ضيا اسكندر
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8406 - 2025 / 7 / 17 - 11:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يكن القصف الإسرائيلي الأخير على محيط القصر الجمهوري ومبنى وزارة الدفاع في دمشق مجرد ردٍّ عسكري عابر، بل رسالة سياسية مشفّرة تتجاوز حدود الحدث الأمني. فالظهور بمظهر "الحامي" لطائفة بعينها، في ذروة الاشتباكات بين بعض عشائر البدو وأهالي السويداء، يحمل في طياته ما هو أخطر من مجرد دعم موضعي: إنه تثبيتٌ لدور "إسرائيل" كفاعل إقليمي في المعادلة السورية، وتكريسٌ لصورة السلطة المركزية كخصم لا كضامن.
ما حدث أمس في دمشق ليس سوى نتيجة متوقعة لمسار خاطئ سارت فيه سلطة البعث الساقطة، بدءاً من لحظة الإنكار الأولى لصوت الناس في 2011، حين أُقصي الحوار، واستُبدل بحلٍ أمني ـ عسكري صارم، لتأتي حكومة الشرع وتعتمد الأسلوب ذاته.
لقد نبّهنا مراراً إلى أن مثل هذه السياسات لن تنتج إلا مزيداً من الانفجارات، وأن ما جرى في السويداء ليس حادثاً عرضياً، بل نتيجة طبيعية لمسار سياسي مأزوم. ووفقاً لمنطق التحليل الماركسي، فإن النتائج، حين تُهمَل معالجتها، تتحول إلى أسباب منتجة لمزيد من الكوارث.
وهكذا، حين يشعر الناس في مناطق الأطراف ـ كما في السويداء ـ بأن السلطة المركزية لم تعد حامية لهم بل أداة إذلال وتهديد لكرامتهم، فإن الميل نحو القبول بالتقسيم، يصبح خياراً "منطقياً" في أعينهم، لا بسبب رغبة انفصالية مسبقة، بل بفعل الخلاص من سلطةٍ تستبدل الأمن بالقهر، والوحدة بالإقصاء، والكرامة بالولاء.
وما يفاقم هذا الواقع، هو دخول قوى إقليمية ودولية على خط الأزمة، مستعدة لتمويل وتسليح ودعم أي مشروع يُضعف الدولة السورية ويفكك نسيجها، تحت لافتات برّاقة مثل "الحماية" و"التمثيل" و"الخصوصية".
ما نكرره منذ أكثر من أربعة عشر عاماً، نعيد تأكيده اليوم بمرارة أشد: لا خلاص من هذا النفق المظلم إلا عبر حل سياسي شامل، جامع، يحترم التعدد، ويؤمن بالعدالة، وينطلق من القرار 2254 لا من فوهات البنادق. وإلا، فإن الطريق إلى التقسيم سيكون معبّداً بالنوايا الطيبة والدماء البريئة.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟