أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - غسان كنفاني... حين تصبح الكلمة بندقية واللاجئ نبيًّا














المزيد.....

غسان كنفاني... حين تصبح الكلمة بندقية واللاجئ نبيًّا


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8390 - 2025 / 7 / 1 - 18:28
المحور: الادب والفن
    


من قال إن القتلى يذهبون إلى الموت؟
غسان كنفاني لم يمت، لأنه لم يعش فردًا، بل عاش فكرة. لم يُكتب بالحبر فقط، بل بالحريق والوجع، بالمخيم والخيمة، بالأرض المسلوبة والصوت المقموع.
هو ليس مجرد كاتب، بل شاهد وشهيد ومقاتل بالكلمة، أغنَت نصوصه عن الرصاصة، وألهبت وعي أجيال لم تولد بعد.
■ من يكتب لاجئًا؟
في روايته "عائد إلى حيفا"، لا نقرأ حكاية عائلة فلسطينية فحسب، بل نقرأ الوطن وقد مُزّق أمام أعيننا، نقرأ سؤالًا رهيبًا: من هو الفلسطيني الحقيقي؟
هل هو من بقي داخل الوطن، تحت الاحتلال، يتأقلم؟
أم من خرج، يحمل ذاكرة الأرض، يورثها خوفًا وحنينًا؟
إنها رواية تحاكمنا، لا تحتوينا فقط.
في "رجال في الشمس"، يُلقي غسان الضوء على جرح أكبر:
لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟
لماذا ماتوا صامتين؟
لقد وضع إصبعه على هشاشتنا كلاجئين، على عجزنا كمهجّرين، وجعل القارئ يخجل من موته الداخلي قبل موت شخصياته.
■ القصة ليست قصة خيال
لم يكتب غسان عن شخصيات خيالية، بل عن خاله، عن جاره، عن أمه التي أجهشت بالبكاء حين نزحوا من عكا.
كتب لأن الكتابة كانت آخر ما تبقى من السلاح.
كان يعرف أن الرواية ليست فقط أداة فنية، بل أداة مقاومة.
لم يكن ليجلس في برج عاجي، كان يكتب من الطين، من الجوع، من ضيق الأزقة، ومن رائحة الخبز المحروق في لجوء لا يشبه الحياة.
■ غسان كنفاني والمرأة
غسان لم يكن من أولئك الكتّاب الذين اختزلوا المرأة في جسد أو دور ثانوي، بل جعلها وجدانًا وعمقًا.
رُهام، صفية، أم سعد، شخصيات نسائية حاضرة ومؤثرة، تحملن العبء، ويقاومن بالصبر والوعي.
في "أم سعد"، تصبح الأم صوت الحارة، عقل المخيم، وذاكرة الثورة.
إنه يعيد للمرأة الفلسطينية كيانها النضالي دون أن يصادر إنسانيتها.
■ غسان كنفاني والسياسة
كان غسان عضوًا في الجبهة الشعبية، لكنه لم يكتب أدبًا حزبيًا ضيقًا.
لم يرفع شعارات، بل نبش في اللحم الفلسطيني، وعرّى التخاذل والصدع الداخلي.
لم يكن يخاف من الحقيقة، ولهذا خافوه.
ولأن الكلمة عنده كانت تقاوم، اغتالوه.
عام 1972، اغتالوه، كما يُغتال كل من يحوّل القلم إلى خنجر.
لكنهم لم يستطيعوا اغتيال أثره، ولم يقدروا على إخماد صوته، لأن صوته كان أصلاً صدى لصوت الناس.
■ الكلمة المشتعلة
ما كتبه غسان لم يكن فقط أدبًا، بل وثيقة أخلاقية، صرخة وجدانية، وتاريخًا يُروى دون تزوير.
رواياته ليست مجرد صفحات، بل جدران يقف أمامها الفلسطيني ليعرف من هو، وليسأل نفسه:
ماذا فعلتُ من أجل وطني؟
وماذا فعل وطني من أجلي؟
■ ختامًا...
غسان كنفاني لم يكن نبيًا، لكنه قال لنا الحقيقة دون وحي.
لم يكن مقاتلًا، لكنه هزّ الوعي كأنما أطلق قنبلة.
لم يكن شهيدًا عاديًا، بل شهيد الحبر والورق، شهيد المخيم والكلمة، شهيد فلسطين الكبرى التي لم تخن أبناءها.
وحده الذي يكتب بحبر الحقيقة يُغتال.
وحده الذي لا يساوم، يعيش طويلًا في قلوب الناس.
سلام عليك يا غسان،
كنت كلمة... وصرتَ راية.
وستبقى، لأن العظماء لا يُغتالون، بل يُنبتون في كل ضمير حر.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأدب الفلسطيني بين 1995 و2024: بين النزيف والنهوض
- أمام الله، بكل قوتي-
- الفوضى التي تصنعنا ، كيف تُهندس الصدمات ملامح أرواحنا ،
- “لأنني لا أملك رفاهية الصمت”
- في حضرة التقاعد: خمسة أصوات تتداخل في مرآة رجل واحد
- كن إنسانًا أولاً… ثم حدّثني عن الدين
- “أصابع اليد… وأوهام الصحاب”
- الساخر الذي فضح المأساة: نبيل عودة قلمٌ من نار ومرآة من ضمير
- أيمن عودة… حين يُقصى الصوت الحر من كنيست الاحتلال
- “بيني وبين الدبلوماسية ألف ميل وميل” أكتب بوضوح… لا أتملق
- نحن مسيحيون ولسنا نصارى
- الحمد لله على نعمة الإنسانية
- “الإبداع لا يُختَصر في جماعة: دعونا نتحرر من الشليلة”
- سوريا… وترتيلةُ الدم في كنيسة مار إلياس
- ✦ مسيحيو الشرق: ملح الأرض ونورها
- من يستطيع أن يُعرب كلمة “صُمير”؟
- من قال إن الكنائس لا تُفجّر؟! — دماء مار إلياس تصرخ في شوارع ...
- الرملة واللد ويافا: ثلاثية الجرح الفلسطيني من النكبة إلى معر ...
- الإصغاء كفعل مقاومة: من دورة توجيه المجموعات في مركز ريان، إ ...
- -همسات من الوطن العربي-- قصص قصيرة جداً


المزيد.....




- ملتقى الشارقة للراوي يقتفي أثر -الرحالة- في يوبيله الفضي
- بعد عامين من الحرب في السودان.. صعوبة تقفّي مصير قطع أثرية م ...
- أبرز إطلالات النجمات في مهرجان البندقية السينمائي 2025
- أبو حنيحن: الوقفة الجماهيرية في الخليل حملت رسالة الالتزام ب ...
- ميغان تشوريتز فنانة جنوب أفريقية عاشت الأبارتايد ونبذت الصهي ...
- السنوار في الأدب العالمي.. -الشوك والقرنفل- من زنازين الاحتل ...
- شعوذة.. طموح.. حب.. موسيقى وإثارة.. 9 أفلام تعرض في سبتمبر
- قصة ملك ليبيا محمد إدريس السنوسي الذي أطاح به القذافي
- كيف أصبح مشروب شوكولاتة للأطفال رمزا للاستعمار الفرنسي؟
- المخرج الأميركي جارموش مستاء من تمويل صندوق على صلة بإسرائيل ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - غسان كنفاني... حين تصبح الكلمة بندقية واللاجئ نبيًّا