أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الزمن العكسي














المزيد.....

الزمن العكسي


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 8231 - 2025 / 1 / 23 - 02:52
المحور: الادب والفن
    


في مقهى صغير على أطراف المدينة، يجلس يحيى، الفيلسوف الشاب، مع صديقه الكاتب الطموح سامي. المقهى يعجّ بالروّاد، لكنّ طاولتهما كانت دائمًا محط الأنظار. ليس لأنهما مشهوران، بل لأنّهما يبدوان دائمًا غارقين في نقاشات تتجاوز الفهم التقليدي.

"اسمع يا سامي،" قال يحيى وهو يرتشف قهوته. "أعتقد أن الوقت قد حان لنشر فكرتي عن الزمن العكسي".

"الزمن العكسي؟" رد سامي بدهشة. "هل تقصد أن الزمن يمكن أن يتحرك للخلف؟"

"بالضبط!" قال يحيى بحماس. "فكّر فيها. لماذا نفترض دائمًا أن الزمن يسير في اتجاه واحد؟ ألا يمكن أن تكون هناك أبعاد أخرى يتحرك فيها الزمن بشكل مختلف؟"

ابتسم سامي، لكنه لم يبدُ مقتنعًا. "حسنًا، لنفترض أنك على حق. ماذا يعني ذلك بالنسبة لحياتنا اليومية؟"

"يعني أن كل شيء قد يحدث بالفعل حدث مسبقًا، ونحن فقط نختبره بطريقة معكوسة. ربما نحن نعيش حياتنا مرتين، مرة في الاتجاه الصحيح ومرة في الاتجاه العكسي."

سكت سامي للحظة، ثم قال: "ولكن هذا يبدو عبثيًا، يحيى. من سيصدّقك؟"

"لا أحد،" أجاب يحيى بثقة. "وهذا هو الهدف. الأفكار التي لا يصدقها أحد هي الأفكار التي تغيّر العالم".

في الأسبوع التالي، قرر يحيى تقديم فكرته في ندوة ثقافية محلية. وقف أمام جمهور متنوع من المثقفين والطلاب والمهتمين بالفلسفة. بدأ عرضه بالحديث عن الفيزياء الكمية والأبعاد الزمنية، ثم انتقل بسلاسة إلى فكرته عن الزمن العكسي.

مع كل جملة، ازدادت الهمهمات بين الحضور. بعضهم بدت عليهم الحيرة، والبعض الآخر السخرية، لكن عدداً قليلاً من المثقفين كانوا يهزون رؤوسهم بنوع من الفهم المُتعالي. كانوا من النوع الذي لا يقبل بفكرة إلا إذا كانت تبدو فوق مستوى التصديق.

بعد الندوة، اقترب منه أحد هؤلاء المثقفين وقال: "فكرتك مثيرة للاهتمام للغاية. هل لديك أبحاث تدعمها؟"

"ليس بعد،" قال يحيى. "لكنني أعمل على بناء إطار فلسفي لها".

ابتسم المثقف وقال: "لا تقلق بشأن الأدلة. الأفكار العظيمة لا تحتاج إلى إثبات مباشر. المهم أن تكون جديدة".

وبعدها، بدأت الفكرة تنتشر بين الأوساط الثقافية. لم يكن يهم إن كانت صحيحة أم لا. المهم أنها كانت فكرة عبثية كافية لجذب الانتباه. أصبحت حديث المجلات الفلسفية، ونوقشت في الحلقات الأكاديمية.

وفي النهاية، أدرك يحيى شيئًا مذهلاً. لم يكن الهدف من فكرته أن يصدقها الناس، بل أن تحفز عقولهم للتفكير في ما هو أبعد من المألوف. كان يعلم أن العبثية نفسها هي الجسر نحو الابتكار والإلهام.

وفي يوم ما، بينما كان يجلس في المقهى ذاته، قال له سامي: "لقد نجحت، يحيى. جعلتهم يؤمنون بفكرة لا يمكن تصديقها".

أجاب يحيى بابتسامة غامضة: "أليس هذا هو تعريف العبقرية؟"



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجداف والجولاني
- أعشاب جولانية لمعالجة البطالة المقنعة
- الرئيس الذي لم ير المسرح
- حكومة الذقون
- أدب بلا أسوار
- صرخة في البرية
- الحرية تمر عبر المعدة
- مع اقتراب رأس السنة
- أهمية التمويل الذاتي للجامعات
- إلى تلك التي لم ألتقِها بعد
- الأستاذ الجامعي في زمن الذكاء الاصطناعي
- الكاتب والذائقة الأدبية في زمن الذكاء الاصطناعي
- مستقبل القصة القصيرة في زمن الذكاء الاصطناعي
- هل الأديب سياسي؟
- فريق الجيل الجديد
- ذيل السنونو
- العمل -أربعة- في ألمانيا
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 8 والأخيرة
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 7
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 6


المزيد.....




- في فيلم -عبر الجدران-.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
- -غرق السلمون- للسورية واحة الراهب عبرة روائية لبناء الوطن
- وفاة الفنان المصري لطفي لبيب عن عمر 77 عاما
- لجنة الشهداء ترفض قائمة السفراء: أسماء بعثية ومحسوبية تهدد ن ...
- رحيل الممثل المصري لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عاما
- تحوّلات مذهلة لفنان حيّرت مستخدمي الإنترنت.. وCNN تكشف ما ور ...
- مدير مهرجان أفينيون يشرح أسباب اختيار اللغة العربية كضيفة شر ...
- عنوان: مهرجان أفينيون يحتفي باللغة العربية بالشعر والرقص
- اكتشاف بصمة يد تعود إلى 4 آلاف عام على قطعة جنائزية مصرية
- -عائلة فوكر تتوسع-.. الإعلان عن موعد عرض الجزء الرابع من فيل ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الزمن العكسي