أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 8 والأخيرة














المزيد.....

حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 8 والأخيرة


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7802 - 2023 / 11 / 21 - 18:52
المحور: الادب والفن
    


لقد حان الوقت كي ننهي هذه الفوضى الكلامية وهذا النص المتناقض اللاأدبي اللامترابط اللامقروء.

كانت آخر وصايا صديقنا في حديقته الزرقاء:
السياسة كالخبز، جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية لمواطني البلدان العربية وعلى الرغم من ذلك علينا ألا نقرب طقوس العمل السياسي والمناورة في ميدانه ـ لأنها مضيعة للوقت من جهة وقد تكون سبباً مباشراً لخسارة الحياة من جهة ثانية ـ إذا لم يكن الطريق يقودك لتصير الرئيس أو على الأقل واحداً من فريقه.

وكان آخر نصوصه التي كتبها في حالة ضجر مقيت قبل أن يغلق باب حديقته المفتوح على الهواء:

عندما عادت "كوثر" إلى بيت أهلها عصراً وجدت أمها "ماريا" جالسة في كرسيها المريح على البلكون العريض المطل على ضوء القمر، كانت تحتسي القهوة وتدخِّن بشغف كعادتها. ماريا في الخامسة والخمسين من عمرها وما تزال حلوة وجذّابة لأبناء جيلها، إمرأة صعبة المزاج، قوية، وجهها جميل، عيناها سوداوان مشغوفتان بالحب، شفتاها مشتاقتان لرغوة العسل، جسدها ظمآن، محبّة للمطالعة والمعرفة والعمل المنزلي. وكوثر نسخة عن أمها، شبيهتها، وماريا تدرك هذا الشبه تماماً وواعية له وفخورة به، مما يجعلها تتسامح مع شطحات وهفوات وسلوكيات ابنتها كما تفعل مع نفسها. مات زوجها وهي في بداية عقدها الرابع بعد أن أنهكه المرض، أنجبت منه خمسة أولاد، كوثر أصغرهن وتعيش مع أمها في الطابق الأول من المنزل المؤلف من ثلاثة طوابق، تزوجت أختها الكبرى دبلوماسياً وانتقلت للعيش معه في عاصمة عربية مجاورة، أختها الثانية محاضرة في كلية الطب في جامعة دمشق وتستعد للسفر إلى ألمانيا، في الطابق الثالث يعيش أخوها البكر مع عائلته الصغيرة وفي الطابق الثاني يعيش أخوها الذي ما زال عازباً ويدأب على تأجيل أو عرقلة مشاريع تقوده لقفص يخافه. كانت الأسرة في الواقع مفكّكة حتى لو بدا للعيان غير ذلك، الأبناء غير سعداء ولكل ـ كما العادة في كل أسرة ـ عوالمه الخاصة ومشاكله وصراعاته وتناقضاته. وكان لماريا خليل يصغرها بعدة سنوات يزورها في منتصف الليل، لمحته كوثر مراراً وحدث أن استرقت السمع لتأوهات أمها في غرفة نوم أبيها المتوفي الذي لم تتعرّف إليه كوثر ولم تشعر بحنانه كما ينبغي لطفل، كانت في الثامنة من عمرها حين فارق والدها الحياة بعد الانهيار المفاجئ لمسننات كليتيه.

يقول الراهب الألماني مارتن لوثر ما معناه: على الرجل خلال حياته أن يزرع شجرة، أن يبني بيتاً، أن ينجب صبياً وأن يكتب كتاباً.
عمل صديقنا البروفيسور بنصيحة الراهب ومع هذا بقي الضجر يلاحقه من زاوية نجاح إلى أخرى.

متلازمة الضجر التي يعيشها بروفيسورنا هي الضد الكامل لمتلازمة الاحتراق النفسي التي تؤرِّق الكثير من الناس وتلتهم رغبتهم في تذوق الجودة الحياتية، متلازمة الضجر هي الشعور المؤلم نفسياً الذي ينتاب الشخص حين تكون قدراته الجسدية والمعرفية والعقلية أكبر بكثير من الموقع الذي يعمل فيه أو دُعي للعمل فيه. أولئك الذين يشعرون بالرضا عن إحاطتهم بالمستوى المتوسط سيظلون دائماً متوسطي المستوى، لن ينتمون إلى القمة أبداً. هذا هو حال صديقنا وهو يعرف مشكلته تماماً وطرق حلها، ما يتعبه ويفاقم ضجره هو كفاءاته العالية التي تؤهله للانتحار إذا لم يرتقي في مجال عمله، كأن يصير مثلاً المدير العام لشركة مرسيديس أو وزير التعليم العالي في ألمانيا الاتحادية ..

يصرخ بفرح: وجدتها!
تسأل زوجته وهي تضع صينية البقلاوه في الفرن الحامي: خير إن شاء ماذا وجدت؟
أريد أن أصبح مستشار ألمانيا لأكون من موقعي هذا قادراً على تصحيح مسار العالم والمنحنى الديمقراطيي الهابط منذ عام 2013، بدءاً من تأسيس حزب البديل الألماني مروراً بكارثة قوافل الهاربين و جائحة فيروس كورونا وليس انتهاء بالحرب الروسية الأوكرانية والحرب الإسرائيلية الفلسطينية.
تقول زوجته ساخرة: كل عائلتك متواضعة مثلك؟

تمزمزَ بقية الويسكي في كأسه، ابتسم بمكرِ وهو يضع نقطة في آخر السطر معلناً تخلصه من متلازمة الضجر وعودته إلى الواقع.
النهاية



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 7
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 6
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 5
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 4
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 3
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 2
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 1
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة كاملة
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة 5
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة 4
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة 3
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة 2
- البروفيسور في ضيافة الشيخ قليعة ـ 1 ـ
- كيف ضيّع البروفيسور مكتبته
- لا أوراق في مكتب البروفيسور
- ليس للبروفيسور من يواسيه
- البروفيسور في متاهته ـ كاملة
- البروفيسور في متاهته 4
- البروفيسور في متاهته 3
- البروفيسور في متاهته 2


المزيد.....




- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 8 والأخيرة