أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - اتفاق دمشق – إسرائيل: هل فقدت الدولة سيادتها؟














المزيد.....

اتفاق دمشق – إسرائيل: هل فقدت الدولة سيادتها؟


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 14:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كُشِف مؤخراً عن اتفاق مفاجئ جرى بين السلطات السورية الجديدة وإسرائيل، برعاية أمريكية، في لقاءات جمعت مسؤولين من الطرفين في باريس، أعاد رسم الوضع في الجنوب السوري بشكل غير معتاد، وطرح أسئلة كثيرة حول مستقبل السيادة، ودور الدولة، ومن يملك القرار الحقيقي على الأرض.

ما هو نص الاتفاق؟
نصّ الاتفاق، حسب ما نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصادر إعلامية أخرى، على البنود التالية:
- تسليم إدارة محافظة السويداء للولايات المتحدة بدلاً من الحكومة السورية.
- انسحاب قوات الأمن والعشائر من القرى الدرزية.
- السماح للفصائل الدرزية بتمشيط المناطق لضمان خلوّها من القوات الرسمية.
- تشكيل مجالس محلية من أبناء السويداء لتقديم الخدمات.
- نزع السلاح من درعا والقنيطرة وتشكيل لجان أمنية غير مسلحة.
- منع دخول مؤسسات الدولة السورية إلى السويداء، باستثناء منظمات الأمم المتحدة.

ماذا يعني هذا الاتفاق فعلياً؟
الاتفاق لا يخص الجنوب وحده، بل يُعدّ نقطة تحوّل مفصلية تكشف تغيّراً جذرياً في بنية الدولة السورية.
لعلّ من أخطر ما يمكن استنتاجه اليوم، هو أن ما جرى في السويداء ليس مجرد استثناء، بل فاتحة لما سيليه. إنه إعلان صريح – وإن لم يُكتب بالحبر الرسمي – عن بداية تفكّك الدولة المركزية التي حكمت البلاد بالقبضة الحديدية لعقود.
نعم، وداعاً للمركزية المقيتة، لكن ليس كما كنا نطمح، عبر إصلاحٍ مدروس أو حوار وطني شامل، بل ما حصل كان من خلال تشظٍّ عبثي ترعاه العواصم وتُغذّيه الحسابات الدولية، ليغدو التفكك قدَراً، بدلاً من أن تكون اللا مركزية خياراً سيادياً نابعاً من إرادة السوريين أنفسهم.

هل يشكّل هذا الاتفاق خطراً على السيادة؟
نعم، وبكل وضوح.
فالسيادة ليست شعاراً يُرفع في الخطب، بل سلطة فعلية وقرار مستقل، وما كُشف عنه يُظهر عكس ذلك تماماً. حين تُسلَّم محافظة كاملة لرعاية أجنبية، وتُدار شؤونها بعيداً عن العاصمة، نكون أمام تفكيك مُمنهج لما تبقّى من كيان الدولة.
أما صمت دمشق، فلا يمكن قراءته إلا كعلامة على فقدان السيطرة، أو كقبولٍ مهين بواقع فُرض عليها، فانحنت له مجبرةً... صاغرة، وربما راضية في قرارة عجزها.
وليس هذا ما كان يُرتجى أو يُؤمَل.
لم تكن المطالبة بالخلاص من السلطة المركزية دعوة للفوضى أو الاستقواء بالخارج، بل كانت حلماً بانتقال سلمي نحو اللا مركزية، كما تفعل الدول التي تحترم شعوبها.
كنا نأمل أن يتم ذلك عبر حوار وطني حقيقي، عبر تفاهمٍ سوري – سوري، لا عبر إملاءات تملى من خلف البحار.
أردناها لامركزية تُبنى على الإرادة الشعبية، لا على خرائط النفوذ.
لكن، عوضاً عن ذلك، وجدنا أنفسنا أمام "تفكيك قسري" لا "إصلاح طوعي"، أمام واقع تُرسم ملامحه في الخارج، ويُفرض على الداخل، باسم الاستقرار، بينما يسرق ما تبقّى من السيادة والكرامة والقرار.

خلاصة
الاتفاق بين دمشق وإسرائيل ليس مجرّد تفاهم سياسي، بل علامة فارقة في مسار انهيار الدولة السورية.
فحين تُنزع إدارة الأرض من يد العاصمة، وتُوزّع صلاحيات الحكم على الخارج والفصائل، نكون أمام تحوّل جذري في شكل الدولة، لا يُبشّر بولادة جديدة، بل بمحو ملامحها القديمة.
ما جرى في باريس لم يكن اتفاقاً، بل مرآة كاشفة لخرابٍ تراكم طيلة سنوات. خرابٌ بدأ حين اختزل النظام البعثي الساقط الوطن في شخصه، فرفع شعار "أنا أو لا أحد"، وخنق كل فرصة للحل السياسي، قبل أن يُلقي بالقرار الأممي 2254 في زنزانة العناد.
ثم أتت الحكومة الانتقالية، لا لتصحّح المسار، بل لتتسكّع على أبواب العواصم، تطارد الاعتراف، وتُهدر ما تبقّى من المبادئ، مستعجلة نحو ترتيباتٍ دولية لا تلامس لبّ المأساة، متجاهلة أن مفتاح الحل الحقيقي ما زال مصلوباً على بوابة القرار 2254، حبيس الأدراج منذ سنوات.
في المحصّلة، قد يُخفف هذا الاتفاق بعض التوتر، لكنه لا يُقرّبنا من حلٍ حقيقي، بل يُنذر بتكريس واقع جديد، تتحوّل فيه سوريا إلى ساحة نفوذٍ متشابك، تُدار من الخارج، ويُقصى عنها شعبها، وتُمنَع من أن تنهض كدولة وطنية عادلة، حرّة، جامعة لكل أبنائها.
ويبقى السؤال معلقاً في فراغ السيادة الممزقة:
هل ما نعيشه هو بداية خلاص... أم نُذر النهاية؟



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يُكافأ الشرف بالحصار.. هل جُنّت الحكومة الانتقالية؟
- الحقد لا يسقط من السماء.. بل يصعد من الجحيم
- بلد الفزعات؟ أيّ وطن هذا؟!
- من السويداء إلى سايكس بيكو جديد... حين يصبح التقسيم حلاً مرغ ...
- من الساحل إلى السويداء.. متى يسقط الخوف؟
- العالم ليس صامتاً... العالم شريك في الجريمة
- هل تُفرّط حكومة الشرع بالجولان مقابل طرابلس؟
- هوية بصرية.. أم بصيرة غائبة؟
- حين تصبح البديهيات مادةً للجدل
- الصلاة في زمن الخوف
- هل مجزرة -كنيسة مار إلياس- آخر -التجاوزات الفردية-؟
- الردع الرمزي وتوازن الهيبة
- الثغرات القاتلة.. قراءة في فشل استخبارات إيران خلال الحرب
- ترامب.. بائع السلام الذي يشعل الحروب
- الأسد الصاعد والوعد الصادق: صراع البقاء بين تل أبيب وطهران
- هل تركيا الهدف التالي بعد إيران؟ قراءة في تحذيرات زعيم القوم ...
- يا للعجب! ويا للمهزلة!
- الضربة التي لم تفاجئ أحداً.. حين يُضرب الكبرياء الإيراني فجر ...
- وسام العزاء الذهبي
- حين تتحوّل النقابات إلى فروع أمنية


المزيد.....




- مقطورات مغمورة ومركبات عالقة.. شاهد نتائج الفيضانات الخطيرة ...
- بايدن يُحذر: أمريكا تواجه -أياما مظلمة- في عهد ترامب
- مصر.. تداول فيديو لشخص يدعي أنه ضابط شرطة -مختف قسريا- والدا ...
- -هذا موت وليس مساعدة أو طعامًا-.. شاهد ردود فعل سكان غزة على ...
- -مصالح مشتركة-.. أيّ دور لعبته حرب غزة في تقارب السيسي وأردو ...
- البرلمان السلفادوري يمنح الرئيس بوكيلي قابلية الترشح إلى ما ...
- قوافل المساعدات تدخل السويداء وسط هدوء حذر
- خطة سحب سلاح المخيمات.. حسابات ما بعد -دبور-
- دمشق تشكل لجنة تحقيق في أحداث السويداء
- بعد وفاة شاب وإصابة 6 بحفلة محمد رمضان يزعم: كانت محاولة اغت ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - اتفاق دمشق – إسرائيل: هل فقدت الدولة سيادتها؟