أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رانية مرجية - **الحرية الحقيقية: تأملات فلسفية في جوهر الوجود**














المزيد.....

**الحرية الحقيقية: تأملات فلسفية في جوهر الوجود**


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 02:53
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


تعتبر الحرية من المفاهيم الأكثر تعقيداً وعمقاً في الفلسفة، وقد حظيت باهتمام المفكرين منذ العصور القديمة حتى يومنا هذا. فهي ليست مجرد حق سياسي أو اجتماعي، بل هي حالة وجودية تتعلق بجوهر الكينونة الإنسانية. في هذا المقال، نستكشف مفهوم الحرية الحقيقية من منظور فلسفي، ونبحث في أبعادها المعقدة وتأثيرها على الفرد والمجتمع.
**الحرية كفلسفة وجودية**
تتجذر فكرة الحرية في فلسفة الوجود، حيث يعد الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر من أبرز المدافعين عن هذا المفهوم. وفقاً لسارتر، فإن الإنسان "محكوم عليه بالحرية"، بمعنى أنه يتوجب عليه اتخاذ قراراته الخاصة، وتحمل مسؤولية اختياراته. إن هذه الحرية ليست مجرد خيار، بل هي عبء يتطلب شجاعة وقوة داخلية. فكل قرار يتخذه الفرد يأتي مصحوباً بوزن وجودي، حيث يتعين عليه مواجهة تبعات أفعاله.
**الحرية والوعي الذاتي**
الحرية الحقيقية تتطلب وعيًا ذاتيًا عميقًا. إن القدرة على فهم الذات، والتأمل في الأفكار والمعتقدات، هي شرط أساسي لتحقيق الحرية. الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط أكد على أهمية العقل والقدرة على التفكير النقدي كسبيل للتحرر من القيود المعرفية. فالحرية الحقيقية هي قدرة الفرد على تجاوز الأفكار المسبقة والسقوط في فخ الاندماج الأعمى مع المجتمع.
**التوتر بين الفرد والمجتمع**
إن الحرية ليست مجرد تجربة فردية، بل تتداخل مع البنية الاجتماعية. يطرح الفيلسوف البريطاني جون استيوارت ميل تساؤلات عميقة حول حدود الحرية الفردية في سياق المجتمع. هل يجب أن تكون الحرية مطلقة أم مقيدة بمسؤوليات تجاه الآخرين؟ إن التوتر بين الرغبة في الحرية الفردية والمصلحة العامة يمثل تحدياً دائماً. يتطلب الأمر توازناً دقيقاً بين حقوق الأفراد واحتياجات المجتمع، مما يثير نقاشات فلسفية حول العدالة والمساواة.
**الحرية كمسؤولية أخلاقية**
تتطلب الحرية الحقيقية مسؤولية أخلاقية. إن القدرة على الاختيار تعني أن الفرد يجب أن يتحمل نتائج أفعاله. هنا، يمكننا الاستدلال بفكرة الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه حول "إرادة القوة"، حيث يرى أن الحرية تتجسد في القدرة على تجاوز القيود وتحقيق الذات. ومع ذلك، فإن هذه الإرادة لا تعني التغاضي عن حقوق الآخرين، بل تعني القدرة على التفاعل مع العالم بوعي وإدراك.
**الحرية والتغير الاجتماعي**
في عصر العولمة، تواجه الحرية تحديات جديدة. تحولت التكنولوجيا إلى أداة مزدوجة، تتيح للفرد التعبير عن نفسه بينما تفرض أيضاً قيوداً جديدة على الخصوصية والهوية. تساؤلات حول كيفية الحفاظ على الحرية في ظل هذه الظروف المعقدة تبرز أهمية التفكير الفلسفي في سياق التغيرات الاجتماعية.
**خاتمة: رحلة نحو الحرية الحقيقية**
إن الحرية الحقيقية ليست مجرد حالة قانونية أو سياسية، بل هي رحلة فلسفية تتطلب التأمل العميق والتفاعل الفعّال مع العالم. إنها دعوة للبحث عن الذات، وفهم الروابط المعقدة بين الفرد والمجتمع. في نهاية المطاف، تشكل الحرية الحقيقية أساساً لوجود إنساني متكامل، حيث يمكن لكل فرد أن يسعى نحو تحقيق ذاته، مع مراعاة حقوق الآخرين ومساهمتهم في بناء عالم أفضل.
في ضوء هذه الأفكار، يجب أن نواصل البحث عن الحرية الحقيقية، ليس فقط كحق ناضلنا من أجله، بل كقيمة جوهرية تعكس إنسانيتنا وتجدد طموحاتنا نحو عالم أكثر عدالة وتعددية.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غسان كنفاني... حين تصبح الكلمة بندقية واللاجئ نبيًّا
- الأدب الفلسطيني بين 1995 و2024: بين النزيف والنهوض
- أمام الله، بكل قوتي-
- الفوضى التي تصنعنا ، كيف تُهندس الصدمات ملامح أرواحنا ،
- “لأنني لا أملك رفاهية الصمت”
- في حضرة التقاعد: خمسة أصوات تتداخل في مرآة رجل واحد
- كن إنسانًا أولاً… ثم حدّثني عن الدين
- “أصابع اليد… وأوهام الصحاب”
- الساخر الذي فضح المأساة: نبيل عودة قلمٌ من نار ومرآة من ضمير
- أيمن عودة… حين يُقصى الصوت الحر من كنيست الاحتلال
- “بيني وبين الدبلوماسية ألف ميل وميل” أكتب بوضوح… لا أتملق
- نحن مسيحيون ولسنا نصارى
- الحمد لله على نعمة الإنسانية
- “الإبداع لا يُختَصر في جماعة: دعونا نتحرر من الشليلة”
- سوريا… وترتيلةُ الدم في كنيسة مار إلياس
- ✦ مسيحيو الشرق: ملح الأرض ونورها
- من يستطيع أن يُعرب كلمة “صُمير”؟
- من قال إن الكنائس لا تُفجّر؟! — دماء مار إلياس تصرخ في شوارع ...
- الرملة واللد ويافا: ثلاثية الجرح الفلسطيني من النكبة إلى معر ...
- الإصغاء كفعل مقاومة: من دورة توجيه المجموعات في مركز ريان، إ ...


المزيد.....




- الوشاح يتربع على عرش صيحات إكسسوارات النجمات هذا الصيف
- صاعقة تضرب عائلة وتسقطها أرضًا في حادث مرعب.. إليكم ما حدث
- لبنان: هل ينجح الأمريكيون بالإطاحة بسايكس - بيكو؟
- سوريا.. تهديد إسرائيلي مباشر: ضربة -عنيفة- قريبة على قوات ال ...
- المبادرة المصرية تطالب بإخلاء سبيل نرمين حسين بعد أكثر من 19 ...
- من يملك الأسلحة النووية وكيف حصل عليها؟
- قطاع الطيران يدق ناقوس الخطر.. ألمانيا عاجزة عن صد هجمات الم ...
- وليد جنبلاط: أدين الانتهاكات، ولابد من تثبيت وقف إطلاق النار ...
- سوريا…شاب عشريني يعود من ألمانيا إلى بلاده على متن دراجة هوا ...
- السويداء: إهانة شيخ تؤجج الغضب.. ووزير إسرائيلي يدعو إلى -قت ...


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رانية مرجية - **الحرية الحقيقية: تأملات فلسفية في جوهر الوجود**