابوسٍ إلى كابوس، وتُلوَّح له العصا: "إمّا أن ترحل إلى سيناء، أو الأردن، أو حتى أوروبا، أو أن تُدفن هنا!" هذه ليست نكبة واحدة، بل نكبات تتناسل، وتتكاثر، وتحمل أسماء العار المعاصر: عجز، تآمر، تواطؤ، وانبطاح.
أما العرب؟ فصمتهم صار أكثر إيلاماً من القصف ذاته. أنظمةٌ لا ترى في الدم الفلسطيني إلاّ حرجاً دبلوماسياً، أو أزمة علاقات عامة، تتفاوض على التطبيع فوق أنقاض غزة، وتبتسم في المحافل الدولية بينما الأطفال يُنتشلون من تحت الركام.
وأما "الأصدقاء" من الغرب والشرق، الذين طالما صدّعونا بخطابات حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية، فإنهم الآن يوزّعون الذخيرة، ويغطّون المجازر بخطابات "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وكأن الفلسطينيين ليسوا بشراً، أو كأن الأرض لا تعترف بحقهم في الحياة.
في هذا الجحيم، من يلوم الفلسطيني إن غادر أرضه؟ من يجرؤ أن يحاسبه إن بحث عن مأوى، عن شربة ماء، عن لحظة دفء أو ظلّ كرامة؟ وهل هناك من كرامة تُبنى على الرماد والخذلان؟
إن لم يكن هذا هو العار، فما هو العار إذاً؟
عارٌ يلطّخ جبين كلّ من التزم الصمت، وركن إلى الخوف، وتواطأ مع القاتل، أو برّر له جريمته.
أيها العالم... إنّ الدم الفلسطيني لا يغفر.
وسيعبر التاريخ من هنا، من تحت هذا الركام، ليقول:
مات أطفال غزة لأن الإنسانية خذلتهم.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟