أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - الإمارات والولايات المتحدة: اتفاقية الذكاء الاصطناعي بين الطموح السيادي ووصاية الرقاقة














المزيد.....

الإمارات والولايات المتحدة: اتفاقية الذكاء الاصطناعي بين الطموح السيادي ووصاية الرقاقة


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8344 - 2025 / 5 / 16 - 20:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مدخل: وهم الشراكة في زمن التفوّق

أُعلن مؤخرًا عن اتفاقية كبرى بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، تتعلق بإنشاء واحد من أكبر مجمّعات الذكاء الاصطناعي في العالم، واستيراد مئات الآلاف من رقائق NVIDIA المتقدمة مثل H100 وA100. وعلى السطح، يبدو هذا إنجازًا اقتصاديًا وعلميًا استثنائيًا، لكن فحص بنية هذه الاتفاقية يكشف عن هشاشة السيادة التقنية، وعمق التبعية الجيوسياسية، والتناقض المؤلم بين الرؤية المستقبلية والواقع التنفيذي.


رقائق أمريكا: قلب الذكاء الاصطناعي ومحور السيطرة

الرقائق المتقدّمة، وعلى رأسها رقائق H100، ليست مجرد أدوات حوسبة فائقة، بل هي ماكينات تصوغ مستقبل الحضارات الرقمية. فهي تمثل القدرة على تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، وإدارة المعرفة، والتحكّم في سلوك الأسواق، وحتى إعادة تشكيل الإدراك الجمعي.

وبسبب هذه الأهمية الاستراتيجية، تفرض الولايات المتحدة رقابة صارمة على صادرات هذه الرقائق. وفي حالة الإمارات، فإن استيراد هذه المعالجات مشروط بإشراف أمريكي مباشر، من خلال:
• إدارة أمريكية للبنية التحتية السحابية.
• بروتوكولات أمنية مثل “اعرف عميلك” (KYC) لمنع الاستخدام المزدوج.
• اشتراط عدم نقل التكنولوجيا أو إعادة تصديرها.

وهكذا، فإن ما يُبنى على أرض الإمارات هو – تقنيًا وقانونيًا – ممتلكات معرفية أمريكية بنكهة محلية.


الإمارات: هل هي فاعل مستقل أم أداة تنفيذ؟

الاتفاقية، بما تحمله من شروط، تُبرز حقيقة مؤلمة: الإمارات ليست “سيدة” المشروع، بل “وسيط تمويل وتنفيذ” في مشروع أمريكي أوسع هدفه الحد من اختراق الصين للشرق الأوسط عبر الذكاء الاصطناعي.

يمكن وصف دور الإمارات كما يلي:
• تدفع التكاليف (1.4 تريليون دولار على مدى 10 سنوات).
• تستضيف البنية (أكبر مجمع ذكاء اصطناعي خارج أمريكا).
• تُراقب تكنولوجياً، ولا تملك مفاتيح النظام.

ما يضعها في موقع الأداة التنفيذية أكثر من الشريك السيادي. ومن المفارقة أن الدولة التي طمحت لقيادة الذكاء الاصطناعي عالميًا، أصبحت تعتمد على رقاقات لا تملك سرّها، ولا تتحكّم في مصيرها.


ماذا لو استثمرت الإمارات في السيادة التقنية؟

لو خُصّص جزء صغير من هذه الميزانية الطائلة (حتى 10%) في بناء قدرات بشرية وبحثية حقيقية، لكان من الممكن:
• إنشاء مصانع محلية لتصميم الرقائق بمعايير جديدة (ليس بالضرورة تقليد NVIDIA).
• تطوير بنية خوارزمية جديدة أكثر تكيفًا مع الثقافة العربية والبيئة الإقليمية.
• تمويل مراكز أبحاث مفتوحة لتطوير معالجات كمومية أو ضوئية مستقلة.
• استقطاب مئات العقول العربية المهاجرة لبناء منظومة ذكاء اصطناعي غير أميركية، تنبع من السياق المحلي ولا تتبع النموذج الغربي بالكامل.

لكن ما حدث هو العكس: شراء الحلول بدل صناعتها، وتأجير الأرض للعقل الأمريكي ليُعيد رسم الحدود التكنولوجية.


خاوة لأمريكا؟

في ضوء ما سبق، قد يبدو “الاستثمار الإماراتي” في الذكاء الاصطناعي مجرد خاوة سياسية واقتصادية للولايات المتحدة، لا تختلف كثيرًا عن دفع الجزية في عصر جديد. فبدلاً من أن تكون الشراكة منصة للتمكين الذاتي، أصبحت مناسبة لإعادة ترسيخ التبعية تحت شعار “التقدم”.

ومع أن الإمارات تتحرك برؤية طموحة، إلا أن غياب السيادة على المعرفة، وعلى الخوارزميات، وعلى البنية المادية للذكاء، يعني أن الطموح قد يتحول إلى سراب رقمي جميل – لكن مملوك للغير.

نحو ما بعد الرقاقة: الذكاء الاصطناعي الخالص ومنصات التنبؤ السيادي

رغم الهيمنة المطلقة للرقائق على مشهد الذكاء الاصطناعي اليوم، فإن المستقبل قد يشهد تحوّلاً نوعيًا من “الحوسبة المعتمدة على العتاد” إلى “الذكاء الاصطناعي الخالص”، القائم على منصات تنبؤية سيادية لا تتطلب رقائق فائقة، بل تستند إلى بنى خوارزمية خفيفة وذاتية التعلم تتوزع سحابياً على نطاق عالمي.

هذه المنصات لا تسعى إلى مجاراة نموذج NVIDIA، بل إلى تجاوزه من حيث الوظيفة وليس الأداء الخام، عبر:
• التركيز على التنبؤ السلوكي والصحي والاجتماعي بدقة عالية بموارد منخفضة.
• استخدام نماذج مدمجة (compressed models) تعتمد على الاستدلال اللحظي في الزمن الحقيقي.
• تطوير واجهات عصبية وشعورية بديلة تتجاوز الوسائط التقليدية.

لو تم توجيه التمويل الإماراتي نحو بناء هذا النوع من المنصات، لكان من الممكن أن تُخلق بدائل معرفية مستقلة، لا تحتاج إلى رخصة من وادي السيليكون، بل تنبع من منطق مختلف جذريًا عن منطق الهيمنة عبر الرقائق.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغياب (قصيدةٌ تمشي في القلب حافية)
- ترامب يتفقد الركام: من قصف غزة؟ ولماذا يبدو مندهشًا؟
- السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط: التوسع الإسرائيلي، تهجير ...
- في سويداء قلبي…
- الكائن المُركَّب: انبثاق البنية الهجينة ونهاية الإنسان بوصفه ...
- التي منها كانت القصائد
- كأنني آخرُ مَنْ تذكَّرَ البداية
- كأنّي لم أكن… أو كنتُ أكثر
- ازدجرني الألم، غير أني ألوذ بك
- حين تنحني الإمبراطوريات: اتفاق اليمن وأميركا كعلامة على تغير ...
- البُنى التنبؤية: من السيطرة إلى الاستباق — تحوّلات السلطة في ...
- سِفْرُ التردّد (قصيدة صوفية)
- تحولات النظامين السوري واللبناني في هندسة إقليمية مضادة للمق ...
- القتل على الهوية في سوريا: جريمة مركّبة وخطاب مضلّل
- بعد صراع الحضارات: نحو تفكيك الخوارزميات وصعود السلطة اللامر ...
- كتاب بيان السيليكون العربي (النسخة الكاملة)
- بيان السيليكون العربي (ثورة الهوية الهجينة تحت الاستعمار الك ...
- أثر النور
- الهوية بين القومية والمدنية: قراءة عربية في المأزق الثقافي ا ...
- محمود عباس: حين يتحوّل -الصمت الرسمي- إلى شبهة تواطؤ


المزيد.....




- فيديو مرعب يُظهر حريقًا مميتًا بمبنى سنترال رمسيس في القاهرة ...
- العثور على وزير روسي ميتًا في سيارته بعيْد إقالته من قبل بوت ...
- ترامب -ينتظر الوقت المناسب- لرفع العقوبات عن إيران، والرئيس ...
- قتيلان في هجوم حوثي على سفينة في البحر الأحمر
- الكرملين ردا على استئناف مد أوكرانيا بالأسلحة: يطيل الحرب
- عامل توصيل يقتحم استوديو الأخبار... و-الإعلام- الكويتية تحقق ...
- ماسك يعلن توفر خدمة -ستارلينك- رسميا في قطر
- سوريا تطلب مساعدة الاتحاد الأوروبي لإخماد حرائق الساحل
- تقنيات بسيطة ضد الفيضانات لم تُستخدم في فيضانات تكساس! ما ال ...
- ترامب يخطر شركاء واشنطن التجاريين بدخول الرسوم الجمركية المر ...


المزيد.....

- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي
- صندوق الأبنوس / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - الإمارات والولايات المتحدة: اتفاقية الذكاء الاصطناعي بين الطموح السيادي ووصاية الرقاقة