أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الرئيس الذي لم ير المسرح














المزيد.....

الرئيس الذي لم ير المسرح


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 8223 - 2025 / 1 / 15 - 00:10
المحور: الادب والفن
    


في بلد صغير يكتنفه الصخب، وبعد سنوات طويلة من الكفاح، جلس الرئيس "صديق الجولاني" على كرسي الحكم. كان ذلك اليوم مشرقًا في العاصمة، حيث تظاهر المواطنون تحيًة لقائدهم الجديد، الذي استطاع أن يُطيح بنظام ديكتاتوري استمر لعقود.

كان "الجولاني" مختلفًا عن قادة العالم الآخرين؛ رجل بسيط، لكنه يحمل عبئًا ثقيلًا على كتفيه. لقد عرف أن الحرية التي ناضلوا من أجلها ليست سوى بداية الطريق، وأن الأحلام التي رسموها على جدران الثورة لن تتحقق بين ليلة وضحاها.

كان الجميع يعرف عنه أمرًا واحدًا: "ليس لديه وقت لزيارة المسرح". كانت هذه الجملة تتكرر على لسانه في المؤتمرات الصحفية والاجتماعات، وكلما دعاه أحد لحضور عرض مسرحي.

في أحد الأيام، دعاه وزير الثقافة لافتتاح عرض مسرحي يُجسد رحلة الثورة. قال الوزير بحماسة:
"سيادة الرئيس، هذا العرض يروي قصتنا... قصتك! الجمهور ينتظر حضورك بفارغ الصبر."

لكن مالك، الذي كان يجلس خلف مكتبه المليء بالملفات، رفع رأسه وأجاب بابتسامة مرهقة:
"أنا آسف يا صديقي، لكن لا وقت لدي. الثورة لم تنتهِ بعد، والمسرح يمكن أن ينتظر."

تلك الكلمات انتشرت بسرعة في أنحاء البلاد. هناك من تفهم موقفه، وهناك من اعتبره تجاهلًا للثقافة والفنون. لكن الحقيقة أنه كان يعمل بلا كلل، يستيقظ قبل شروق الشمس ليجتمع مع مستشاريه، ويقضي ليله في دراسة الملفات التي تتعلق بإعادة إعمار المدن المنكوبة، وبناء المدارس والمستشفيات، ومحاربة الفساد الذي تسلل لسنوات طويلة إلى كل زاوية في البلاد.

لكن في ليلة من الليالي، قررت فرقة مسرحية ناشئة أن تعرض مسرحية بعنوان "الرئيس الغائب". كانت المسرحية تسخر من انشغال الرئيس المزعوم، وتروي قصة خيالية عن رئيس لا يجد وقتًا للفرح أو الاستراحة. انتشر الخبر كالنار في الهشيم، ووصل إلى الرئيس نفسه.

بدافع الفضول أو الغضب، قرر الرئيس أن يحضر المسرحية سرًا. تنكر كأي مواطن عادي، وجلس في الصفوف الخلفية، مراقبًا العرض. بدأ العرض بنقد لاذع لكن فكاهي، يتحدث عن قراراته، عن انشغاله الدائم، وعن غيابه عن الحياة الثقافية. ببطء، وجد الرئيس نفسه يبتسم، ثم يضحك بصوت مرتفع.

بينما كان العرض يقترب من نهايته، جاء مشهدٌ يعكس شخصية الرئيس في حوار مع مرآة. المرآة كانت تسأله: "هل حقًا لا تملك الوقت؟ أم أنك تخشى أن ترى نفسك؟". شعر الرئيس أن المسرحية قد سبرت أغوار قلبه.

بعد انتهاء العرض، ذهب إلى الكواليس والتقى بالممثلين كاشفاً عن هويته، مشيدًا بجرأتهم وموهبتهم. بينما كان يقف وسط تصفيق الممثلين وطاقم الكومبارس ودهشتهم وسعادتهم بحضوره قال الرئيس مبتسمًا:
"الثورة ليست فقط بندقية وأحلامًا سياسية. إنها أيضًا هذه اللحظات التي تُلهمنا، وتُذكرنا لماذا بدأنا كل هذا من الأساس. شكرًا لأنكم جعلتموني أرى الثورة من زاوية جديدة."

في اليوم التالي، أعلن المكتب الرئاسي عن حضور الرئيس لمسرحية "الرئيس الغائب". أثار الخبر دهشة الجميع، لكنه أعقب ذلك بإعلان جديد: "كل مواطن يحتاج إلى استراحة، حتى أنا".

ومنذ ذلك اليوم، قرر الرئيس تخصيص وقت أسبوعي لزيارة المسارح ومشاركة شعبه فنهم وأحلامهم. لأنه أدرك أن زيارة المسرح هي رمز للتواصل مع شعبه، وأن بناء وطن جديد يبدأ بالقلوب والعقول، تمامًا كما يبدأ بالبنية التحتية والقوانين.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة الذقون
- أدب بلا أسوار
- صرخة في البرية
- الحرية تمر عبر المعدة
- مع اقتراب رأس السنة
- أهمية التمويل الذاتي للجامعات
- إلى تلك التي لم ألتقِها بعد
- الأستاذ الجامعي في زمن الذكاء الاصطناعي
- الكاتب والذائقة الأدبية في زمن الذكاء الاصطناعي
- مستقبل القصة القصيرة في زمن الذكاء الاصطناعي
- هل الأديب سياسي؟
- فريق الجيل الجديد
- ذيل السنونو
- العمل -أربعة- في ألمانيا
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 8 والأخيرة
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 7
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 6
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 5
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 4
- حين ينفقع بالون البروفيسور من الضجر 3


المزيد.....




- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟
- معرض مسقط للكتاب يراهن على شغف القراءة في مواجهة ارتفاع الحر ...
- علاء مبارك يهاجم ممارسات فنانين مصريين
- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الرئيس الذي لم ير المسرح