أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - اليمن… حين يكتب المنسيّ خرائط الردع الجديدة














المزيد.....

اليمن… حين يكتب المنسيّ خرائط الردع الجديدة


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8350 - 2025 / 5 / 22 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في واحدة من أكثر لحظات الجغرافيا تقلبًا وغرابة، يقف اليمن ــ ذاك البلد المحاصر بالجوع والنسيان منذ سنوات ــ على حافة تحول جيواستراتيجي غير مسبوق. فما بين البحر الأحمر وميناء حيفا، ومن هدير السفن إلى صمت الطائرات، يعيد اليمن صياغة معادلة الردع، ويجبر العالم على الاستماع إلى نغمةٍ لم تصدر من مركز القوة، بل من هامشٍ ظنه الجميع قد احترق إلى الأبد.

من الجُرح إلى السيف: صعود غير قابل للتجاهل

ما يجري اليوم في البحر الأحمر لا يمكن اختزاله في مصطلحات عسكرية. فاليمن، الذي كان حتى الأمس القريب موضوعًا إنسانيًا على طاولة المساعدات الدولية، أرغم أقوى قوة بحرية في العالم على تغيير سلوكها، بل والدخول في هدنة فعلية، وإن لم يُعلن عنها. لم يكن ذلك نتيجة اتفاق، بل بفعل نيران دقيقة، واستراتيجية أكثر دقة، اختارت التوقيت والسياق والموقع بعناية مذهلة.

إنه تحول من الكينونة الدفاعية إلى اللحظة الهجومية الرمزية: لا مجرد إطلاق نار، بل إعادة ترتيب للمعنى نفسه.

اليمن يحاصر إسرائيل؟ تفكيك نبوءة الهيمنة

بعد فرض حظر جوي فعلي على الطيران الإسرائيلي، انتقل اليمن إلى ما هو أبعد: فرض حصار بحري على ميناء حيفا. حيفا، المدينة التي طالما شكلت شريانًا اقتصاديًا ومركزًا لوجستيًا استراتيجيًا للدولة العبرية ، باتت اليوم تعاني الاختناق، لا من قوة نووية، بل من بلد منهك لم تُفلح حملات التحالف في تركيعه.

لا يتعلق الأمر فقط بإغلاق الممرات البحرية، بل بتفكيك الرواية الصهيونية عن التفوق والسيطرة. لقد أصبح “الردع” اليمني ليس فقط ماديًا، بل معنويًا، فلسفيًا، رمزيًا. حين يُغلق باب حيفا من صنعاء، فثمة ما انكسر في الهيكل الإسرائيلي، ليس في الأجساد، بل في الذهنية.

من منطق الدولة إلى نبض التاريخ

لا يعمل اليمن بمنطق الجيوش التقليدية، ولا يخضع لحسابات التوازنات الدقيقة بين القوى الكبرى. إن ما يحدث اليوم هو تمظهر لقوة جديدة خارجة من عمق الوجدان العربي المنكوب، قوة لا تسعى للسيطرة، بل للخلخلة، لا تهدف للغلبة، بل للكشف.

إنها لحظة استثنائية في التاريخ العربي المعاصر، حيث يخرج فاعل من رحم الخسارات، ويحوّل الضعف إلى أداة استراتيجية. ولأول مرة منذ عقود، يبدو أن صوتًا غير معترف به في دوائر القرار، بات يملك القدرة على تغيير مسار الأحداث في المنطقة، بل وعلى فرض الهدوء، حين يشتد الضجيج.

الهدنة القادمة… من رحم النار

ما لم تستطع الضغوط الدولية، ولا مبادرات الوسطاء، ولا حتى تغير المزاج الغربي أن يفعله، قد تفعله الضربات اليمنية في البحر والميناء والسماء. إسرائيل، التي لم تعتد الهدنة إلا من موقع المانح، تبدو الآن في طريقها لقبولها مضطرة، بعدما باتت خاصرتها مكشوفة، وعمقها التجاري في مرمى ما لم يُحسب له حساب.

ليست هذه الهدنة القادمة ــ إن جاءت ــ مجرد فصل مؤقت في حرب طويلة، بل قد تكون، في جوهرها، بداية كتابة جديدة لمفهوم الردع في الشرق الأوسط، عنوانها الأبرز: لا أحد صغير على التأثير.

في الختام: اليمن كنبض ميتافيزيقي

ربما يكون أكثر ما يثير القشعريرة في المشهد الراهن، ليس القدرة العسكرية لليمن، بل قدرته على إدهاش النظام العالمي. فأن تنهض قوة من بين الأنقاض، وأن تجبر الكبار على إعادة حساباتهم، فذلك يعني شيئًا واحدًا:

لقد خرجت الحكاية من يد الكُتّاب التقليديين للتاريخ.
صار للجنوب العربي قلمه، وصوته، ونبوءته.

ولعل الهدنة المقبلة، إذا ما فُرضت تحت النار لا على الطاولة، ستكون أولى صفحات إنجيل جديد للمنطقة: إنجيل التحولات القادمة من حيث لا ينتظرها أحد.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القبة الذهبية الأميركية: درعٌ أم شرارة؟ – قراءة تقنية واسترا ...
- زمن الدم المؤجل — صرخة من تحت الركام
- مناجاة البحر
- من الرماد إلى الوعي: في النكبة كحدث كوني والنهضة كفعل خارج ا ...
- الإمارات والولايات المتحدة: اتفاقية الذكاء الاصطناعي بين الط ...
- الغياب (قصيدةٌ تمشي في القلب حافية)
- ترامب يتفقد الركام: من قصف غزة؟ ولماذا يبدو مندهشًا؟
- السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط: التوسع الإسرائيلي، تهجير ...
- في سويداء قلبي…
- الكائن المُركَّب: انبثاق البنية الهجينة ونهاية الإنسان بوصفه ...
- التي منها كانت القصائد
- كأنني آخرُ مَنْ تذكَّرَ البداية
- كأنّي لم أكن… أو كنتُ أكثر
- ازدجرني الألم، غير أني ألوذ بك
- حين تنحني الإمبراطوريات: اتفاق اليمن وأميركا كعلامة على تغير ...
- البُنى التنبؤية: من السيطرة إلى الاستباق — تحوّلات السلطة في ...
- سِفْرُ التردّد (قصيدة صوفية)
- تحولات النظامين السوري واللبناني في هندسة إقليمية مضادة للمق ...
- القتل على الهوية في سوريا: جريمة مركّبة وخطاب مضلّل
- بعد صراع الحضارات: نحو تفكيك الخوارزميات وصعود السلطة اللامر ...


المزيد.....




- القسام عقب عملية بيت حانون: سندكّ هيبة جيشكم
- -الصمت ليس خيارا-.. فرق غنائية أوروبية تواجه الحظر بسبب دعمه ...
- محللون: الصفقة ليست نهاية الحرب وخطاب نتنياهو يؤشر لتراجع عس ...
- -بدنا هدنة-..مباحثات الدوحة على وقع لقاء نتنياهو وترامب في و ...
- هآرتس: أميركا تبني لإسرائيل منشآت عسكرية بمليارات الدولارات ...
- وزير الطوارئ السوري للجزيرة نت: 80 فريقا تعمل لإطفاء حرائق ا ...
- هكذا خانت أوروبا نفسها لأجل إسرائيل
- عاشوراء في طهران.. من الشعائر إلى سرديات الهوية الوطنية
- مفاوضات النووي معلقة بين رفض طهران شروط ترامب وجهلها بما سيف ...
- احتفاء بالظهور الأحدث للـ -زعيم- وألبوم عمرو دياب الجديد.. ا ...


المزيد.....

- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي
- صندوق الأبنوس / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - اليمن… حين يكتب المنسيّ خرائط الردع الجديدة