أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - الشرعية الدولية والقضية الفلسطينية: من تزوير التاريخ إلى تبرير الجرائم














المزيد.....

الشرعية الدولية والقضية الفلسطينية: من تزوير التاريخ إلى تبرير الجرائم


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 22:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهدت القضية الفلسطينية منذ بداياتها تواطؤاً دولياً سافرًا، تُوّج بإعطاء من لا يملك لمن لا يستحق. فقد منحت بريطانيا، عبر وعد بلفور عام 1917، اليهود وطناً في فلسطين، رغم أنهم لم يكونوا يشكلون أكثر من 8% من سكانها الأصليين آنذاك، وأكثرهم لم يكن من أبناء البلاد، بل من المهاجرين. وبهذا الوعد، تم فتح الباب أمام موجات من الهجرة اليهودية المنظمة، التي رعتها القوى الاستعمارية، وعلى رأسها بريطانيا والولايات المتحدة، فارتفعت نسبة اليهود في فلسطين بشكل مصطنع بفعل الدعم الدولي لا بفعل حق تاريخي أو ديموغرافي.

لقد أُسّس الكيان الصهيوني على نكبة، لا على شرعية. نكبة تمثلت في طرد أكثر من 750 ألف فلسطيني من ديارهم عام 1948، وارتكاب عشرات المجازر لتثبيت الوجود الإسرائيلي بالسيف، لا بالقانون. ومع ذلك، حظيت إسرائيل باعتراف الأمم المتحدة وقبولها عضوًا فيها، رغم عدم التزامها بقراراتها، ورغم تشكلها ككيان توسعي عسكري لم يحترم لا حدودًا، ولا قوانين دولية.

في هذا السياق، تبرز إشكالية "الشرعية الدولية" التي استندت إليها إسرائيل، واستعملتها غطاءً لجرائمها، ووسيلة لنفي حقوق الشعب الفلسطيني، بل لتجريمه حينما يدافع عن أرضه.

أولاً: في بُطلان "الشرعية" الممنوحة لإسرائيل

إن أي شرعية تُمنح بالقوة وبالتهجير والتطهير العرقي، لا يمكن أن تكون شرعية قانونية أو أخلاقية. فقيام إسرائيل لم يكن نتيجة قبول حر أو شراكة سياسية، بل نتيجة مؤامرة دولية طويلة الأمد، بدأت بالانتداب البريطاني، ومرورًا بقرارات الجمعية العامة، وعلى رأسها القرار 181 (قرار التقسيم)، الذي لم يكن ملزمًا، بل مجرد توصية رفضها العرب والفلسطينيون في حينه.

ثم جاء القرار 273 لقبول إسرائيل عضوًا في الأمم المتحدة، مشروطًا بتنفيذ القرارين 181 و194، وهو ما لم تلتزم به إسرائيل قط. لم تُنفذ بندًا من القرار 194 القاضي بعودة اللاجئين، ولم تلتزم بحدود التقسيم، بل عملت على التوسع منذ لحظة إعلان "استقلالها".

ثانيًا: الدعم الدولي والهيمنة الأميركية

منذ الخمسينات وحتى اليوم، مثّلت الولايات المتحدة المظلة الكبرى التي تحمي الكيان الصهيوني. فهي من تُجهض أي مشروع قرار يدينه في مجلس الأمن، وهي من تزوده بالسلاح والمال، وهي من ضمنت تفوقه العسكري على كل دول الجوار، بل وأصبح التطبيع معه شرطًا لنيل رضا واشنطن.

وفي كل مجازر إسرائيل، من دير ياسين إلى جنين إلى غزة، لم نر موقفًا دوليًا حقيقيًا رادعًا. بل رأينا تغطية سياسية كاملة، ومزاعم بحق إسرائيل في "الدفاع عن النفس"، حتى ولو كانت المعتدية، والمحتلة، والمحاصِرة.

ثالثًا: الشرعية الفلسطينية: بين التصفية والتحدي

الحق الفلسطيني لا يُمنح بقرار أممي، ولا يُسلب بتآمر ذوي القربى. هو حق أصيل، ثابت، غير قابل للتصرف. وهذا الحق يشمل كامل الأرض الفلسطينية، من النهر إلى البحر، بما فيها القدس بكل أجزائها.

وقد حاولت مشاريع التسوية، من أوسلو إلى صفقة القرن، حصر هذا الحق في حدود ضيقة، وتحويله إلى فتات إداري بلا سيادة ولا استقلال. لكن هذا التلاعب لم يغير من حقيقة أن الأرض المحتلة لا تصبح ملكًا للمحتل، ولا يجوز الاعتراف بنتائج العدوان.

رابعًا: دور الأمم المتحدة: الشرعية المنقوصة

رغم أن الأمم المتحدة أصدرت عشرات القرارات التي تنص على حقوق الفلسطينيين، مثل القرار 194، وقرار 242، و338، فإن تنفيذها بقي معلقًا بسبب الفيتو الأميركي أو التخاذل الدولي. بل أكثر من ذلك، فإن الأمم المتحدة نفسها سمحت بتكريس الاحتلال من خلال آليات سياسية شكلية، ومسارات تفاوضية لا تردع المعتدي، بل تطبع وجوده.

وهكذا تتحول الشرعية الدولية إلى شرعية منقوصة، لا تقوم على العدل، بل على موازين القوى. ويتحول القانون الدولي إلى أداة بيد الأقوياء.

خامسًا: خيار المقاومة وإعادة تعريف الشرعية

أمام انسداد الأفق السياسي، وتحول المجتمع الدولي إلى شريك في الجريمة، لا يبقى أمام الفلسطيني إلا طريق واحد: طريق المقاومة. فالتاريخ يعلمنا أن الحقوق لا تُستعاد بالتماس، بل تُنتزع.

والقانون الدولي ذاته، رغم كيله بمكيالين، يعترف بحق الشعوب في مقاومة الاحتلال. وهذه المقاومة لا تعني العنف من أجل العنف، بل تعني رفض الخضوع، وصون الكرامة، واستعادة الأرض.

إن الشرعية الحقيقية ليست ما تمنحه الأمم، بل ما تصنعه الإرادة. وكل مشروع تحرر في التاريخ بدأ هكذا: برفض واقع الظلم، ثم تحديه، ثم تجاوزه.

الخاتمة:

لقد تم تزوير التاريخ وسرقة الأرض وتزييف القانون، تحت مظلة دولية مشبوهة، اختزلت الحق الفلسطيني في بيانات شجب، واعتبرت الكيان الصهيوني دولة فوق القانون. لكن التاريخ لا يُختزل بقرار أممي، ولا الحق يُلجم بصوت الفيتو.

فلسطين لن تعود إلا بالقوة، ولن تُحرر إلا بيد أبنائها ومن يناصرهم من أحرار الأمة والعالم. أما منطق التسويات، فلن ينتج سوى مزيد من القبور، ومزيد من الاعتراف بالهزيمة.

الهوامش والمصادر:

1. بلفور، آرثر جيمس. "وعد بلفور"، 2 نوفمبر 1917. الأرشيف البريطاني.


2. تقرير لجنة بيل الملكية، 1937، الذي أقر بأن العرب يرفضون تقسيم فلسطين.


3. إحصاءات الحكومة البريطانية لعام 1918: نسبة اليهود في فلسطين لم تتجاوز 8%.


4. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 (1947): توصية بتقسيم فلسطين.


5. قرار الجمعية العامة رقم 194 (1948): حق عودة اللاجئين.


6. قرار الجمعية العامة رقم 273 (1949): قبول إسرائيل عضوًا مشروطًا.


7. بيانات الأونروا وتقاريرها السنوية عن اللاجئين الفلسطينيين.


8. كتاب رشيد الخالدي: "الهوية الفلسطينية: بناء وعي وطني حديث".


9. نور مصالحة، "طرد الفلسطينيين: مفهوم الترانسفير في الفكر الصهيوني".


10. الوثائق الرسمية لمجلس الأمن بشأن النزاعات العربية الإسرائيلية.



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الاحتلال إلى الضم: پ الكنيست وتصفية الضفة الغربية
- القضية الفلسطينية بين الأبعاد المتعددة والتحولات الدولية: مق ...
- الهجمات الإسرائيلية على دمشق والسويداء: خطاب أحمد الشرع وإعا ...
- مشروع إمارة الخليل:تفكيك فلسطين من الداخل
- التكويع: فلسفة لبنانية ساخرة
- مسيحيون عرب...حماة العروبة وحملة روح الاسلام الحضارية
- وثيقة باراك ورد لبنان: منعطف حاسم في المعادلة السياسية والأم ...
- لذلك...اعتذر من الحمير مع تقبيل الحافر والأذنين
- من طوفان الأقصى إلى ضرب طهران: هل الشرق الأوسط على شفا إعادة ...
- إبادة المدنيين: جوهر العقيدة الصهيونية ومنطلقها التوراتي
- الحرب الإيرانية الإسرائيلية بوابة (اسرائيل الكبرى)
- اسرائيل بين نيران غزة وحرائق واشنطن: تبدلات الدعم وصراع المص ...
- حدود الموقف العربي من العدوان الإسرائيلي وآفاق تجاوزه
- العدالة في مهب المحروقات: رفع الأسعار يكشف
- لبنان بين خيارين: مقاومة الردع أو انفجار الدولة
- لبنان في عين عاصفة التحولات الكبرى: حزب الله بين نتائج الحرب ...
- غزة تُفرَّغ تحت النار: حين يصبح التطبيع غطاءً للإبادة
- من يحرك الشارع العربي ؟ بين قبضة السلطة وسطوة المال وتآكل ال ...
- فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاوم ...
- فلسطين خارج الحسابات: صفقات تُعقد على أنقاض غزة


المزيد.....




- روبيو يكشف عن من سيدعمه في انتخابات 2028 ويتحدث عن علاقته بت ...
- بعد ساعات من دعوة ترامب لوقف إطلاق النار.. القصف يتواصل على ...
- ترحيب دولي ببدء عبور قوافل المساعدات إلى غزة
- وزير الخارجية الفرنسي: -دول أوروبية أخرى ستتعهد قريبا بالاعت ...
- -هواوي- تكشف عن منظومة تشغيل الذكاء الاصطناعي بقوة توازي -إن ...
- فرض حظر ليلي على الدراجات النارية شرق السنغال
- جدل بالكاميرون بعد استبعاد أبرز معارض من السباق الرئاسي 2025 ...
- رئيس أفريقيا الوسطى يؤكد ترشحه لولاية ثالثة وسط جدل دستوري
- مروان الهمص.. طبيب فلسطيني اعتقلته إسرائيل وهو على رأس عمله ...
- سد النهضة.. إثيوبيا تستعد للاحتفال وسط اتهامات مصرية سودانية ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - الشرعية الدولية والقضية الفلسطينية: من تزوير التاريخ إلى تبرير الجرائم