أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رانية مرجية - بين التعميم والتضليل والتحريف... حين تُغتال الحقيقة بأيدٍ ناعمة














المزيد.....

بين التعميم والتضليل والتحريف... حين تُغتال الحقيقة بأيدٍ ناعمة


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 07:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في هذا الزمن المتسارع، لم تعد الحقيقة هي تلك النبتة التي تنمو ببطء في تربة العقل، وتسقى بماء المعرفة، وتزهر في ضوء الحكمة. لقد تحولت إلى سلعة معروضة على رفوف وسائل الإعلام ومنصات التواصل، تُقص وتُجز وتُلمع وتُطعّم بحسب الهوى والمصالح. وإن أخطر ما تواجهه الحقيقة اليوم، ليس التجاهل، بل التعميم، والتضليل، والتحريف.
التعميم... تلك الآفة الفكرية التي تقتل الفهم في مهده، وتختصر البشر في قوالب جاهزة، فتُجردهم من فرديتهم وتجاربهم. نقول: "النساء كلهنّ عاطفيات"، "الشعوب العربية لا تقرأ"، "جيل اليوم لا يعرف المسؤولية"... وكأننا نصدر أحكامًا إلهية، لا تقبل المراجعة. لكن الحقيقة، أيها القارئ النبيل، لا تُختزل في جملة واحدة، ولا في خبر عاجل، ولا حتى في دراسة واحدة. الحقيقة، بطبعها، فسيفساء ملونة، تحتاج إلى أن نقترب منها لنراها كاملة، لا أن نحكم عليها من خلف الزجاج.
أما التضليل، فهو العدو المتأنق، الذي يرتدي بدلة الإعلام المهذبة، ويتسلل إلى عقولنا بهدوء. هو ليس الكذب المباشر، بل نصف الحقيقة... الربع منها أحيانًا. يُخبرك عن حادثة، ويخفي السياق. ينقل لك تصريحًا، ويقص الجملة التي قبله والتي بعده. ينشر صورة، لكنه لا يخبرك متى وأين ولماذا التُقطت. وهكذا، تجد نفسك مشدوهًا، مندهشًا، غاضبًا أحيانًا، وأنت لا تعلم أنك وُضعت داخل متاهة ذكية، صممها من يعرف تمامًا كيف يوجّه مشاعرك قبل أفكارك.
أما التحريف، فهو القتل البطيء للمعنى. يحدث عندما يُؤخذ نص من بيئته، أو يُحرّف قول في سياقٍ ثقافي أو ديني أو سياسي، لتصبح الكلمة خنجراً، بعد أن كانت بلسمًا. نقرأ كثيرًا عناوين تشوّه مضمون المقال، أو تفسيرات مغلوطة لنصوص مقدسة، تُساق لتبرير ظلم أو كراهية. هنا، لا تُغتال الحقيقة فقط، بل يُغتال الضمير أيضًا.
في هذا الزمن الرقمي، حيث المعلومة أسرع من الوعي، نحن بحاجة إلى وقفة تأمل. لا يكفي أن نستهلك الأخبار، بل يجب أن نحاكمها. لا يجوز أن نمنح ثقتنا المطلقة لأي رواية، مهما بدت جذابة أو قاطعة. فكل تعميم يُقصي، وكل تضليل يُوجّه، وكل تحريف يُمزق النسيج الذي نحاول أن نرتقه بخيوط الوعي والمعرفة.
إن مقاومة التعميم والتضليل والتحريف ليست مجرد معركة فكرية، بل هي معركة أخلاقية أولاً. إنها امتحان للضمير، وقدر من لا يرضى أن يكون تابعًا أعمى، أو صدى لصوت لا يعرف مصدره.
وختامًا، أكتب إليكم كابنة لهذه الأرض، كمواطنة حرة، ككاتبة تعبت من المساحيق الإعلامية ومن تزييف العقول، لأقول:
لا تصدقوا كل ما يُقال لكم،
ولا تقرأوا بأعين الآخرين،
ولا تكرروا كلامًا لم تختبروه.
افتحوا النوافذ للحقيقة، حتى لو دخل منها الهواء البارد.
فالحقيقة، رغم قسوتها، تحرر... والتضليل، مهما تأنق، يستعبد.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- **الحرية الحقيقية: تأملات فلسفية في جوهر الوجود**
- غسان كنفاني... حين تصبح الكلمة بندقية واللاجئ نبيًّا
- الأدب الفلسطيني بين 1995 و2024: بين النزيف والنهوض
- أمام الله، بكل قوتي-
- الفوضى التي تصنعنا ، كيف تُهندس الصدمات ملامح أرواحنا ،
- “لأنني لا أملك رفاهية الصمت”
- في حضرة التقاعد: خمسة أصوات تتداخل في مرآة رجل واحد
- كن إنسانًا أولاً… ثم حدّثني عن الدين
- “أصابع اليد… وأوهام الصحاب”
- الساخر الذي فضح المأساة: نبيل عودة قلمٌ من نار ومرآة من ضمير
- أيمن عودة… حين يُقصى الصوت الحر من كنيست الاحتلال
- “بيني وبين الدبلوماسية ألف ميل وميل” أكتب بوضوح… لا أتملق
- نحن مسيحيون ولسنا نصارى
- الحمد لله على نعمة الإنسانية
- “الإبداع لا يُختَصر في جماعة: دعونا نتحرر من الشليلة”
- سوريا… وترتيلةُ الدم في كنيسة مار إلياس
- ✦ مسيحيو الشرق: ملح الأرض ونورها
- من يستطيع أن يُعرب كلمة “صُمير”؟
- من قال إن الكنائس لا تُفجّر؟! — دماء مار إلياس تصرخ في شوارع ...
- الرملة واللد ويافا: ثلاثية الجرح الفلسطيني من النكبة إلى معر ...


المزيد.....




- الرئاسة الروحية للدروز في سوريا تطالب بفرض حماية دولية مباشر ...
- الفاتيكان يشكّك في تصريحات الاحتلال بشأن الهجوم على كنيسة في ...
- مليونية حاشدة للجماعة الإسلامية ببنغلاديش وقادتها يوجهون مطا ...
- وزير الإعلام السوري: بيان الطائفة الدرزية تضمن دعوة لتهجير ا ...
- إسرائيل تتهم الشرع بـ-تأييد الجهاديين- و-تحميل الضحايا مسؤول ...
- “ثبتها الأن” تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات والع ...
- بيان من الرئاسة الروحية للدروز بعد وقف إطلاق النار بالسويداء ...
- “أغاني وبرامج تعليمية لأطفالك”.. تردد قناة طيور الجنة الجديد ...
- الشرع يثمّن موقف العشائر ويدعو لنبذ الطائفية
- “ثبتها على جهازك خلال ثواني” تردد قناة طيور الجنة 2025 الجدي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رانية مرجية - بين التعميم والتضليل والتحريف... حين تُغتال الحقيقة بأيدٍ ناعمة