أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - سحر خليفة تُضيء -مصابيح أورشليم-: رواية تكتب الوجع المقدسي بأنفاس نسوية














المزيد.....

سحر خليفة تُضيء -مصابيح أورشليم-: رواية تكتب الوجع المقدسي بأنفاس نسوية


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8394 - 2025 / 7 / 5 - 11:53
المحور: الادب والفن
    


من القدس تبدأ الرواية، ومنها تنبع الحكاية، وفيها تشتعل المصابيح التي تضيء ما بعد أوسلو، تلك المرحلة الرمادية التي تخلّت فيها السياسة عن شرفها، وتخلّت العواصم العربية عن المدينة التي لا تعرف سوى الكبرياء.
رواية "مصابيح أورشليم" للروائية الفلسطينية سحر خليفة ليست رواية تقليدية، بل هي عمل إبداعي يُكتب على جدار القلب، ويُقرأ بعينين دامعتين، لا لضعف، بل لفرط الإدراك. إنها أكثر من نص سردي، إنها فعل مقاومة لغوية، وصيحة نسوية وطنية، ومحاولة عنيدة لإنقاذ الذاكرة من الغرق في بحر التنازلات.
المرأة كمدينة، والمدينة كامرأة
في كل سطر من الرواية، تنعكس صورة القدس في عيون النساء اللواتي يسرن بثقل الحصار، لا فقط حصار الاحتلال، بل الحصار الذكوري، الديني، العائلي، والوطني المزيّف.
سحر خليفة لا تفصل بين وجع المرأة ووجع المدينة، بل تمزجهما حتى لا يعود بالإمكان التمييز بين الجرحين.
فالقدس التي تُسرق من أبنائها، تُشبه تمامًا المرأة التي تُنتزع منها إرادتها، باسم الدين حينًا، وباسم الوطن حينًا آخر.
نقرأ عن النساء المقدسيات وهنّ يفتحن نوافذ الحارات القديمة، لا لتهوية البيت فقط، بل لتهوية الحقيقة المخنوقة، ولتمرير نسمة مقاومة في الأزقة التي تعبت من الشعارات الفارغة.
القدس بعد أوسلو: وطن بلا ظلال
الرواية لا تخجل من مواجهة المرحلة التي أعقبت اتفاق أوسلو، بل تفتح الجرح مباشرة:
ماذا يعني أن يُجزّأ الوطن؟
ماذا يعني أن تصبح المدينة المقدسة مسرحًا للمشاريع العقارية، والصفقات الأمنية، والتنسيق المقدس؟
سحر خليفة تتقدم ككاتبة حارسة، لا كمتفرجة. تسأل في عمق الرواية: هل بوسعنا أن نعيش في وطن لا يفتح لنا أبوابه، ولا نعترف فيه حتى على أنفسنا؟
في ظل انحسار الخطاب التحرّري وتراجع اليسار، تُقدّم الرواية قراءة نقدية للواقع الفلسطيني، حيث تبهت المفاهيم، وتتبدل الأدوار، ويغدو العدو في بعض الأحيان أكثر وضوحًا من "الشقيق" الذي يبيعك تحت الطاولة.
بين الأسطورة والواقع... سرد متوازن ببراعة
الرواية لا تقع في فخ التوثيق الجامد، ولا في فخ الرومانسية العاطفية. بل تمشي بينهما بتوازن يشبه رقصة غجرية على أسوار المدينة.
الرمز حاضر، ولكنّه ليس هروبًا من الواقع، بل نافذة تطلّ عليه من زاوية أخرى.
الأسطورة هنا لا تعني المبالغة، بل تعني البحث عن معنى أعمق للمدينة، لأهلها، لذاكرتها المعذبة، وللقوة الكامنة في ضعف النساء اللواتي لا يسقطن.
المصابيح ليست فقط إنارة مادية، بل رمز للوعي، للصمود، للاحتفاظ بالكرامة في أحلك اللحظات.
اللغة: سيف من نور
ما يميّز "مصابيح أورشليم" ليس فقط موضوعها، بل لغتها.
سحر خليفة تكتب ببلاغة امرأة تعرف مرارة الانكسار وحلاوة الكرامة.
لغتها ليست ترفًا أدبيًا، بل أداة حفر، تنبش التناقضات، تفضح الزيف، وتعرّي النفاق.
ليس هناك جملة زائدة، وليس هناك استعارة مجّانية. كل كلمة تؤدي مهمّة وجدانية وسياسية في آنٍ واحد.
نسوية لا تعادي الرجال، بل تحاكم النظام
رغم أن الرواية تتكئ على منظور نسوي واضح، إلا أنها لا تعادي الرجل، بل تحاكم البنى التي جعلت من المرأة ظلًّا تابعًا، ومن الرجل سيفًا فوق عنقها.
الرجال في الرواية ليسوا أعداء، بل ضحايا في كثير من الأحيان، تتوزع أدوارهم بين التائه والمُستلب والآبق.
لكن البطولة الحقيقية تظل نسائية، تلك التي تعيد للقدس ملامحها من خلال الصبر، الحلم، والوعي.
في الختام: الرواية بوصفها مقاومة
"مصابيح أورشليم" عمل يتجاوز الأدب. إنها وثيقة وجدانية وفكرية ونسوية تكتبها امرأة بمقام وطن.
سحر خليفة لا تكتفي بأن تسرد، بل تشعل شمعة في عتمة روحية يعيشها الفلسطيني، لا بسبب الاحتلال فقط، بل بسبب خيبات الداخل وخذلان المرحلة.
الرواية تهمس لنا:
“القدس ليست أرضًا نفاوض عليها، بل قلبًا لا يجوز نسيانه. والنساء فيها لا ينتظرن التحرير، بل يصنعنه.”
ولهذا، فإن كل من يقرأ "مصابيح أورشليم" لا يخرج منها كما دخل.
إنها رواية تغيّرك، توقظك، وتشعل داخلك سؤالاً لا ينطفئ: أين مصباحي أنا؟



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين التعميم والتضليل والتحريف... حين تُغتال الحقيقة بأيدٍ نا ...
- **الحرية الحقيقية: تأملات فلسفية في جوهر الوجود**
- غسان كنفاني... حين تصبح الكلمة بندقية واللاجئ نبيًّا
- الأدب الفلسطيني بين 1995 و2024: بين النزيف والنهوض
- أمام الله، بكل قوتي-
- الفوضى التي تصنعنا ، كيف تُهندس الصدمات ملامح أرواحنا ،
- “لأنني لا أملك رفاهية الصمت”
- في حضرة التقاعد: خمسة أصوات تتداخل في مرآة رجل واحد
- كن إنسانًا أولاً… ثم حدّثني عن الدين
- “أصابع اليد… وأوهام الصحاب”
- الساخر الذي فضح المأساة: نبيل عودة قلمٌ من نار ومرآة من ضمير
- أيمن عودة… حين يُقصى الصوت الحر من كنيست الاحتلال
- “بيني وبين الدبلوماسية ألف ميل وميل” أكتب بوضوح… لا أتملق
- نحن مسيحيون ولسنا نصارى
- الحمد لله على نعمة الإنسانية
- “الإبداع لا يُختَصر في جماعة: دعونا نتحرر من الشليلة”
- سوريا… وترتيلةُ الدم في كنيسة مار إلياس
- ✦ مسيحيو الشرق: ملح الأرض ونورها
- من يستطيع أن يُعرب كلمة “صُمير”؟
- من قال إن الكنائس لا تُفجّر؟! — دماء مار إلياس تصرخ في شوارع ...


المزيد.....




- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- مكتبة الإسكندرية تحتفي بمحمد بن عيسى بتنظيم ندوة شاركت فيها ...
- زائر متحف فرنسي يتناول -العمل الفني- المليوني موزة ماوريتسيو ...
- شاهد فنانة إيرانية توظّف الفن لخدمة البيئة والتعايش
- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - سحر خليفة تُضيء -مصابيح أورشليم-: رواية تكتب الوجع المقدسي بأنفاس نسوية