أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق فتحي - اجتماعية المسرح ... بحث في الاشباح الجماعية














المزيد.....

اجتماعية المسرح ... بحث في الاشباح الجماعية


طارق فتحي

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 18:13
المحور: الادب والفن
    


هذا هو العنوان الرئيس لمقالة عالم الاجتماع العراقي الدكتور عبد الجليل الطاهر 1917-1971، وقد عثرت عليها بالصدفة، وهي مكونة من أكثر من ثلاثين صفحة، تعد من المقالات النادرة، تتحدث عن أهمية المسرح داخل المجتمع، وكيف انه من الممكن ان يكون تأثيره كبيرا "كل أبداع وخلق جديد ينفجر من خشبة المسرح ومن ثم ينتقل الى اذهان الناس"؛ وتكمن أهمية هذا البحث في انه لفت الانتباه الى قضية الفن، وخصوصا الفن المسرحي، وما يمكن ان يتمخض عنه، من تربية المجتمع، والمساهمة في عملية التغيير.

يستشهد الطاهر بعبارة الفيلسوف والشاعر الألماني شيللر 1759-1805 القائلة "ان المأساة اليونانية هي التي كان لها الفضل في تكوين اليونان وتعليمهم وتهذيبهم لأنها تعبر عن حياة مثالية لا يتحقق فيها الا جزء من مطامح اليونان وامالهم"؛ بهذا القول ينطلق الطاهر من ان من الممكن ان يحقق المسرح كفعل جماعي في تكوين وتعليم وتهذيب المجتمع، وهو يستشهد بأعمال خالدة اثرت ولا زالت تؤثر في المشهد الحياتي "اوديب، هاملت، فاوست".

يعيب الطاهر على علم اجتماع المسرح من أنه لم "يحرز نجاحا ملحوظا"، بسبب كما يقول من أنه "جعل الباب مفتوحا لكل من هب ودب"، فكانت النتيجة "دخوله-علم اجتماع المسرح- في مسالك ومتاهات مظلمة، جعلت مفاهيمه عرضة للغموض والتشويه"، لهذا فقد "اقتصر نشاطه، في الوقت الحاضر، على التحليل الاحصائي للجمهور، دون ان يعنى في التفاعل القائم والمستمر بين العمل الفني المسرحي وجمهور المشاهدين"؛ المفارقة التي تجدها وانت تقرأ بحث الدكتور الطاهر خصوصا بهذه النقطة "علم اجتماع المسرح"، ورؤيته بقصور هذا الفرع من علم الاجتماع، المفارقة ان هذا الفرع قد غاب تماما، ان لم نقل انه انتهى ولم يعد له اثر، بسبب ان المسرح قد غاب، فلا يمكن الحديث عن مسرح في عصر الإسلام السياسي، فهم ضد كل أنواع الفنون، وقد قتلوها تماما.

ولهذه النقطة يركز الطاهر في تفسيره لماذا لم يتطور الفن في العالم الإسلامي بعكس المجتمع الانجلو- سكسوني، فهو يقول "سيطرت فكرة الإصلاح الديني على المجتمع الانجلو-سكسوني. لهذا فقد لجأوا الى التجربة الفنية المسرحية التي وجدوا فيها معينا لا ينضب للخبرة المتجددة" بعكس المجتمع الإسلامي "الذي امن بقدرة الله المستمرة على الخلق والابداع فلم يتعب نفسه في البحث المنظم عن تطلع حي مادي للنظام البشري"؛ وهذا أحد أروع الاستنتاجات المنطقية بقضية الفن عموما، والمسرح بشكل خاص.

"من الممكن ان نتحدث عن مسرح بورجوازي ومسرح شعبي"، هذه القضية جوهرية في فهم ما يطرح من قضايا على خشبة المسرح، مع انها غابت عن فهم الكثير من هذا الجيل من الفنانين والنقاد والمؤلفين، والطاهر اذ يتحدث عن تلك الفروق فهو قد عاش في زمن ذهبي للمسرح، كانت هناك مسرحيات الرواد من جيل يوسف العاني وسامي عبد الحميد وخليل شوقي وإبراهيم جلال وغيرهم الكثير، وكان المسرح يعج بالمشاهدين، وكانت المسرحيات جادة وصارمة، تطرح قضايا وهموم الناس السياسية والمعاشية والاجتماعية، وكانت انعكاساته واضحة على المجتمع الى حد ما.

كانوا الفنانين-ات ملتزمين جدا، كانوا يعرفون انهم يقدمون رسالة للمجتمع، يرومون بها ان يكونوا مساهمين في عملية التغيير، ف "المسرح داخل المجتمع والمجتمع على المسرح"، الى ان وصل الحال بالفن والفنانين ان يلتقطوا صورا مع قادة قوى الإسلام السياسي ويتباهوا بها، ان يقول أحدهم انه من "رجال السيد"، ان تتباكى احدى "الفنانات" على قادة الميليشيات، أن يٌخرج أحدهم مسرحية للميليشيات، ان تمثل احداهن مسلسلا للميليشيات؛ لقد ساهم "فنانوا" اليوم بموت الفن بشكل عام، وخصوصا المسرح.

يختم الرائد الدكتور عبد الجليل الطاهر بحثه الرائع بهذه الكلمات عن المسرح:

"كان ابطال الروايات قديما آلهة، وملوكا وافراد، فصاروا تجارا وصناعا وصيارفة وأطباء ومحامين وغيرهم. وأخيرا انتقلت الترجمة المسرحية في تقدمها الى أوسع الجماهير فأصبح الابطال-عمالا وفلاحين وجنودا ومثقفين- من أبناء الشعب- وصار المسرح مدرسة كبرى على خشبة تعرض خلجات المجتمع وصوره الذهنية".

الذكر الطيب للرائد الدكتور عبد الجليل الطاهر على ما قدمه من اسهامات فذة في مسيرة علم الاجتماع في العراق.



#طارق_فتحي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة الانحطاط الأخلاقي لأعضاء مجلس النواب العراقي
- (هناك محرقة في غزة)
- تصريحات عراقجي ... تلويح ام لملمة؟
- في ذكرى مأساة هيروشيما
- من اين أتت صورة رجل الدين؟
- الجفاف يضرب بقوة
- الفلسفة في برلمان الإسلاميين
- ويرحل زياد الرحباني... 1956-2025
- الإسلاميون ومفهوم (الوطن)
- غزة... الموت جوعا
- ما العمل؟
- هل يحق لجاسم الحلفي نقد علاء الركابي؟
- حول تصريحات المشهداني
- الانتحار في الموصل
- الاستخدام السياسي لقضية المهدي المنتظر
- بهدوء مع (حصر السلاح بيد الدولة)
- المرجعية.. مقتدى الصدر... وعمق الازمة
- ما الذي يعنيه (تجريم الطائفية)؟
- الانحطاط الأخلاقي لأعضاء مجلس النواب العراقي - مصطفى سند إنم ...
- لماذا إعادة المقال؟ مفيد الجزائري وعاشوراء


المزيد.....




- قصر الكيلاني يتحول إلى مركز عالمي للخط العربي والفنون الإسلا ...
- مطالب بوقف عرض -سفاح التجمع-.. والمخرج: لا نوثق الجرائم الحق ...
- الاكتئاب.. مرض خطير جعلته بعض الأفلام حلما للمراهقات
- اُستبعدت مرشحة لبطولته بسبب غزة.. كريستوفر لاندون يتحدث عن ر ...
- معلمو اليمن بين قسوة الفقر ووجع الإهمال المزمن
- باب الفرج في دمشق.. نافذة المدينة على الرجاء ومعلم ناطق بهند ...
- ربما ما تتوقعونه ليس من بينها.. كوينتن تارانتينو يكشف عن -أف ...
- كلية الفنون الجميلة في دمشق تمنع الموديل العاري.. فهل سيؤثر ...
- رحيل الفنانة السورية إيمان الغوري.. وداعًا -خيرو-
- مراسم وداع في كييف لفنان أوكراني قُتل على الجبهة في زابوريجي ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق فتحي - اجتماعية المسرح ... بحث في الاشباح الجماعية