خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8316 - 2025 / 4 / 18 - 16:00
المحور:
الادب والفن
في البدء،
لم يكن شيءٌ سوى نَفَسٍ
يحاول أن يتذكّر من أين جاء.
نَفَسٌ مقلوبٌ على ذاته
يدور كما تدور المجرّة في عيني وليٍّ نائم،
وترتعشُ على شفتَيهِ
أسماءُ الله وهي تحاول أن تهرب منه إلى الله.
رأيتُ الليل يُخلَع كقميصٍ قديم
عن جسد الوجود،
والنهارُ
ليس إلا ظلًّا لشمعةٍ
وضعتها الملائكة على نافذة الغيب.
وسمعتُ صوتًا،
ليس صوتًا،
بل ارتجافة النداءِ قبل أن يتعلم الحروف.
قال لي:
“أيها الساكن في شقِّ المعنى،
امشِ على الماء،
فالحقيقةُ لا تغرق.”
دخلتُ في حجرٍ
فوجدتُ فيه أنين نبتةٍ
تحاول أن تُصلي.
رأيتُ الترابَ
يرتدي عباءةَ الضوء،
ويسيرُ خلفي كطفلٍ
يريد أن يتعلّم اسم أمه الأولى.
لم أكن إنسانًا،
كنتُ لحظةَ دهشةٍ نزلتْ على وجهِ نبيٍّ،
ثم ابتسم.
في الصحراء،
تكلّمت الرمال:
“يا عابرًا دون ظلّ،
أين وضعتَ مرآتك التي تعكس الله؟”
قلتُ:
ضاعتْ في ضحكةِ عصفور
فهمَ الأزل،
ثم طار.
ضاعتْ في دمعةِ جدارٍ
يبكي لأنه لا يستطيع أن يسجد.
أنا الذي رأيتُ الجسدَ
يُخلَق من موسيقى
ويذوب في رائحةِ الرضا،
أنا الذي جرّبتُ الموتَ
فوجدتُه أوّل الولادة.
وفي البرزخ،
جلستُ مع ظلّي.
سألته:
“هل نحن اثنان؟”
قال:
“نحن المرآة،
ومن ينظر فيها.”
كلّ شيءٍ حولي كان يُصلّي،
لكن بلا ركوع،
بلا قيام،
بلا آيات.
كانت الصلاةُ
همسةَ زهرةٍ للريح:
“خذني حيث لا أكون.”
النجومُ نُقطٌ
على حروفِ دعاءٍ نسيه الزمن،
والمجرةُ
تسبيحةٌ ضاعتْ
ثم وُجِدتْ على لسان صوفيٍّ أعمى
يرى أكثر منا.
في إحدى الليالي،
رأيتُ الحقيقةَ
تمشي حافيةً،
وتحمل قِدرًا فيه اللبن والنار.
قلتُ لها:
“أأنتِ؟”
قالت:
“أنا كلُّ ما لم تسأل عنه.”
وفي آخر الطريق،
وجدتُ قلبًا ينبض داخل حجر.
قربه ورقةٌ مكتوبٌ عليها:
“هذا أنت، إذا نسيتَ.”
فبكيت،
حتى عاد الدمعُ إلى الغيم،
وسقط مطرًا
على أرضٍ تنتظر من يفهمها.
هذه القصيدة ليست لي،
بل نُقِشت في داخلي
قبل أن أكون.
أنا فقط فتحتُ النافذة،
والكلماتُ دخلتْ كما النور.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟