أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - علي دريوسي - العمل -أربعة- في ألمانيا















المزيد.....

العمل -أربعة- في ألمانيا


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7866 - 2024 / 1 / 24 - 14:08
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


في ألمانيا، غالبا ما يوصف التغيير الحالي في عالم العمل باسم "العمل 4.0"، استناداً إلى تطورات ما يسمى "الصناعة 4.0".

الرقم "4.0"، كشفرة، ينقل لنا شيئين رئيسيين: من ناحية، إمكانية "التدمير الخلاق" أو ما يُعرف "بالفوضى الخلّاقة" كما وصفها النمساوي الاقتصادي جوزيف شومبيتر، ومن ناحية أخرى، الطبيعة الارتقائية النمائية لهذا التطور.

قبل 4.0 كان هناك 1.0، 2.0، 3.0.

تعكس هذه الأرقام موجات التصنيع العظيمة في القرون الماضية.

بدأت الصناعة 1.0 المعروفة باسم "الثورة الصناعية الأولى" حوالي عام 1800 مع الإنتاج الكمي الأول باستخدام الآلات. وفي الخطوة التالية، تم تشغيل هذه الآلات بقوة الماء والبخار. في الوقت نفسه، كانت الصناعة الباكرة تجد طريقها إلى مجالات جديدة. السكك الحديدية الأولى والشحن بالسفن البخارية بالإضافة إلى زيادة حركة المرور بشكل عام، تعدين الفحم، الصناعة الثقيلة، تصنيع الملابس وطباعة المنسوجات، كل هذا أدى إلى خلق فرص عمل جديدة في قاعات المصانع الأوروبية ومصانع أمريكا الشمالية.

العمل 1.0 هنا يعني أن تنظيم العمل تغير أيضاً نتيجة لأساليب الإنتاج الجديدة - ومعه تغيرت الهيكلية الاجتماعية أيضاً. ومنذ ذلك الحين، ظهرت طبقات معينة ونشأت صراعات طبقية بما يتناسب مع تطور العمل، مما أدى فيما بعد إلى نشوء الجمعيات والأحزاب والنقابات العمالية.
مع التصنيع بدأ صعود المدن أيضاً.

كان إدخال الكهرباء كقوة دافعة / محركة بمثابة بداية للثورة الصناعية الثانية. ومع ظهور السيارات الأولى في أوائل القرن العشرين، أصبح العمل أكثر أتمتة. أخذت المصانع تنتج منتجاتها في وقت قياسي بصورة أسرع وذلك باستخدام خطوط التجميع. قامت المحركات بعمل إضافي مما قلّل من الحاجة للأيادي العاملة والآلات شبه اليدوية. كما أدت الاتصالات الحديثة بالهواتف والبرقيات إلى تسريع مراحل العمل. بالإضافة إلى ذلك، مع بداية العولمة بفضل السفن والطائرات الكبيرة، أصبح العالم أقرب لبعضه البعض.

كان العمل 2.0 واضحاً بظهوره مع بدايات نشوء دولة الرفاهية في نهاية القرن التاسع عشر. ولأن التصنيع أدى إلى ظهور المزيد من المشاكل الجديدة، وفي المقام الأول المشاكل الاجتماعية، فقد اشتدت الصراعات والأزمات المجتمعية أيضاً، الأمر الذي أدى بدوره إلى الإبداع الاجتماعي والمجتمعي ــ أدى إلى عرض وتقديم أول نظام للتأمين الاجتماعي، والذي لا تزال أحجار أساسه موجودة في ألمانيا حتى اليوم.

في السبعينيات من القرن العشرين بدأت الثورة الصناعية الثالثة.

كان التركيز هنا على المزيد من أتمتة الإنتاج من خلال الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات. وجدت الآلات الحاسبة الكبيرة طريقها إلى الشركات الكبيرة في وقت مبكر من أربعينيات القرن العشرين، وبعد مرور 30 عاماً، أسس الكمبيوتر الشخصي للمكاتب والمنازل نوع جديد من الصناعة. كما وجدت الروبوتات طريقها إلى قاعات الإنتاج الأولى.

كان العمل 3.0 يعني في بادئ الأمر المزيد من ترسيخ دولة الرفاهية، وفي ألمانيا كان يعني تطوير اقتصاد السوق الاجتماعي بما يتناسب مع حقوق الموظفين والعاملين ومع ترتيبات الشراكة الاجتماعية على قدم المساواة.
منذ نهاية القرن العشرين، بدأت الثورة الصناعية الرابعة.

ويتميز العمل 4.0، من بين أمور أخرى، بالتركيز على الرقمنة المتزايدة للتقنيات التناظرية السابقة وتكامل الأنظمة المادية السيبرانية، كما تتميز بتكنولوجيا الروبوتات المتطورة جداً والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا النانوية والحيوية، وإنترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد. باختصار يمكننا القول بأن بلوغ "المصنع الذكي" هو الهدف الأساسي من هذه الرحلة الرابعة.

تتغير أسواق اليوم ومتطلباتها بسرعة وبشكل جذري في كثير من الأحيان. بدلاً من الإنتاج المسبق للسلع بكميات كبيرة تُخزن في مستودعات ضخمة، يتم اليوم تصنيع العديد من المنتجات حسب الطلب أو وفقاً للاحتياجات الفعلية. من ناحية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى توفير الموارد والنفايات والتكاليف - ولكن من ناحية أخرى يتنامى الطلب على الرقائق والخوادم ويزداد أيضاً الاعتماد على مواد خام محددة (مثل العناصر الأرضية النادرة) وفي النتيجة يقود هذا إلى تدفقات هائلة من البيانات و ارتفاع استهلاك الطاقة.

في الحقيقة هي أن انتشار وتطور الرقمنة لن يغير الاقتصاد والعمل بشكل كبير فحسب، بل سيغير مجتمعنا أيضاً بشكل فائق.

هذه التطورات جزء لا يتجزأ من الاتجاهات الاجتماعية المجتمعية التي غالباً ما تندرج تحت الاختصار الأمريكي VUCA وعليه، فإن العالم الحديث وتغيراته، عالمنا اليوم، يتميز بشكل أساسي "التقلب" و"عدم اليقين" و"التعقيد" و"الغموض والالتباس".

VUCA: Volatility, Uncertainty, Complexity, Ambiguity

النموذج الذي لا يواجه إلا بنموذج VUCA والذي ترمز حروفه إلى "الرؤية" و"الفهم" و"الوضوح" و"الرشاقة".

VUCA: Vision, Understanding, Clarity, Agility

البعض يرى الكأس نصف فارغ، والبعض الآخر يراه نصف ممتلئ. وبناء على ذلك، وخلافاً للاعتبارات الأولية السطحية، لا ينبغي تقييم تأثيرات وآثار التحول الرقمي على أنها إيجابية بشكل عام ومبهجة على الدوام، كما أنها ليست سيئة وسلبية في الأساس.

من مخاطر التحول الرقمي يمكن لنا ذكر مايلي:

تزايد تركيز البيانات العالمية بين حفنة من المحتكرين الذين يستطيعون التهرب بنجاح من السيطرة الحكومية والضرائب. المزيد من الضياع والتسارع والتكثيف والضغط (الوظائف حسب الطلب؛ العمل الجماعي). فقدان الخصوصية والحرية. خطر التبعية الرقمية (الجرائم الإلكترونية، احتمالية الأعطال الإنفورماتيكية، وما إلى ذلك). التقليل من قيمة القدرات والمهارات وفقدانها – الجسدية منها واليدوية ـ ولكن أيضاً المهارات المعرفية أو الفكرية أو الاجتماعية. تزايد الانقسام الرقمي والإقصاء والاستبعاد والتهميش في المجتمع.

من فرص وحسنات التحول الرقمي يمكن لنا أن نجد ما يلي:

مؤسسات عمل ذات هيكلية جديدة، وأشكال توظيف ونماذج أعمال يمكن أن توفر مجموعة متنوعة من الخدمات بشكل أسرع وأفضل وأرخص. كائنات ذكية من شأنها أن تسمح مستقبلاً بتصنيع المنتجات وتقديم الخدمات بسرعة وفاعلية أكبر، وأكثر كفاءة في استخدام الموارد. التكامل البسيط والمباشر للمستخدمين والموظفين والعملاء في عملية الابتكار. فرص جديدة للتعليم والتعلم وتسهيل نقل المعرفة. فرص جديدة للتمكين (زيادة القدرة للأفراد والمجتمعات) والمشاركة. إضفاء الطابع الإنساني على العمل من خلال المساعدة المفيدة والتقنيات الخادمة.

والله ولي التوفيق
***



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 8 والأخيرة
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 7
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 6
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 5
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 4
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 3
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 2
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 1
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة كاملة
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة 5
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة 4
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة 3
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة 2
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة ـ 1 ـ
- كيف ضيّع البروفيسور مكتبته
- لا أوراق في مكتب البروفيسور
- ليس للبروفيسور من يواسيه
- البروفيسور في متاهته ـ كاملة
- البروفيسور في متاهته 4
- البروفيسور في متاهته 3


المزيد.....




- إيلون ماسك ونجيب ساويرس يُعلقان على حديث وزير خارجية الإمارا ...
- قرقاش يمتدح -رؤية السعودية 2030- ويوجه -تحية للمملكة قيادة و ...
- السعودية.. انحراف طائرة عن مسارها أثناء الهبوط في الرياض وال ...
- 200 مليون مسلم في الهند، -أقلية غير مرئية- في عهد بهاراتيا ج ...
- شاهد: طقوس أحد الشعانين للروم الأرثودكس في القدس
- الحرب على غزة| قصف إسرائيلي مستمر وبلينكن يصل السعودية ضمن ج ...
- باكستان.. مسلحون يختطفون قاضيا بارزا ومسؤول أمني يكشف التفاص ...
- كلاب المستوطنين تهاجم جنودا إسرائيليين في الخليل
- بلينكن يصل إلى السعودية للاجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس ال ...
- ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل الأردن بالطائرة الماليزية ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - علي دريوسي - العمل -أربعة- في ألمانيا