أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رانية مرجية - كن إنسانًا أولاً… ثم حدّثني عن الدين














المزيد.....

كن إنسانًا أولاً… ثم حدّثني عن الدين


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 09:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حين سمعت العبارة أول مرة: “كن إنسانًا أولاً، ثم حدّثني عن الدين”، لم أسمعها فقط بأذني، بل ارتجّت في أعماقي كناقوس يُقرع من مكان بعيد… كأنها جاءت لتوقظ فينا سؤالًا مؤجَّلًا: هل يمكن للدين أن يكون ستارًا نغطي به خيبتنا الأخلاقية؟ وهل صرنا بحاجة إلى التذكير بأن الله لا يسكن في الشعارات، بل في النوايا والأفعال؟
لقد صرنا نعيش في زمن يعلو فيه صوت الوعّاظ أكثر من صوت المتألمين. زمن يُرفع فيه كتاب الله على لافتات المتعصّبين أكثر مما يُفتح في حضن فقير أو على سرير مريض أو في يد طفل يتيم. وصرنا، للأسف، نُقاس بمقدار التزامنا الظاهري بالشعائر، لا بمقدار ما نحمله من رحمة، وصدق، وكرامة، وإنصاف.
أيُّ دين هذا الذي لا يرتجف غضبًا حين يُظلم إنسان؟
أيُّ إيمان هذا الذي لا ينكسر حين يُهان الفقير باسم الله؟
أيُّ تدينٍ هذا الذي يزرع الفُرقة، ويُجيز الغدر، ويُشيد الأسوار بدل الجسور؟
أنا لا أكتب ضد الدين – حاشا لله – بل أكتب دفاعًا عنه.
أدافع عن وجهه الحقيقي، عن معناه الأول، عن روحه التي تمشي حافيةً بين الناس، تُطعم، وتغفر، وتحتضن. أكتب لأقول: إن الدين الذي لا يُترجم إلى إنسانية، ليس من الله، بل من صُناع الكراهية في معابد النفاق.
لقد رأينا من يذبح باسم العقيدة، ويُكفّر باسم الفتوى، ويجلد باسم العفّة، ويُقصي باسم النقاء… وكلّهم، دون استثناء، نسوا أن أول ما أنزله الله في كلّ الديانات لم يكن قانونًا ولا سيفًا، بل وصيّة بسيطة: “لا تقتل، لا تظلم، لا تكذب، لا تزِنِ، لا تشتهي ما ليس لك”.
ما أغربَ البشر حين يُطيلون صلاتهم ليبرّروا قسوتهم، ويَخشون الله في لباس امرأة، ولا يَخشونه في دَمعة يتيم.
الدين الذي لا يزرع التواضع، ليس دينًا…
والدين الذي لا يحمي كرامة الإنسان، ليس سوى قناعٍ خادعٍ لمشاعر متعفّنة.
لقد علّمتني التجارب، أنّ الذين يحملون أنبل القيم، هم أولئك الذين لا يتباهون بإيمانهم، بل يُترجمونه في لحظة عطش، أو كلمة طيّبة، أو وقفة حقّ.
في قريتي، كانت جدتي تُصلّي بخشوع، لكنّها لم ترفع صوتها يومًا لتُخبرنا كم ركعة صلّت. كانت تصوم، لكنّها تفطر على خبز تقاسمته مع جارٍ جائع. كانت تلبس ثوبًا بسيطًا، ولكن وجهها كان يضيء من طهارة قلبها.
وأنا، كلما فكّرتُ في صورة الدين الحقّ، تذكّرت يديها… يدين ترتجفان حين يُطرق الباب في الليل، لأن خلفه إنسان قد يحتاج لقلبٍ لا لمحاضرة.
يا صديقي…
حدّثني عن الدين فقط إن كنت قد جرّبت الجوع، فشبعت ولم تنسَ الجائع.
حدّثني عن الإيمان فقط إن كنت قد تذوّقت الظلم، فرفضته حتى حين كنت في موضع قوّة.
حدّثني عن التقوى فقط إن كنت لا تغتاب، ولا تجرح، ولا تحكم على الناس كأنك الله.
إنسانيتك هي جواز سفرك إلى الله…
فإن مزّقتها لتدخل معسكر الطقوس فقط، فاعلم أن الرحلة انتهت قبل أن تبدأ.
نعم، كن إنسانًا أولًا، ثم حدّثني عن الدين.
لأن الله لا يعبد بالكلمات فقط، بل بما نصنعه من نور للآخرين… وما نمنعه عنهم من ظلام



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “أصابع اليد… وأوهام الصحاب”
- الساخر الذي فضح المأساة: نبيل عودة قلمٌ من نار ومرآة من ضمير
- أيمن عودة… حين يُقصى الصوت الحر من كنيست الاحتلال
- “بيني وبين الدبلوماسية ألف ميل وميل” أكتب بوضوح… لا أتملق
- نحن مسيحيون ولسنا نصارى
- الحمد لله على نعمة الإنسانية
- “الإبداع لا يُختَصر في جماعة: دعونا نتحرر من الشليلة”
- سوريا… وترتيلةُ الدم في كنيسة مار إلياس
- ✦ مسيحيو الشرق: ملح الأرض ونورها
- من يستطيع أن يُعرب كلمة “صُمير”؟
- من قال إن الكنائس لا تُفجّر؟! — دماء مار إلياس تصرخ في شوارع ...
- الرملة واللد ويافا: ثلاثية الجرح الفلسطيني من النكبة إلى معر ...
- الإصغاء كفعل مقاومة: من دورة توجيه المجموعات في مركز ريان، إ ...
- -همسات من الوطن العربي-- قصص قصيرة جداً
- أن تكون مثقفًا يعني أن تشجّع غيرك وتدعمه
- أمي، هل تسمعينني الآن؟
- ارتعاش الخلاص
- حين تنطق الأرض وتبكي السماء
- وصايا لعصر تائه
- يا مَن كُسِرَ قلبه ولم يصرخ، الربُّ معك!


المزيد.....




- “تحديث ثمين” تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصناعية بإشار ...
- شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية ...
- عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس
- الاحتلال يعتقل شابا من -الأقصى- ويبعد أحد حراس المسجد
- 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- ما مستقبل المسيحيين في سوريا في ظل السلطة الجديدة؟
- خطيب الأقصى: ظهور نتنياهو في أنفاق المسجد تحد لإثبات السيادة ...
- الأرجنتين: القضاء يعتزم محاكمة مسؤولين إيرانيين سابقين غيابي ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 شغله على نايل وعرب سات بكل ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رانية مرجية - كن إنسانًا أولاً… ثم حدّثني عن الدين