أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - السويداء في القلب.. وستبقى














المزيد.....

السويداء في القلب.. وستبقى


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 16:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في قلب الجبل، حيث تُعانق الكرامة كبرياء الحجر، خرجت السويداء من صمتها الطويل لتصرخ في وجه الطغيان: كفى.
كفى للمجازر التي ارتكبتها وزارات الدم، كفى للتحريض الطائفي الذي غذّته السلطة عبر أدواتها المأجورة من بعض العشائر، كفى للحصار الذي حوّل المحافظة إلى سجنٍ كبير بلا دواء، ولا غذاء، ولا حليب للأطفال، ولا ماء ولا كهرباء… كفى لحياةٍ لم تعد حياة، بل موتاً بطيئاً يُنفَّذ بدمٍ بارد.
إنها آهة جبلٍ جُرح في كرامته، ودماء أُهدرت بلا حساب.

المآسي المتلاحقة دفعت أبناء جبل العرب إلى رفع سقف مطالبهم، فبعد أن كان مطلبهم لا يتجاوز حدود اللامركزية لإدارة شؤونهم، وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه أمام خيارٍ أكثر جذرية؛ المطالبة بحق تقرير المصير، أي الانفصال التام عن دولةٍ لم تحمِهم بل غدرت بهم مراراً. وهنا انقسمت الأصوات؛ بين من عدَّ هذه المطالب صرخة مشروعة بعد أن فاض الكيل وانقطع الأمل بالعيش المشترك، وبين من سارع إلى تخوين الدروز واتهامهم بالانخراط في مشاريع خارجية، مشيراً بأصابع الاتهام إلى العلم الإسرائيلي الذي ارتفع في ساحة الكرامة بجوار علم الموحدين. وهو فعلٌ مرفوض ومدان، لا يعبّر عن روح أبناء الجبل ولا عن نضالهم الوطني، بل يُعطي خصومهم الذريعة لتشويه قضيتهم وربطها بالمخططات التقسيمية التي تهدد بتمزيق البلاد بأسرها. ولم يكتفِ هؤلاء بذلك، بل مضوا في التحذير من أنّ هذه العدوى قد تتمدد إلى الساحل وإلى شمال وشرق سوريا.
لكن الحقيقة الأعمق أن ما آلت إليه سوريا من تفكّك وانهيار، لا يُعزى إلى اللحظة الراهنة فحسب، بل هو حصاد تراكمات طويلة من الاستبداد والفساد، يتحمّل وزرها أولاً نظام العهد الساقط، الذي أصرّ على رفض كل المبادرات السياسية، وفي مقدمتها القرار الأممي 2254.
ثم جاءت سلطة الأمر الواقع، بقيادة "هيئة تحرير الشام"، لتزيد الجراح نزفاً؛ فمارست التهجير والقتل، وحلّت الجيش والشرطة، وسرّحت مئات الآلاف من الموظفين، وفتّتت ما تبقى من مؤسسات الدولة، تاركةً الوطن بلا ملامح، بلا هوية، بلا أمل.
من الساحل إلى أشرفية صحنايا وصولاً إلى السويداء، طالت مجازرها، ومنطق الإلغاء شرائح واسعة من السوريين، حتى الطوائف السنية المعتدلة التي رفضت الفكر السلفي الجهادي المتطرف لم تُستثنَ من بطشها.
أمام هذا الواقع القاتم، لم يعُد الحديث عن الفيدرالية من المحرّمات، بل صار كثيرون يقبلون بأي حلّ يضمن لهم البقاء، ولو كان الثمن تقسيم البلاد إلى دويلات. فالروح، في زمن الموت المجاني، أقدس من الحدود والشعارات.

ومع ذلك، ما زلنا نؤمن أن سوريا تستحق فرصة أخيرة. فرصة تُبنى على العقل لا على الغريزة، على الحوار لا على الإقصاء. فالحل ليس في الانفصال ولا في تقسيم الخراب، بل في تطبيق صادق وكامل للقرار 2254، عبر مؤتمر وطني جامع لا يُقصي أحداً، يفرز حكومة وحدة وطنية بصلاحيات حقيقية، ويكتب دستوراً عصرياً يعيد لسوريا ملامحها المفقودة.

خطابنا هذا لا نوجهه إلى سلطة الأمر الواقع التي اعتادت أن تصمّ آذانها عن صوت العقل، بل إلى الشعب السوري بكل أطيافه، ليشكّل جبهة وطنية ديمقراطية عريضة، تستخدم كل وسائل النضال السلمي، المعترف بها عالمياً، وتلفت انتباه الدول الصديقة التي نأمل أن تكون كذلك بالفعل لا بالقول، لتقف إلى جانبنا في معركة المصير، وتساعدنا في إنقاذ ما تبقى من وطن.
السويداء في القلب… وستبقى، لا لأنها تتمرد، بل لأنها تذكّرنا أن الوطن بلا عدالة قبرٌ كبير، وأن الكرامة ليست ترفاً يُمنح، بل حقاً يُنتزع بدماء الأحرار.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين ينهزم الوزير أمام صمت الأسير
- في دهاليز الصمت.. حكاية تقريرٍ مخبّأ ومجازر لا تنسى
- غزة… بين مخالب الإبادة وفخّ التهجير
- ما قصة النفير العام في سوريا؟
- هل يمكن لهيئة تحرير الشام أن تقود مشروعاً ديمقراطياً في سوري ...
- من خطاب الدولة إلى خطاب المكونات: هل ضاعت سوريا في متاهة اله ...
- نزع السلاح.. هل هو بداية نهاية لبنان؟
- مأساة التشرذم في قضايا الشعوب
- من مراعاة النظام إلى تمثيل الكرد.. هل تغيّرت روسيا؟
- روسيا والمأساة السورية الممتدة
- أشباحُ الابتسام
- اتفاق دمشق – إسرائيل: هل فقدت الدولة سيادتها؟
- حين يُكافأ الشرف بالحصار.. هل جُنّت الحكومة الانتقالية؟
- الحقد لا يسقط من السماء.. بل يصعد من الجحيم
- بلد الفزعات؟ أيّ وطن هذا؟!
- من السويداء إلى سايكس بيكو جديد... حين يصبح التقسيم حلاً مرغ ...
- من الساحل إلى السويداء.. متى يسقط الخوف؟
- العالم ليس صامتاً... العالم شريك في الجريمة
- هل تُفرّط حكومة الشرع بالجولان مقابل طرابلس؟
- هوية بصرية.. أم بصيرة غائبة؟


المزيد.....




- -أوهام سياسية-.. بيان للأزهر يرد على تصريحات نتنياهو عن -إسر ...
- استدعاء ماهينور المصري للتحقيق في قضية جديدة أمام نيابة أمن ...
- لماذا قررت قطر والأردن حظر روبلوكس؟
- مستشفى شيبا الإسرائيلي: ارتفاع حاد في استهلاك المواد الأفيون ...
- العراق: كفاح لإحياء فن رقص الباليه
- التدمير الممنهج يحيل حيي الشجاعية والتفاح بغزة إلى أطلال
- الصومال يعلن قتل قيادي بارز في حركة الشباب
- مجلس الشيوخ الأميركي يطارد -ميتا- بسبب روبوتات الذكاء الاصطن ...
- أمريكا تتصدر قائمة أكبر 10 دول مانحة للمساعدات إلى أوكرانيا ...
- تطورات الحالة الصحية للفنّانة الكويتية حياة الفهد


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - السويداء في القلب.. وستبقى