أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الجمل














المزيد.....

الجمل


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 8438 - 2025 / 8 / 18 - 02:36
المحور: الادب والفن
    


في إحدى المدن، عاش رجل اشتهر بين أصدقائه بلقب "الجمل". لم يكن اللقب اعتباطيًا، فقد أطلق عليه الأصدقاء هذا الاسم لإعجابهم بصبره وتحمله للأعباء، إضافةً إلى بنيته القوية وطوله اللافت. لكن وراء هذا الاسم تكمن شخصية معقدة لا تخلو من المواقف المتناقضة.

كان الجمل رجلًا اجتماعيًا بطبعه، يحب الظهور وتنظيم المناسبات التي تتيح له استعراض كرمه وذوقه الخاص، أو كما وصفه البعض "حبه للتفاخر". وفي يوم من الأيام، قرر إقامة احتفال كبير في إحدى الحدائق العامة المخصصة للشواء والرفاهية. دعا أصدقاءه المقربين وأقرباء زوجته، في محاولة لخلق أجواء تجمع بين المرح والتواصل العائلي.

انشغل الجميع بالتحضير للاحتفال. زوجته تولت إعداد السلطات والمقبلات، بينما كان عديله يتحمل مسؤولية الشواء. قضى العديل ساعات في تجهيز اللحوم وتتبيلها وتحضيرها على الفحم، وقد بدا عليه الإرهاق لكنه كان سعيدًا بأداء مهمته. كان الجمل يراقب الجميع من بعيد، يُصدر التعليمات ويوزع الأدوار بنبرة زعيم يحتفل بانتصار شخصي.

بعد أن انتهى الجميع من الشواء، التفوا حول الطاولات لتناول الطعام. بدت الأجواء مليئة بالضحكات والأحاديث الممتعة. لكن بينما كانوا يتلذذون بالطعام، وقف الجمل فجأة، ورفع كوب العصير بيده ليطلب الانتباه. توقع الجميع كلمة شكر أو خطابًا يثني فيه على جهود عديله، لكن بدلاً من ذلك قال بفوقية واضحة:
"من يرغب بأكل الخراء عليه أن يحضر ملعقته معه."

ساد الصمت، وعمّت الدهشة الوجوه. لم يستوعب أحد ما قاله في البداية، ثم بدأت الهمسات تتسلل بين الجالسين. نظرات التساؤل والحرج علت وجوه الضيوف، بعضهم حاول كتم ضحكته وبعضهم شعر بالإهانة. كان واضحًا أن كلماته غير متوقعة تمامًا وغير لائقة، خصوصًا بالنظر إلى الجهود التي بذلها الجميع في تحضير الطعام.

بدلاً من الغضب، ابتسم عديله ابتسامة صفراء تعكس مزيجًا من الاستياء وضبط النفس، ثم رد قائلاً:
"أظن أن الملح الذي أضفته للطعام اليوم كان زائدًا... ربما أثر ذلك على ذوق البعض."

ضحك البعض على تعليقه، بينما بدا الجمل وكأنه لم يدرك أو لا يريد أن يدرك الأثر السلبي لكلماته على الحاضرين.

حاول أحد الأصدقاء كسر التوتر بقوله:
"يبدو أن حرارة الفحم أثرت على أعصابنا جميعًا! لنكمل الاحتفال ونترك الحديث جانبًا."

بعد انتهاء الحفل، أصبح هذا الموقف حديث الجميع. بعض الضيوف رأوا أن الجمل شخصية متعجرفة يحب فرض رأيه على الآخرين، بينما دافع عنه آخرون بأنه ربما كان يمزح، لكنه لم يُحسن اختيار كلماته.

أحد المقربين اعتذر من الضيوف جميعاً وقال لهم:
"لصديقنا الجمل لسان صقر وقلب حمامة".

أما عديله، فقد قرر ألا يتدخل مجددًا في حفلات الجمل، مكتفيًا بالقول لزوجته:
"دعِ أخاكِ الجمل بعد اليوم ينظم الأمور بطريقته... أنا أفضل الراحة على هذا النوع من الاحتفالات."

بقي الجمل يحمل هذا اللقب بين أصدقائه، لكن البعض بدأ يراه رمزًا ليس فقط لصبره وقوته، بل أيضًا لقدرته على قول ما لا يُقال دون اكتراث بعواقبه. وعلى الرغم من كل شيء، بقي الجمل نفسه، رجلًا يحمل عبء آرائه كما يحمل الجمل الحقيقي أعباء الصحراء، ببطء وصبر، ودون أن يلتفت كثيرًا لما يُقال عنه.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزام الأسود في الهندسة
- رجال الدين والفيدرالية
- الشحادة الفيسبوكية
- بين الكبرياء والتحدي
- حنين الروح
- بين لغتين
- حين خانني الصمت
- شريط ذكريات مفقود
- الإبداع والكفاح
- التوازن
- الرجل الذي أخضع الكبرياء
- حديقة التفاهم
- الرواية الأولى
- الطفل الذي لم تحتضنه قريته
- دائرة الزمن
- الفنان والواقع
- خمارة على ضفاف الراين
- التأقلم المهني
- السورية الألمانية مادلين هاردت
- في غرفة الرنين


المزيد.....




- انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2025
- لا أسكن هذا العالم
- مزكين حسكو: القصيدة في دورتها الأبدية!
- بيان إطلاق مجلة سورياز الأدبية الثقافية
- سميّة الألفي في أحدث ظهور لها من موقع تصوير فيلم -سفاح التجم ...
- عبد الله ولد محمدي يوقّع بأصيلة كتابه الجديد -رحلة الحج على ...
- الممثل التونسي محمد مراد يوثق عبر إنستغرام لحظة اختطافه على ...
- تأثير الدومينو في رواية -فْراري- للسورية ريم بزال
- عاطف حتاتة وفيلم الأبواب المغلقة
- جينيفر لوبيز وجوليا روبرتس وكيانو ريفز.. أبطال أفلام منتظرة ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الجمل