علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 8349 - 2025 / 5 / 21 - 00:25
المحور:
الادب والفن
في قلب جامعة دمشق، حيث يختلط عبق التاريخ بصخب الطلاب، ارتفعت اللافتة البيضاء تعلن عن مشروع جديد: "جامع الطلبة". لم يكن المشروع مجرد بناء عادي، بل كان صرحًا ضخمًا يمتد على مساحة واسعة، بقبابه المزخرفة ومآذنه الشاهقة، ممولًا من تبرعات رجال الأعمال وبعض الجهات الخارجية.
بينما كان العمال يضعون أساسات المسجد، كانت في الجهة الأخرى من الجامعة طوابير طويلة من الطلاب تنتظر وجبة مجانية تقدمها إحدى الجمعيات الخيرية. كان مشهد التناقض صارخًا؛ رافعات تحمل الحجارة الضخمة لبناء المسجد، وأيدٍ تمتد بحثًا عن كسرة خبز.
كان سامر، طالب الهندسة، يراقب المشهد بعينين تملؤهما الحيرة. التفت إلى صديقه عمر وقال: "أي مسجد هذا الذي يُبنى وسط هذا الفقر؟ كيف يمكن أن نصلي هنا وضمائرنا مثقلة بمن يموت جوعًا على بعد خطوات؟"
أجابه عمر، وهو ينظر إلى طلابٍ يتقاسمون ساندويشًا صغيرًا: "يقولون إن الجامع سيكون منارة للعلم والدين، ولكن أليس الجائع أولى من القباب المزخرفة؟"
أصبحت الجامعة ساحة نقاش محتدمة بين مؤيد ومعارض. البعض رأى في الجامع ملاذًا روحيًا، والبعض الآخر اعتبره إهدارًا للأموال في وقت يعاني فيه الناس من ضيق العيش.
وفي أحد الأيام، اجتمع الطلاب في ساحة الجامعة، ورفع سامر صوته قائلاً: "نريد مكتبة، نريد سكنًا طلابيًا، نريد قاعات دراسة مجهزة! المسجد موجود، لكن أين حق الجائع والمشرد؟".
لكن النداءات ضاعت وسط ضجيج الآلات وهدير الجرافات.
استمر البناء، وكبرت القبة، وارتفعت المئذنة، لكن في زوايا الجامعة بقيت العيون جائعة، تنتظر عدالة غائبة.
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟