أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - تقمّص الأرواح: ما بين سرّ الوجود وحكمة التكرار














المزيد.....

تقمّص الأرواح: ما بين سرّ الوجود وحكمة التكرار


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8393 - 2025 / 7 / 4 - 10:35
المحور: قضايا ثقافية
    


هل نموت حقًا؟ أم أننا فقط نبدّل أثواب الوجود، كما تبدّل الفصول ردائها؟
هل الروح تسكن جسدًا واحدًا وتنتهي، أم أنّ لها في مسيرة الأبدية حكمة أوسع ومهمة أعمق؟
هذه الأسئلة التي حيّرت الفلاسفة والأنبياء والشعراء منذ بدء الخليقة، تعود اليوم، في عصر التكنولوجيا البارد، لتطرق أبواب الفكر الوجداني، وتعيد طرح السؤال الأعظم: هل تقمّص الأرواح حقيقة؟
الروح: كينونة لا تفنى
في كثير من الثقافات الشرقية، من الهندوسية والبوذية، إلى الدروز وبعض الفلاسفة المسلمين كابن سينا والسهروردي، نجد إيمانًا راسخًا بأنّ الروح لا تموت، بل تنتقل من جسد إلى جسد، ومن زمن إلى زمن، محمّلة بدروسها، بندوبها، وبنور تجاربها.
إنها ليست خرافة أو هروبًا من فكرة الفناء، بل هي تصور كوني يعكس الإيمان بعدالة مطلقة لا تُدرك إلا على مدى حيوات متعدّدة.
الفلسفة والتقمّص: نظرة لاختبار المعنى
في الفلسفة الوجودية، كما في كتابات جان بول سارتر وألبير كامو، نجد رفضًا للميتافيزيقا الظاهرة، لكننا نجد في طيّات هذه الفلسفة انفتاحًا عميقًا على سؤال المعنى. وإن كان كامو قد رأى في الانتحار محاولة يائسة للهروب من عبثية الحياة، فإنّ التقمّص قد يكون الرد الأكثر حكمة: لسنا هنا عبثًا، ولسنا المرة الأولى. نحن نأتي لنفهم، لنُصلح، لنرتقي.
أمثلة حيّة: حين تتكلم الأرواح
كم من طفلٍ صغير تحدّث بلغة لم يتعلّمها قط؟ كم من فتاة تروي قصة موتها في حياة سابقة بتفاصيل لم تسمعها من قبل؟
في الهند، وثّق الطبيب "إيان ستيفنسون" أكثر من 2000 حالة لأطفال تذكّروا تفاصيل دقيقة عن حياتهم السابقة، وتمّ التحقق من العديد منها.
وفي الديانة الدرزية، يُروى عن شيخٍ قال لطفل لم يتجاوز السابعة: "أنت كنت جاري في بيت لحم، وقد قتلوك ظلمًا، وهذه البقعة على رقبتك دليل طلقة النار القديمة"، وإذا بالطفل يرتجف ويكمل القصة بعيون رجل عاشها قبل ثلاثين عامًا!
بين الرفض العلمي والتصديق الروحي
العلم لا يستطيع بعد أن يؤكد تقمّص الأرواح، لكنه عاجز عن نفيه تمامًا. العقل المادي لا يمكنه اختزال الروح، لأنها تنتمي إلى مجال أوسع، أكثر شفافية وسرًّا.
الإنسان ليس فقط لحمًا ودمًا. نحن ذاكرة، إحساس، بصيرة. فمن أين تأتي كل هذه المشاعر الغامضة تجاه أماكن لم نزرها؟ أو رهبة من مشاهد لم نرَها قط، وكأنها طُبعت في أعماقنا قبل الميلاد؟
التقمّص كعدالة كونية
حين نؤمن أن لكل فعل عاقبة، لكن لا نراها تتحقّق في حياة الإنسان الواحدة، يكون التقمّص تفسيرًا عادلاً: المجرم يعود ليُكفّر، والضحية تعود لتشفى، والروح تعود لتكمل.
إنه ليس عقابًا، بل تطهيرٌ وتكامل. وكأننا في مدرسة الوجود الكبرى، نعيد الصفوف حتى نفهم الدرس جيّدًا.
وماذا بعد؟
لا أدعوك إلى الإيمان الأعمى، بل إلى التأمل.
حين تشعر بأنك تعرف أحدهم من قبل، أو أن مدينة ما تتنفس فيك رغم أنك تزورها لأول مرة، توقف.
ربما مررت من هنا من قبل...
ربما قلبك يحمل نبضًا آخر، أقدم، لكنه حيّ.
ختامًا: الروح تعرف الطريق
يقول جبران خليل جبران: "إنما أنتم الحياة، وأنتم الموت، وأنتم من يعيد الحياة بعد الموت".
ربما لا تكون الأرواح إلا مرآة الأبدية فينا. ونحن في تقمّصنا، لا نهرب من الموت، بل نواجهه، ونتعلّم، ونمضي... حتى نكتمل.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سحر خليفة تُضيء -مصابيح أورشليم-: رواية تكتب الوجع المقدسي ب ...
- بين التعميم والتضليل والتحريف... حين تُغتال الحقيقة بأيدٍ نا ...
- **الحرية الحقيقية: تأملات فلسفية في جوهر الوجود**
- غسان كنفاني... حين تصبح الكلمة بندقية واللاجئ نبيًّا
- الأدب الفلسطيني بين 1995 و2024: بين النزيف والنهوض
- أمام الله، بكل قوتي-
- الفوضى التي تصنعنا ، كيف تُهندس الصدمات ملامح أرواحنا ،
- “لأنني لا أملك رفاهية الصمت”
- في حضرة التقاعد: خمسة أصوات تتداخل في مرآة رجل واحد
- كن إنسانًا أولاً… ثم حدّثني عن الدين
- “أصابع اليد… وأوهام الصحاب”
- الساخر الذي فضح المأساة: نبيل عودة قلمٌ من نار ومرآة من ضمير
- أيمن عودة… حين يُقصى الصوت الحر من كنيست الاحتلال
- “بيني وبين الدبلوماسية ألف ميل وميل” أكتب بوضوح… لا أتملق
- نحن مسيحيون ولسنا نصارى
- الحمد لله على نعمة الإنسانية
- “الإبداع لا يُختَصر في جماعة: دعونا نتحرر من الشليلة”
- سوريا… وترتيلةُ الدم في كنيسة مار إلياس
- ✦ مسيحيو الشرق: ملح الأرض ونورها
- من يستطيع أن يُعرب كلمة “صُمير”؟


المزيد.....




- أجنحة عارضة الأزياء من أصول فلسطينية بيلا حديد تشعل تفاعلا ب ...
- الأردن: توقيف51 طالبا على خلفية مشاجرة واسعة في جامعة
- إليكم 3 مؤشرات على سبب استمرار صمود وقف إطلاق النار في غزة ح ...
- الأمير أندرو يتخلى عن لقبه كـ-دوق يورك-، ما القصة؟
- نادر صدقة.. أسير سامري حررته المقاومة الفلسطينية من إسرائيل ...
- من هو توفيق أبو نعيم.. المرشح لخلافة السنوار في غزة؟
- البرلمان البرتغالي يصوّت على منع النقاب في الأماكن العامة
- ترامب يصدر عفوا رئاسيا عن -النائب الكاذب-
- -نعم ولا-.. غموض أميركي يُربك حسابات كييف وموسكو
- خطيب الحرم المكي يثير تفاعلا بدعاء للفلسطينيين بخطبة الجمعة ...


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - تقمّص الأرواح: ما بين سرّ الوجود وحكمة التكرار