أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت العمائم .














المزيد.....

ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت العمائم .


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 18:37
المحور: قضايا ثقافية
    


في لعبة الأمم، لا يُقاس النصر بالرصاص وحده، ولا تُقاس الخسارة بعدد القتلى، بل بما يُعاد تشكيله من خرائط، وما يُفرَض من إرادات، وما يُكتب في خفاء الطاولة من شروط تُصبح فيما بعد قوانين للهيمنة. وفي قلب هذا المشهد المتقلّب، ووسط عواصف الاقتصاد وصدام المصالح الدولية، وُلد رجلٌ ليس بالجنرال العسكري، ولا الفيلسوف السياسي، بل تاجرٌ شق طريقه إلى صدارة المسرح العالمي بجرأة خلت منها دهاليز السياسة لعقود. إنه دونالد ترامب.
جاء ترامب لا كزعيم تقليدي يسعى إلى ترضية الخصوم أو ممالأتهم، بل كهادم أصنام الدبلوماسية الناعمة، ليعيد تشكيل ميزان العالم من جديد. توازنات ما بعد الحرب الباردة، والنظام الدولي الذي رعته المؤسسات العابرة للحدود، بدا فجأة هشًّا أمام صفقة واحدة يعقدها الرجل من برج ترامب، أو تغريدة واحدة تنفجر كسلاح نووي في تويتر.ففي الشرق، حيث التنين الصيني يستعرض عضلاته في بحر الصين الجنوبي ويغزو أسواق العالم بشراهة اقتصادية غير مسبوقة، استطاع ترامب أن يدفع بكين إلى طاولة التفاوض، لا من موقع الشراكة بل من موقع التبعية المؤقتة. أجبرها على إعادة حساباتها في ميزان التجارة، خنق صادراتها، وفرض جمارك أرهقت آلتها الصناعية، فبدأت الصين — رغم ما تملكه من صبر استراتيجي وتخطيط بعيد المدى — تتلمس أثر المواجهة، وتعيد النظر في حدود تقدمها على المسرح العالمي.أما في القارة العجوز، حيث ألمانيا تمثل عصب الاتحاد الأوروبي الاقتصادي، فقد نجح ترامب في هزّ ثقتها بذاتها، فأجبرها على الركوع التفاوضي تحت وطأة الضرائب الجمركية، وحاصر صادراتها الصناعية الفاخرة من السيارات والتقنيات. لم يكن الهدف تحصيل فواتير، بل إعادة ضبط عقارب القوة الاقتصادية لصالح ميزان أميركي أكثر رجحانًا، وأقل خضوعًا لشركاء الأمس.لكن المفارقة الكبرى، والمشهد الأكثر دراماتيكية، لم يكن في بكين ولا برلين، بل في ذلك الشرق المتشظي حيث تدور حروب الوكالة وتُغذى بالصراخ الأيديولوجي والموت المجاني. إيران، تلك التي أرادت أن تكون دولة عابرة للحدود الجغرافية، وأن تتحدث بلسان أكثر من عاصمة عربية، وجدت نفسها فجأة في عين الإعصار الترامبي، بلا غطاء نووي ولا حلفاء مضمونين.
لقد خاض ترامب معركته ضد إيران بعقوبات لا تقل فتكًا عن الصواريخ، وعزلها عن النظام المالي العالمي كما يُعزل عضو فاسد عن الجسد. ومع كل موجة من الضغط، تهاوت مشاريعها في الخارج، وانكفأت أذرعها، تائهة بين ولاء مهزوز وقادمٍ لا يُطمأن إليه. كانت تلك الأذرع التي تلوّحت طويلاً بشعارات المقاومة، وادّعت امتلاك قرارها، تدرك اليوم أنها ليست سوى أوراق في يد نظام بدأ يبيعها واحدة تلو الأخرى، في سوق المصالح التي لا تعرف لغة العواطف.ولم يعد أمام الشعوب التي أذتها تلك الأذرع، ونهبت مواردها، وسرقت مستقبلها، إلا أن تنتظر مصيرًا مغايرًا لما فُرض عليها لعقود. فالرجل الذي قرر قطع الأذرع لا يسأل عن الجراح القديمة، بل يضع خارطة جديدة لما ينبغي أن يكون، لا لما كان. وحين تتغير النبرة في البيت الأبيض، يتغير معها لحن الشرق الأوسط بأكمله.التوازنات الدولية الجديدة لم تُصنع في أروقة التنظير السياسي، بل في مفترق طرق المصالح والتصادمات، وحيثما تواجد الاضطراب كانت هناك يد ترامب تلوّح بخطة أو تهدد بانسحاب أو تعد بإعادة ترتيب ما اختلّ من موازين.لم يكن العالم مستعدًا لتاجر لا يؤمن بالدبلوماسية الرصينة، لكنه فوجئ بأنه الأقدر على فرض شروط التوازن. فكل اندماج مبالغ فيه بين الدول كان في عين ترامب هشًّا، وكل تقارب مبني على العواطف بدا له طريقًا نحو الخسارة. فالتوازن، في عُرفه، هو بقاء المصالح في قيد الحياة لا في دفء العلاقات.إن العالم اليوم لا يعيش لحظة سلام، بل لحظة إعادة تموضع. شرق أوسط بلا ملامح، وعالم متعدد الأقطاب ينتظر من يُمسك بمقود المرحلة المقبلة. أما ترامب، فقد كان طَيفًا قادمًا من خارج النص، لكنه كاتب فصول جديدة فيه. وإذا كان قد غادر البيت الأبيض، فإن "الترامبية" كمذهب سياسي واقتصادي ما زالت تُعيد تشكيل الجغرافيا والخرائط والولاءات.في عصر لم يعد للضعفاء فيه مكان، تُصاغ العلاقات الدولية بقوة الرؤية، لا بلاغة الخطاب، وبالقدرة على تحويل التهديد إلى فرصة، لا التلويح بالمظلومية، فهل آن للعالم أن يعترف أن ثمة رئيسًا واحدًا جعل التنين يُبطئ زحفه، والدب الأوروبي يُراجع شروطه، وأسد الطوائف يُكمم زئيره؟ نعم، إنه ترامب… وإن كره الغافلون.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مطلعِ الهجراتِ تبكي السنون
- الفنُّ... رسائلُ الخلود في حضارة الرافدين
- الفزاعة التي لبست عمامة الخلافة
- التحية الأخيرة أمام الكاميرا: عندما يذوب الانضباط في حضرة ال ...
- -سلامٌ على شفرة السكين: حين يبتسم الدخان في الشرق الأوسط-
- ياسين خضر القيسي... طائر الإبداع ووجع الثقافة في زمن التبدّد ...
- ميرفت الخزاعي... فراشة السرد التي حلّقت من شط العرب إلى سماء ...
- بين قيدٍ وركام: المسرح العربي في متاهة الإحباط والفقدان .
- إيران ومضيق هرمز... حين تتدلّى يد الغريق فوق زر الحرب
- -فوردو تحت الجبل وتحت المطرقة: الضربة التي أطاحت بظل إيران ا ...
- -حين تهاوت قم من برج الطاووس... وانكسر قرن المجوس في مرآة ال ...
- حين استيقظَ الألمُ وبكى الخواء
- حين استيقظَ الألمُ وبكى الخواء .
- رماد الفتنة
- لا أحد يسمع الوجع
- -وطنٌ للبيع... من يشتري الذل-.
- على سفح التل… تُزهِرُ الحسرة وتُكمم الحقيقة.
- -الرگيّة التي فضحت نظام الحكم!-
- -سايكس بيكو الجديدة تحت توقيع ترامب... الشرق الأوسط يتهيأ لز ...
- -السماء تكتب بلون النار: مآلات الشرق في عصر الحرب الذكية-


المزيد.....




- إيلون ماسك ينتقد مجددا مشروع قانون الإنفاق الذي اقترحه ترامب ...
- مقتل 20 شخصًا بينهم أطفال في غارة على سوق مزدحم في مدينة غزة ...
- بالصور: المشاهير يتوافدون على البندقية لحضور حفل زفاف جيف بي ...
- عودة 36 ألف لاجئ أفغاني من إيران في يوم واحد
- مظاهرات تطالب بإسقاط الرئيس الصربي بشبهة فساد
- جيش الاحتلال يلقي منشورات في غزة تتضمن آيات قرآنية
- مظاهرات إسرائيلية ترفض صفقة تبادل جزئية
- المجلس الإسلامي السوري يعلن حلّ نفسه
- أنباء عن تقدم بمفاوضات غزة وزيارة نتنياهو لواشنطن مشروطة
- محللون: مستقبل نووي إيران بات غامضا وإسرائيل ستعتمد التعامل ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت العمائم .