رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 10:21
المحور:
الادب والفن
مدخل: حين يتحوّل الحنان إلى سهم
في نصه “سهمٌ من حنان”، يقدّم لنا الشاعر العراقي الكبير عادل جودة قصيدة نثرية تمزج بين البوح الحميمي والتأمل الوجودي. إنها رحلة من براءة الاطمئنان إلى هاوية الخذلان، نص يلتقط أدق التحولات النفسية التي يمر بها القلب حين يكتشف أن الأمان الذي احتمى به لم يكن سوى وهم مُتقن الصنعة.
⸻
البنية السردية والانسياب العاطفي
جاء النص في تدرج شعوري محسوب:
• الافتتاحية: لحظة الانغماس في الأمان، صورة الطفل الذي وجد حضنه الأبدي.
• الانعطافة: انكشاف الزيف، وسقوط السماء كرمز لانهيار الثقة.
• المواجهة الداخلية: التساؤلات المريرة “كيف لم أفهم؟”، “كيف لم ألحظ؟” التي تضع القارئ أمام صراع بين العاطفة والبصيرة.
• الخاتمة الدفاعية: إعادة ترتيب المسافات كاستراتيجية للبقاء، ونداء صادق إلى الله طلبًا للحب الخالي من الطعنات.
هذا التصاعد يمنح النص إيقاعًا داخليًا يشبه الموجة التي تبدأ هادئة، ثم تتعالى حتى تنكسر على صخور الحقيقة.
⸻
اللغة والصور البلاغية
لغة عادل جودة هنا تتسم بالبساطة العاطفية المشبعة بالمجاز، وهي بساطة مخادعة، إذ تحمل خلفها عمقًا فلسفيًا.
• “سقوط السماء”: استعارة ضخمة تُبرز حجم الصدمة.
• “قطع النور في ليل شتوي بارد”: لوحة حسية تجمع بين البصر والبرد، لتكثيف شعور الفقد.
• “هنا ضُرب القلب مرة”: جملة قصيرة لكنها مشحونة بتاريخ كامل من الألم.
كل صورة في النص تؤدي وظيفتها بانضباط، فلا ترهق القارئ، بل تدفعه للتوغل أكثر في التجربة الشعورية.
⸻
القيمة الإنسانية والفلسفية
النص يطرح أسئلة أوسع من حدود تجربة فردية؛ إنه يقف عند مفترق طرق بين الثقة والخوف، بين الرغبة في الحب والحذر من تكرار الخيانة. في هذا، يتحول النص إلى خطاب إنساني، يخص كل من مرّ بتجربة مشابهة، ويترك أثرًا طويل المدى في وجدان القارئ.
⸻
خاتمة
“سهمٌ من حنان” ليس مجرد نص عن الخيانة، بل عن هشاشة الأمان حين يُمنح بلا حذر، وعن القدرة على النهوض رغم الألم. الشاعر عادل جودة، بإيقاعه الهادئ وصوره الحية، يقدّم درسًا في كيف يمكن للقصيدة أن تكون مرآة صافية للروح الجريحة، ودليلًا لمن يبحث عن شجاعة الحب من جديد
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟