رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8379 - 2025 / 6 / 20 - 11:24
المحور:
الادب والفن
أمي،
أكتب إليكِ وقد كبرتُ فجأة.
كأن رحيلك سحب من وجهي الطفولة ومن عينيّ الضوء،
كأنكِ حين أغمضتِ عينيكِ، انطفأ شيء في هذا العالم…
وفيّ.
أمي،
لم أصدق خبر موتك.
ضحكتُ ضحكة خرساء حين قالوا: “رحلت”.
كيف ترحلين وأنتِ الوطن؟
كيف تموت امرأة كانت الحياة تمشي على قدميها؟
كيف تسكتين، وأنتِ التي لم تكن تعرف الصمت إلا حين تصلّين؟
أمي،
منذ موتك وأنا أتعثر بالحنين.
أحضن الوسائد كأنها حضنكِ،
أغلق عينيّ كي أراكِ،
أصنع قهوتكِ وأتركها تبرد،
فمن يشربها الآن غير الدموع؟
أمي،
ما زلتُ أبحث عنكِ في وجوه النساء،
أفتّش عن طريقتك في لمّ شعركِ،
في ضحكتكِ التي كانت تُرضعني سلامًا،
في صوتكِ حين تقولين لي “ديري بالك ع حالك يا ماما”.
أمي،
أفتقد حنانكِ،
أفتقد صبرك،
وأفتقدكِ حين أحتاج أن أبكي دون تفسير.
كل من حولي يقول:
“اصبري، الزمن يعلّمك النسيان.”
لكنهم لا يعرفون أنني لا أريد أن أنساكِ،
أن النسيان خيانة،
وأنني ما زلتُ أتحدث إليكِ كل ليلة،
كأنكِ في الغرفة المجاورة،
كأنكِ ستفتحين الباب وتقولين لي:
“خلص يا ماما… بكرا أحلى”.
أمي،
لا بكرا أحلى،
ولا اليوم يُطاق.
لكنني أحاول أن أبتسم كما علمتِني،
أن أكون قوية كما كنتِ،
أن أحب كما كنتِ تحبين دون شروط،
أن أترك أثري كما تركتِه… فيّ.
رحمكِ الله كما كنتِ رحمًا لي في كل شيء.
ابنتكِ التي لم تشفَ منكِ،
ولن تشفى.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟