أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام محمد جميل مروة - تعويم زفة .. زياد الرحباني














المزيد.....

تعويم زفة .. زياد الرحباني


عصام محمد جميل مروة

الحوار المتمدن-العدد: 8420 - 2025 / 7 / 31 - 17:20
المحور: الادب والفن
    


بلغت القلوب الحناجر ومما لا شك فيه أن زياد الرحباني أضحكنا وابكانا واتحفنا طيلة نصف قرن من الزمن منذ اندلاع الحرب الاهلية اللبنانية التي إخترقت عقول جيلنا الذي كان شاهداً على قفشات زياد التي صارت زوادتنا نحملها صباحاً باكراً عندما كُنا نسيرُ مشياً الى المدارس . قلما نجدُ إنساناً لبنانياً عايش زمن زياد إلا و سوف يبتسم مباشرة إذا ما سألتهُ عن رأيُكَ في ما قدمهُ زياد الرحباني منذ بزوغ سطوع نجمه كفرد شخصي . وربما منفصل عن تاريخ العائلة الرحبانية لا سيما صيت الاخوين عاصي ومنصور الى جانب الثالوث الممجد صاحبة الصوت الملائكي جارة القمر وسفيرة النجوم الى ارفع مستويات تطالها رفقة المجرات ما فوق العادة .
عندما أُصيب الملحن عاصي الرحباني والد زياد وزوج السيدة نهاد وديع حداد التي يسبقها لقبها الفاتن المتبرج شموخاً و زهوَّا ساطعاً سامقاً "" فيروز "" .
فخرج مبكراً العازف والملحن والكاتب للنوتات الموسيقية الصاعقة في أدائها اللامع حينها حيثُ كانت باكورة اعماله الاغنية الرائجة منذ اطلاق عنان موسيقاها ورنين رِقة سِماعها الى حين كتابة هذه المقالة الأن على صوت . "" سألوني الناس عنك يا حبيبي "" إنتاج عام 1973 . ولاحقاً برزت مواهب زياد على اكثر خشبات المسرح المتاحة و وقوفهِ امام عدسات المصورين بعد عرض كبريات المسرحيات امام والدتهِ الملكة المتوجة عشقاً وزخماً والوان تيجانها البنفسجية القرنفلية المكللة بعقودٍ من الفل العاجي المتدلى على اكتاف سيدة المسرح ، فمن هناك كان إغداق و جذابة و شَّم نسيم اطباق كؤوس وأقلام تيجان الورود العابقة عطراً فواحاً .حيثُ ادى أدوارًا مختلفة.في شراكة يعتريها خالص الامتنان للأخوين اصحاب اكتشاف مواهب فنية عظيمة لكل من يتسنى لَهُ خوض امتحان لَهُ اول ولهُ بداية إشعاعية تحمل تواقيع الرحابنة .
لكن صعودهِ بدأ يشق اضواء مستقبلهِ يأخذ حيزاً مهماً مع اندلاع تزامناً للحرب الاهلية اللبنانية وإنقسام العاصمة بيروت الى شرقية مسيحية بإمتياز كما كان سائداً في تلك الايام. وأبدى زياد تلميحاتهِ وإيحاءاته وقفشاته الساخرة الغير مسبوقة في ذم المذهبية والطائفية الى درجة اللعن والسَّب والشتم والقدح والذم .و الإستهزاء من تلك الاصنام حينما اسماها تعطيل فكرة الوطن لصالح هذا الجزأ المهيمن والمسيطر تحت غطاء آثم ، غول و وحش الطوائف المريض الغير رحيم . في إستخدامه إستلال السيوف من أغمادها و قطع رِقاب البشر بلا عدالة . لرغبات مدروسة او يُرادُ لها شق مسيرة في تيهان عاصف .
وكانت بيروت الغربية بعدما إنتقل اليها تحت ظروف أصعب من سابقاتها غداة تعرضهِ للتهديد بالمغادرة فوراً قبل فوات الأوان . اصبح برنامجه الاذاعي الصبياني اللاذع جاذباً للعشرات من الالاف للأجيال الشابة الحديثة العهد في قراءة سيرة الحرب القذرة .
فصارت حصة المستمع عبر اذاعات مختلفة الهوية والزمكان!؟. بعدنا طيبين قول الله - فتحول البرنامج الى مزيج من المعاني والمقاصد اللفظية بصورة هزلية مُضحكة الى درجة كُنا نسمع بيانات زياد الصاعقة في دقائق معدودة غنية تحتاج الى قواميس جديرة في تفسيراتها الحاقدة هنا وهناك . وكانت تنطلق الرصاصات من فوهات البنادق مزغردة إعجاباً لما قدمه في غمرة هزائم فوضى الحرب الساقطة على الهواء مباشرة . "" فكانت تخطلت مفعولات وشعارات - الحابل بالنابل "" . كأنهُ يرسم مستقبلاً تقسيميًا آثماً ، كان ينظر اليه المبدع زياد في أبعاد عميقة لم يتجرأ قبله أحداً في مزج الضحك وتغليفه بحُزنٍ عميق كان يشقه ويحفرهُ من خلال عبورهِ على حواجز متحاربة ما بين ابناء البلد الواحد ، وابناء أخصام اعداء لدودين .
وكان قلما يترك نكتة هنا وقول هناك . حتى صارات اعماله المسرحية كبيرة يتعرف عليها الجمهور بعد كل خضّة و ازمة في اكثر الشوارع التي إلتقى زياد بموعد او - بغير موعد محدد ، في شارع الحمرا الشهير الذي لم يبارحه رغم الخزعبلات الطوائفية وهرتقاتها الساحقة لغاية وصول جحافل المرتزقة للجيوش الكثيرة . وإن كان اكثرها حُزناً كما قال مُعبراً ، لا يمكنني معايشة يومية مع دبابات شارون تفتش اوراق المارة في شوارع الصخب .
زياد مش مزحة لبنانية ، ونكتة سمجة هزيلة سوف نفتقدها ، لأن الهضامة باللغى المحكية الدارجة اللبنانية لا تأتي من فراغ ، لا بل نموذج متصل جنينياً مع إرث العائلة الكبيرة المضيئة آل الرحباني الذين يمتهنون فكرة خيال واسع لفك طلاسم الحكايات وتحويلها الى وقائع . بالنسبة لبكرا شو ، فيلم اميركي طويل ، شي فاشل ، سهرية ، بعدنا طيبين اوووول الله .
العقل زينة ، واعمال ربما سوف نتفاجأ بعد نشرها حسب الاصول كما يعتمدها المقربين من اعمال زياد .
مخرج مسرحي ، مؤلف ، شاعر دارجة ، وعامية ، وفصحى ، كاتب عامود في الصحف ، صحافي خفيف الظل ، ملحن ، وخصائص خصائل قَلَّ نظيرها في فنان اخر .
هدير صوت مجلس عزائهِ حمل صداه موسيقى حزينة ، أسرع من اصوات الصواريخ التي تحدث عنها في مسرحياته إبان فرط أصوات الحرب الاهلية الفاشلة و نهرٌ متدفق من الحنين الى سِماع أخر اخبار زياد الذي رحل بلا عودة لرغبات الآلهة .
كتب عن الوداع ما يلي ::
ودائمًا في الأخر ، في أخر ، في وقت فراق .
كما وضع لحن وكلمات لنشيد الاممية الذي ابدع في تنسيق وتوزيع موسيقاه ومعاني صافية ونقية و صادقة.
مش رح نبقى عبيد إلنا مية هوية
بوحدنا النشيد بتجمعنا التحية
يا عهد الأممية تحية - تحية .
تعويم اخير في زفة عرس زياد الرحباني .
كل العزاء لجارة الآلهة في ليلة مُقمرة فيروز العظيمة وصبرها المجبول خجلاً يعتريه رذاذ دموع تنسال من خلف نظاراتها السوداء حُزناً بلا انغام موسيقيه .

عصام محمد جميل مروة..
اوسلو في 31 تموز - يوليو / 2025 / ..



#عصام_محمد_جميل_مروة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إستراحة مقاتل .. صوتٌ مقاوم
- حتى لو إنسحبت إسرائيل من مواقعها المُستحدثة لا مجال لبحث تسل ...
- القرنفل المقاوم الذي لن يسقُط
- فرانشيسكا ألبانيز ضحية جديدة لِمزاعم ترامب
- إجترار أمريكي شرق اوسطي مغلوط
- الشيخ نعيم قاسم والمسيرة بلا كوابح
- عربات جدعون مقابل مقاومة لن تُردع
- تقتلُني وأنا جائع و تدعىَّ حق الدفاع عن النفس
- تحالف أبراهام القادم
- ماذا لو شارك سلاح الجو الإيراني ضد تل ابيب
- ماذا في جعبة ترامب الأن
- حرب ليست باردة بل حاميةً بإمتياز
- هجوم مُنظم و ردع إيراني غير مسبوق
- إسرائيل لا تصادر بل تقتحم
- إنذارًا بالإخلاء عيدية نزعة خوف من المقاومة
- من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها -- في المقابل أليس من حق المسل ...
- آدم الناجى الأوحد من عائلة آدم و حواء و ألاء
- قال محمود عباس إن سلاح المخيمات تهمة
- كٓف عدس .. و شملة خطايا بِلا إدراك
- رقصة داكنة في وطن كبرياء محمد سيف المفتي


المزيد.....




- فيديو.. تفاصيل -انفجار- حفلة الفنان محمد رمضان
- جواسيس ولغة.. كيف تعيد إسرائيل بناء -الثقافة المخابراتية-؟
- -كأنه فيلم خيال علمي-: ولادة طفل من جنين مجمد منذ 30 عاماً
- قمر عبد الرحمن لـ -منتدى البيادر للشعر والأدب-: حرب الوجود ا ...
- -الشاطر- فيلم أكشن مصري بهوية أميركية
- رحلتي الخريفية إصدار جديد لوصال زبيدات
- يوسف اللباد.. تضارب الروايات بشأن وفاة شاب سوري بعد توقيفه ف ...
- بصدر عار.. مغنية فرنسية تحتج على التحرش بها على المسرح
- مع حسن في غزة.. فيلم فلسطيني جديد يُعرض عالميا
- شراكة مع مؤسسة إسرائيلية.. الممثل العالمي ليوناردو دي كابريو ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام محمد جميل مروة - تعويم زفة .. زياد الرحباني