أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - “لأنني لا أملك رفاهية الصمت”














المزيد.....

“لأنني لا أملك رفاهية الصمت”


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 08:32
المحور: الادب والفن
    


يسألني أحدهم، بل يسألني الجميع، كلما نشرتُ مقالًا، أو قصيدة، أو قصة، أو صرخة مكتوبة:
“لماذا تكتبين بهذا التتابع؟ ألم تتعبي؟ ألم يضِق بكِ الورق؟”
أبتسم كمن يعرف الجواب، لكنه يتألم من اضطراره لشرحه مرارًا.
أنا لا أكتب لأن لديّ وقت فراغ.
ولا أكتب لأثبت أنني شاعرة، أو ناقدة، أو كاتبة قصة.
أنا أكتب لأنني لا أملك رفاهية الصمت.
حين يكتب الكاتب خمسًا أو ستّ مقالات خلال أسبوع، في أنماط شتّى — نقد، قصة، قصيدة، وجع، غضب، صلاة — فليس ذلك ناتجًا عن ترفٍ بل عن حاجة وجودية.
كل نصّ أكتبه هو جزء مقتطَع من ذاتي.
كل نوع أدبي أختاره، ليس رغبة في التنويع، بل لأن المعنى اختار شكله وحده.
بعض النصوص تولد قصائد لأن الألم لا يقبل النثر.
وبعضها قصصًا لأن الواقع يحتاج التواري خلف شخصية وهمية كي يُفهم.
وبعضها مقالات، لأن الحقيقة يجب أن تُقال كما هي، دون رقص لغوي ولا مواربة.
وأنا، حين أكتب عن أديبٍ أو مسرحيّ، لا أسأل عن دينه ولا حزبه ولا مدينته.
ما يعنيني هو ما وجدتُ في نصّه:
صلاة، حياة، رجاء…
ذلك البريق الذي يشبه الله حين يتجلّى في الكتابة الصادقة.
أنا لا أجامِل.
ولا أكتب مجاملةً لأحد.
أكتب لأن هناك من يستحق أن نضيء عليه، لأن صوته لا يخضع للضجيج الطائفي، ولا للموضة الأيديولوجية، بل لأن روحه كتبت قبله، وتكلّمت نيابة عنه، ووضعت يدها على كتفنا وقالت: “أنا الإنسان”.
أنا لا أفتخر بكثرة ما أكتب، بل أخجل أحيانًا من كمية ما لم أستطع أن أقوله بعد.
فالكتابة ليست عندي مشروعًا ثقافيًا، بل خلاص داخلي.
إن لم أكتب، أختنق.
إن لم أُعبّر، أتحوّل إلى نسخة أخرى مني لا أحبّها: امرأة متعبة، صامتة، تبتلع القهر، وتساير الحياة.
الذين يحاكمون الكاتب على تنوّع نصوصه لا يعرفون شيئًا عن الكتابة.
ولا عن وجعها.
ولا عن شجاعتها.
لا يعرفون أن الكاتب حين يكتب، يكون في معركة.
ضد الإنكار.
ضد التواطؤ.
ضد الرداءة.
ضد الصمت الذي يريد لنا أن ننام ودمنا لمّا يجف.
من قال إن الكتّاب لا يتناقضون؟
من قال إن على الكاتب أن يختار قالبًا واحدًا كأنه في نشرة الأحوال المدنية؟
أنا أكتب قصة حين أريد أن أهرب من الواقع، وأكتب مقالة حين أريد أن أصفعه.
أكتب قصيدة حين أبكي، وأكتب نقدًا حين أغضب.
هل في ذلك ترف؟ أم صدق؟
ثمّة كتّاب لا يكتبون إلا حين يتلقّون دعوة من مهرجان، أو عرضًا من جريدة.
وأنا لا أنتظر شيئًا.
الكتابة لا تنتظر، والوجع لا يؤجل.
ولا أحد دعاني إلى الكتابة… سوى قلبي.
الكتابة عندي فعل نجاة.
ومن لا يكتب بهذه الروح، فليصمت.
لأن النص الذي لا يحمل بصمة صاحبه، لا وزن له… حتى لو حاز إعجاب النقّاد.

أنا رانية مرجية، من الرملة.
أكتب لأنني وجدت في الإبداع صلاة، وفي النصوص الصادقة حياة.
أكتب عن الإنسان، لا عن اللافتة التي يرفعها فوق كتفه.
وأكتب لأنني إن لم أكتب، أموت بصمت لا أحد يسمعه.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حضرة التقاعد: خمسة أصوات تتداخل في مرآة رجل واحد
- كن إنسانًا أولاً… ثم حدّثني عن الدين
- “أصابع اليد… وأوهام الصحاب”
- الساخر الذي فضح المأساة: نبيل عودة قلمٌ من نار ومرآة من ضمير
- أيمن عودة… حين يُقصى الصوت الحر من كنيست الاحتلال
- “بيني وبين الدبلوماسية ألف ميل وميل” أكتب بوضوح… لا أتملق
- نحن مسيحيون ولسنا نصارى
- الحمد لله على نعمة الإنسانية
- “الإبداع لا يُختَصر في جماعة: دعونا نتحرر من الشليلة”
- سوريا… وترتيلةُ الدم في كنيسة مار إلياس
- ✦ مسيحيو الشرق: ملح الأرض ونورها
- من يستطيع أن يُعرب كلمة “صُمير”؟
- من قال إن الكنائس لا تُفجّر؟! — دماء مار إلياس تصرخ في شوارع ...
- الرملة واللد ويافا: ثلاثية الجرح الفلسطيني من النكبة إلى معر ...
- الإصغاء كفعل مقاومة: من دورة توجيه المجموعات في مركز ريان، إ ...
- -همسات من الوطن العربي-- قصص قصيرة جداً
- أن تكون مثقفًا يعني أن تشجّع غيرك وتدعمه
- أمي، هل تسمعينني الآن؟
- ارتعاش الخلاص
- حين تنطق الأرض وتبكي السماء


المزيد.....




- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...
- مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك ...
- بين رواندا وكمبوديا وغزة.. 4 أفلام عالمية وثقت المجاعة والحص ...
- المعمار الصحراوي.. هوية بصرية تروي ذاكرة المغرب العميق


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - “لأنني لا أملك رفاهية الصمت”