أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - القتل على الهوية في سوريا: جريمة مركّبة وخطاب مضلّل














المزيد.....

القتل على الهوية في سوريا: جريمة مركّبة وخطاب مضلّل


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8331 - 2025 / 5 / 3 - 09:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، شهدت البلاد واحدة من أكثر مراحلها سواداً، ليس فقط بسبب العنف المسلح، بل لأن هذا العنف كثيراً ما اتّخذ طابعاً هوياتياً خطيراً. القتل على الهوية – سواء الطائفية أو الدينية أو السياسية – لم يكن عرضاً جانبياً، بل أصبح سلوكاً ممنهجاً لدى عدد من الفاعلين المسلحين، وعلى رأسهم جماعات متطرفة كتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وجبهة النصرة، وبعض فصائل المعارضة المسلحة التي انحرفت عن مطالب الحرية والكرامة لتتبنى خطاباً انتقامياً وعنصرياً.

إدانة مبدئية: لا شرعية لقتل إنسان على هويته

إن استهداف العلويين، والدروز، والمسيحيين، والآشوريين، والشيعة، والإيزيديين، وحتى بعض السنّة الذين وُصِفوا بفلول النظام أو بالعلمانيين أو بالمخالفين، يشكّل جريمة حرب مكتملة الأركان. هذه الجرائم لا يمكن تبريرها تحت أي شعار – لا ديني ولا ثوري – لأنها تهدم جوهر العدالة وتحوّل الصراع من نزاع سياسي إلى حرب إبادة ناعمة أو خشنة، تدفع ثمنها المجتمعات المسالمة، والضعفاء، والناس العاديون.

تفكيك الادّعاء: هذه الجماعات لا تمثّل السنّة

من الأخطاء التحليلية الكبرى، والخطيرة في آن، اعتبار أن الجماعات المسلحة التي مارست القتل الطائفي تمثل “السنّة” كمكوّن اجتماعي أو ديني. فالسنة السوريون ليسوا كتلة متجانسة، ولا تياراً واحداً، ولا مشروعاً سياسياً موحداً. بل هم امتداد واسع لمجتمع سوري متنوّع، يضم داخل مكوّنه السني علمانيين وليبراليين وإسلاميين ووطنيين ومحافظين وتقنيين وناشطين، كثير منهم وقف ضد العنف، وضد الطائفية، بل وواجه هذه الجماعات وانتقدها ودفع الثمن من دمه وحريته ونفيه.

من المهم هنا أن نشير إلى أن آلاف الضحايا الذين قُتلوا على يد داعش أو النصرة أو بعض فصائل المعارضة، كانوا من السنّة أيضاً، لا لشيء سوى لأنهم رفضوا مبايعة، أو خالفوا رأياً، أو سعوا لبناء مجتمع مدني.

المال والسلاح لا يصنعان تمثيلاً شرعياً

كثير من هذه الجماعات المسلحة تأسست وتضخّمت بفعل التمويل الخارجي – من قوى إقليمية ودولية – ولم تكن تعبّر عن مشروع نابع من عمق المجتمع السني السوري، بل تحوّلت تدريجياً إلى أدوات مرتزقة، تسعى للنفوذ والغنيمة وتخوض معارك وكالة عن قوى خارج الحدود. ما يجمعها هو التسلّح، والتطرّف، والانضباط لأوامر الرعاة، لا لمطالب المجتمعات.

بل إن انخراط هذه الجماعات في انتهاكات فادحة، كتهجير الأقليات، وخطف المدنيين، وفرض أنماط حياة قسرية، وفرض تفسير متطرف للدين، هو أوضح دليل على أنها لا تمثل السنّة بل تسيء إليهم، وتورّطهم، وتحملهم وزر أفعال لا علاقة لهم بها، بل هم ضحايا لها.

نقد خطير: خطاب التعميم يقتل مثل السلاح

ما يزيد الطين بلة هو تبنّي بعض النخب، والجهات الإعلامية، وحتى مؤسسات بحثية أو سياسية، خطاباً عاماً يتهم “السنّة” بهذه الأفعال، وكأنهم كتلة متورطة في العنف الطائفي. هذا الخطاب، الذي يدّعي الموضوعية أحياناً، يساهم مباشرة في التجييش الطائفي، وفي صناعة “عدو بديل” يبرر القتل والانتقام. إنه خطاب يُنتج الكراهية، ويفتح الباب أمام صراعات مستقبلية قد لا تنتهي.

إن تحميل مكوّن ديني أو مذهبي كامل مسؤولية جرائم جماعات مسلحة هو تواطؤ ناعم في الجريمة، ويساهم في إعادة إنتاج منطق القتل على الهوية من جديد، وإن بشكل رمزي أو إعلامي.

ما البديل؟ خطاب إنساني يرفض التبسيط

الطريق الأخلاقي والمعرفي الصحيح هو رفض التبسيط، والانطلاق من مبدأ إنساني عام: كل من يقتل على الهوية هو مجرم، وكل من يبرر له أو يصمت عن أفعاله هو شريك. علينا أن نعيد الاعتبار للضحايا، وأن نخرج من لعبة المكوّنات التي تُختزل في جماعات، ونفكك بنية الحرب الأهلية التي تريدنا قبائل متقاتلة.

خاتمة: لا عدالة بلا تفكيك لوهم التمثيل

إن أي مشروع للمصالحة أو العدالة في سوريا لا يمكن أن ينجح إن لم يبدأ بتفكيك هذا الوهم الخطير: أن السنّة – كمكوّن – مسؤولون عن القتل الطائفي. هذا ادعاء كاذب، وظالم، ومؤذٍ لكل السوريين. نعم، هناك جماعات مسلحة قاتلة خرجت من بيئات معينة، لكنها لم تكن الممثّل الشرعي لأحد، بل كانت نتيجة الفوضى، والتمويل الخارجي، والتفكك العام.

إن تحميل الناس وِزر الجماعات هو جريمة فكرية يجب أن نتوقّف عن ارتكابها، إذا أردنا فعلاً أن نخرج من الحرب، لا أن نعيد إنتاجها بشكل ناعم.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد صراع الحضارات: نحو تفكيك الخوارزميات وصعود السلطة اللامر ...
- كتاب بيان السيليكون العربي (النسخة الكاملة)
- بيان السيليكون العربي (ثورة الهوية الهجينة تحت الاستعمار الك ...
- أثر النور
- الهوية بين القومية والمدنية: قراءة عربية في المأزق الثقافي ا ...
- محمود عباس: حين يتحوّل -الصمت الرسمي- إلى شبهة تواطؤ
- بين المستعمِر والمستعمَر: في نقد إمكان التفاهم – تعليق على ط ...
- حينما وجدتني فيكِ
- نسيتني إلى ان تلقفني الله
- سماءٌ تمشي على قدمين
- نزع سلاح حماس وحزب الله: طرح إعلامي أم مشروع إستراتيجي؟
- صوامع الألم
- كتاب : “حين أنجبت الريح طفلًا”
- أنا الذي حلم بي القدر ثم نسيني قصيدة من خمسة فصول نثرية
- الجهاد بين فرض العينية ورؤية الدولة: قراءة فقهية في ضوء الفت ...
- حين يصير القلب وطنًا
- التعريفات الجمركية في عهد ترامب: بين سيادة الاقتصاد الأمريكي ...
- قيامة الطين والنور
- ضعي قلبي بين يديكِ
- تجلِّيات العابر الأخير


المزيد.....




- شبيه جيف بيزوس يسرق الأضواء في شوارع البندقية.. قبل زفاف الم ...
- سان جورجيو ماجوري.. الجزيرة الساحرة التي اختارها بيزوس ليومه ...
- إسرائيل ترصد صاروخا من اليمن والمتحدث باسم قوات الحوثي يعلق ...
- إيران تُشيع قتلى الحرب مع إسرائيل بموكب جنائزي ضخم في قلب طه ...
- توجه لحظر حركة -فلسطين أكشن- في بريطانيا، فماذا نعرف عنها؟
- مجلس الشيوخ يجهض مساعي الديمقراطيين لتقليل صلاحيات ترامب في ...
- خلف ستار الهجمات الإسرائيلية على إيران: كيف أعد جواسيس الموس ...
- تشيع رسمي وشعبي في إيران لقادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا ف ...
- وزير الخارجية الإيراني يندد بـ-النوايا الخبيثة- لمدير الوكال ...
- ترامب يرى أن وقف إطلاق النار في غزة بات -وشيكا-


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - القتل على الهوية في سوريا: جريمة مركّبة وخطاب مضلّل