خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 14:31
المحور:
الادب والفن
إني أتنفّسُ البحر،
وثمّ أستغرقُ بين المحار،
كأنّ الأصوات القديمة
تسقيني من لُبّ الصمت،
وأنا أغفو في تجويف قوقعة،
لا أعرف لي اسماً،
ولا شاطئاً ينتظرني.
تنساب في داخلي التيارات،
وترتّل الحيتان حولي صلاةً
لم تكتبها لغة،
ولم تحلم بها الحروف.
المرجانُ يعلّمني الحكمة،
والطحالبُ تلفّني كعباءة ناسك،
بينما أنسى
أنني كنت جسداً،
وأن لي ذاكرةً
تشبه اليابسة.
في البحر،
كل شيءٍ يذوب في كلّ شيء،
ولا يعود السؤال مهماً،
ولا تبقى الأجوبة حجرًا على القلب.
أنا هو الموج،
أنا هو السرّ،
أنا هو اللانهاية حين تنادي
بلا صوت،
بلا ندم،
بلا جهة.
وها أنا
أُفتَّت ببطءٍ في الزرقة،
قطرةً قطرة،
كأنني يعاد تكويني
من نَفَس الحيتان
ومن دمع الغرقى.
أنسى وجهي،
أنسى اسمي،
أنسى أنني كنت أحمل قلبًا
يخاف الفقد.
فالمدّ الآن حبيبٌ،
والجزرُ نبيّ،
والمسافةُ بينهما صلاة لا تنتهي.
الأسماك تمرّ بي
كأحلام لا تخصني،
لكنها تعرفني،
تحدّق فيّ
كأنها تذكّرني
بأنني كنت موجًا قبل أن أُولَد،
وبأن الصمت أصل النبض.
لا وطنَ لي إلا هذا العُمق،
لا قِبلة إلا هذا الغموض،
ولا خلاص
إلا في الذوبان الكامل،
حيث لا أنا… ولا غيري،
بل بحرٌ يصلّي لنفسه
بي.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟