أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - التأقلم المهني














المزيد.....

التأقلم المهني


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 18:16
المحور: الادب والفن
    


مع حلول عام 2030، شهد العالم تغييرات جذرية قلبت موازين العمل كما عرفها البشر لعقود. الأتمتة الكاملة التي اكتسحت الصناعات والمصانع، مدعومة بتطور غير مسبوق في تقنيات الذكاء الصنعي، أصبحت حقيقة واقعة. الروبوتات لم تعد مجرد أدوات مساعدة؛ بل تحولت إلى العمود الفقري للإنتاج، قادرة على القيام بأعمال معقدة بدقة وسرعة لا تضاهى.

في مدينة "نيوميكرا"، إحدى أكبر المراكز الصناعية في العالم، عاش "عمر"، عامل في أحد مصانع السيارات. كان عمر قد أمضى 15 عامًا في المصنع، يعمل بجد على خط التجميع. كان فخورًا بعمله، فهو لم يكن مجرد مصدر رزق بل جزءًا من هويته. ولكن في أحد الأيام، تلقى رسالة بريد إلكتروني مقتضبة من إدارة المصنع:

"شكرًا لجهودكم. لقد تقرر استبدال خط التجميع بالروبوتات الذكية اعتبارًا من الشهر المقبل."

وقع الخبر على عمر كالصاعقة. كيف يمكن لعمر، الذي لا يعرف سوى العمل في المصانع، أن يجد وظيفة جديدة في عالم تحكمه الآلات؟ جلس وحيدًا في منزله، يراقب الأخبار التي تتحدث عن الملايين الذين فقدوا وظائفهم حول العالم بسبب نفس السبب. كان الأمر أشبه بجائحة من نوع آخر، لكنها هذه المرة لم تكن بيولوجية بل تقنية.

ومع ذلك، لم يكن عمر ممن يستسلمون بسهولة. قرر أن يواجه الواقع الجديد. بدأ بالبحث عن دورات تدريبية عبر الإنترنت لتعلم مهارات جديدة. وجد دورة حول صيانة الروبوتات وبرمجتها. كان الأمر غريبًا وصعبًا في البداية، ولكنه كان مدفوعًا برغبة قوية في التغيير. خلال عامين فقط، أصبح عمر واحدًا من القلائل الذين يمتلكون خبرة في صيانة أنظمة الروبوتات.

في هذه الأثناء، كانت الحكومات حول العالم تحاول التعامل مع الأزمة. في بعض البلدان، أُطلقت مبادرات لتقديم دخل أساسي شامل للمواطنين، بينما سعت دول أخرى للاستثمار في تدريب العمال وإعادة تأهيلهم للعمل في وظائف جديدة تتطلب مهارات تقنية متقدمة. ومع ذلك، بقي هناك شعور عام بالخوف من المستقبل.

في عام 2033، عاد عمر إلى مصنع السيارات الذي كان يعمل فيه، ولكن هذه المرة ليس كعامل على خط التجميع، بل كمهندس مسؤول عن صيانة الروبوتات. وقف أمام خط الإنتاج الجديد، حيث كانت الأذرع الآلية تعمل بتناغم مذهل، وشعر بمزيج من الحنين والفخر. الحنين إلى الأيام التي كان فيها العمل يدويًا، والفخر لأنه استطاع التكيف مع العصر الرقمي.

أصبحت قصة عمر مثالاً يُحتذى به للكثيرين. فقد أثبت أن التغيير قد يكون صعبًا ومؤلمًا، ولكنه يحمل في طياته فرصًا جديدة لأولئك الذين يملكون الإرادة والشجاعة لمواجهته. ومع ذلك، بقيت تساؤلات كثيرة دون إجابة: ماذا عن الملايين الذين لم يتمكنوا من التأقلم؟ هل العالم مستعد حقًا لعصر يتحكم فيه الذكاء الصنعي؟ وهل ستظل قيمة الإنسان مرتبطة بعمله، أم أننا بحاجة لإعادة تعريف مفهوم العمل ذاته؟



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السورية الألمانية مادلين هاردت
- في غرفة الرنين
- المجداف
- جامع جامعة دمشق
- ورشة شعر أدونيسية
- رحلة مع بيغاسوس
- نبض الحياة
- حلم أخضر
- حماة الوطن
- كيفما تكونوا يولى عليكم
- أرض جديدة
- بردى
- ممزّق بين امرأتين
- ماركس وإليانور: بين التنصل والفخر
- هذا كل ما كتبته منذ لحظة سقوط الوحش 5 والأخيرة.
- هذا كل ما كتبته منذ لحظة سقوط الوحش ـ4ـ
- هذا كل ما كتبته منذ لحظة سقوط الوحش 3
- هذا كل ما كتبته منذ لحظة سقوط الوحش ـ2ـ
- هذا كل ما كتبته منذ لحظة سقوط الوحش ـ1ـ
- الطيور والنمل


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - التأقلم المهني