أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - من رماد النار إلى ولادة الشرق: قراءة في نتائج الحرب واستشراف ملامح الشرق الأوسط الجديد














المزيد.....

من رماد النار إلى ولادة الشرق: قراءة في نتائج الحرب واستشراف ملامح الشرق الأوسط الجديد


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمهيد:
لم تكن الحرب الأخيرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإسرائيل مجرد جولة صاروخية عابرة، بل كانت لحظة تحوّل مفصلي في بنية الشرق الأوسط الجيوسياسية والأمنية. وبينما أعلن الاحتلال الإسرائيلي في بدايات المواجهة أهدافًا “استراتيجية”، فإن ما تحقق على أرض الواقع لا يعدو كونه سلسلة إخفاقات أمنية وعسكرية ودبلوماسية، كما عبّرت بوضوح المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، السيدة فاطمة مهاجراني، حين قالت إن ما اعتُبر “استراتيجية” تحوّل إلى انكشاف داخلي وانهيار في قدرة الردع الصهيونية.

أولًا: من انهيار الهيبة إلى سقوط الردع

في قلب هذا التحول يقف مشهد واحد: صواريخ إيرانية دقيقة تمر عبر طبقات “القبة الحديدية” المتعددة، وتصل إلى مراكز حساسة في عمق فلسطين المحتلة. ليست الضربة في حجم الخسائر المادية فحسب، بل في رمزية الحدث:

الردع الصهيوني سقط: لأول مرة منذ عقود، يصبح الكيان في موضع من يتلقى الضربات دون قدرة حاسمة على الرد.
الدفاع الأمريكي المرتبك: غابت المظلة الأمريكية كما يُفترض لها، أو تأخرت، أو بدت عاجزة عن السيطرة على مجريات المواجهة.
تحول الرواية: لم يعد بإمكان الإعلام الغربي تصوير “إسرائيل” كمنطقة آمنة وسط بحر من “التهديدات”، بل باتت هي نفسها مهددة، مذعورة، مشتتة بين جبهات مفتوحة.


ثانيًا: إيران وتثبيت معادلة الردع الجديدة

ما برز في تصريحات مهاجراني هو عمق الثقة التي تكتسبها القيادة الإيرانية الآن. فإيران لم تكتفِ بالصمود، بل ثبّتت معادلة ردع جديدة من ثلاث طبقات:
1. العسكرية: قدرة على توجيه ضربات دقيقة وموجّهة تطال عمق “إسرائيل”، بما في ذلك مواقع حساسة.
2. الشعبية والوطنية: كما قالت مهاجراني، فإن الإرادة الوطنية تعززت، وبدلاً من انهيار داخلي، نشهد تجذرًا في مفاهيم السيادة والممانعة.
3. الإقليمية: محور المقاومة بات أكثر تناغمًا، مع استعدادات من حزب الله، وتعبئة يمنية، وحراك شعبي عابر للحدود.


ثالثًا: نتائج الحرب – على المستوى الاستراتيجي
إسرائيل معزولة أكثر من أي وقت: الحلفاء صمتوا، و”التحالفات الإبراهيمية” تراجعت خطوة إلى الوراء.
صعود محور المقاومة: من طهران إلى بيروت، ومن صنعاء إلى بغداد، تتشكل خارطة قوة جديدة تعيد التوازن في الإقليم.
نهاية وهم “الضربة الاستباقية”: لم تعد إسرائيل قادرة على فرض شروطها من خلال القصف المسبق، لأن الكلفة أصبحت باهظة ولا يمكن احتواؤها سياسيًا.
تغيير في العقيدة العسكرية: ما بعد هذه الحرب ليس كما قبلها، لا من حيث التسليح، ولا من حيث الانتشار.

رابعًا: استشراف المستقبل – ولادة شرق أوسط جديد

إن ما نعيشه ليس مجرد هدنة بعد جولة، بل بداية تاريخ جديد للمنطقة، تتغير فيه الأدوار والهويات والنقاط المحورية. يمكن تلخيص ملامح هذا التحول في النقاط التالية:

1. موت مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الأمريكي

النسخة التي كانت تطمح إليها واشنطن، القائمة على تطبيع العلاقات ودمج إسرائيل اقتصاديًا، تبددت تحت صواريخ المقاومة. المشروع الذي أراد تحويل إسرائيل إلى “شرطي المنطقة” انتهى إلى نزع سلاح هذا الشرطي.

2. عودة السيادة كقيمة عليا

البلدان التي صمدت، أو التي دعمت مبدأ المقاومة، تعيد اكتشاف معنى السيادة، بعيدًا عن الارتهان لصندوق النقد أو البنتاغون.

3. نظام إقليمي جديد متعدد الأقطاب

لم تعد أمريكا وإسرائيل وحدهما تصنعان المعادلات. الصين وروسيا وإيران وتركيا وحتى بعض القوى العربية المناهضة للهيمنة، باتت أطرافًا فاعلة في المعادلة الجديدة.

4. نهاية “الحياد”

لم يعد ممكنا لأي دولة أن تبقى في “المنطقة الرمادية”. الحرب الأخيرة فرضت اصطفافًا جديدًا: إما مع سيادة الشعوب، أو مع الاحتلال والهيمنة.


خامسًا: ماذا بعد؟ سيناريوهات مفتوحة
سيناريو المواجهة الكبرى المؤجلة: قد تفرض التطورات تصعيدًا آخر، خاصة إذا عادت إسرائيل لمحاولات الاغتيال أو التوسع.
سيناريو الإنهاك الإسرائيلي: الجبهات الداخلية والخارجية ستشكل عبئًا اقتصاديًا ونفسيًا، قد ينهك البنية السياسية في تل أبيب.
سيناريو الفرصة العربية: هناك فرصة تاريخية لدول عربية ذات سيادة (الجزائر، العراق، سوريا، قطر بدرجة متفاوتة) لإعادة التموضع كقوى توازن ورؤية.


خاتمة:

لقد وُلد الشرق الأوسط الجديد… ولكن لا كما أرادته أمريكا، بل كما خطّته معادلات النار . لم تعد “إسرائيل” محور المعادلة، بل عقدة مهددة. لم تعد واشنطن قائد اللعبة، بل لاعبًا ثانويًا في رقعة معقدة.

في صمت الأنقاض، وفي أزيز الصواريخ، وُلد عهد جديد، لا يُقاس فيه النصر بعدد الطائرات، بل بقدرة الشعوب على استعادة مصيرها.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين تل أبيب وطهران: حين تُطلق الصواريخ وتسقط العروش
- نتنياهو في قلب الإعصار: حرب إيران وحدود المناورة الصفرية
- نحو قراءة استراتيجية للحظة الشرق الأوسط: جدلية الانفجار الجي ...
- أشعر…
- لماذا يتراجع ترامب؟ ولماذا بدأت إسرائيل بالانكفاء؟
- أريد…
- معمارية الرد السيادي المتعدد المحاور: تجسيد للرؤية الإيرانية ...
- الخوف من التطور والذكاء الاصطناعي: انكفاء في أدوات المعرفة أ ...
- بين جرأة إيلون ماسك وبلادة ترامب
- الوعي واللاوعي بين التحليل النفسي ونظرية تذبذب المعلومات (IO ...
- نظرية التذبذب المعلوماتي: الجمع بين ميكانيكا الكم والنسبية ف ...
- القصيدة التي حلمتُ بها
- عوالم لا حصر لها: رؤية علمية وإنسانية لموقعنا في الكون / مقا ...
- مرآة الرؤى المتكسّرة ( نوفيلا شعريّة رمزيّة )
- تراتيل جوفية
- سيكولوجية الخوف من المستقبل: الذكاء الاصطناعي نموذجًا
- اليمن… حين يكتب المنسيّ خرائط الردع الجديدة
- القبة الذهبية الأميركية: درعٌ أم شرارة؟ – قراءة تقنية واسترا ...
- زمن الدم المؤجل — صرخة من تحت الركام
- مناجاة البحر


المزيد.....




- رجل اصطاد سمكة ليتفاجأ بسيارة في قاع البحر.. والصدمة مما وجد ...
- ماذا نعرف عن خليل الحية رئيس وفد حماس المشارك في مباحثات ال ...
- ألمانيا ترفض خطة -أي 1- الاستيطانية تنسف حلّ الدوليتين
- الوحدة الشعبية: تصريحات نتنياهو حول رؤيته بتحقيق “اسرائيل ال ...
- لماذا يستعر القتال بأوكرانيا قبل قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين ...
- موجات الحر تخفض أعداد الطيور الاستوائية بحدة
- صحيفة روسية: 4 أسئلة عن قمة ألاسكا المرتقبة
- انضمامات لافتة وجدل قضائي يشعلان ذكرى تأسيس -العدالة والتنمي ...
- رئيس الكنيست: أقيموا الدولة الفلسطينية في لندن أو باريس
- مفاوض الكرملين يوضح لمراسل CNN -ما يتفهمونه- بالعلاقات الأمر ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - من رماد النار إلى ولادة الشرق: قراءة في نتائج الحرب واستشراف ملامح الشرق الأوسط الجديد