أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - خالد خليل - عوالم لا حصر لها: رؤية علمية وإنسانية لموقعنا في الكون / مقال نقدي














المزيد.....

عوالم لا حصر لها: رؤية علمية وإنسانية لموقعنا في الكون / مقال نقدي


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 09:53
المحور: قضايا ثقافية
    


في كتابه الجديد “عوالم لا حصر لها: الحياة في الكون”، يأخذنا البروفيسور سليم زاروبي، الفيزيائي والباحث المعروف في علم الكون، في رحلة فكرية وعلمية تمتد من الذرة إلى المجرة، ومن الأرض إلى احتمالات الحياة في الأكوان الأخرى. إنه كتاب لا يكتفي فقط بطرح الأسئلة الكبرى، بل يعيد صياغتها ضمن سياق علمي معاصر، ليجعلها في متناول القارئ غير المتخصص دون أن يفقد عمقها وتعقيدها العلمي.


الطرح العلمي: بين التبسيط والدقة

يتميز زاروبي بقدرته على التوازن بين التبسيط والدقة، وهي مهارة نادرة بين الكتّاب العلميين. فهو لا يختزل العلم إلى مجرد سرد معلومات، بل يعرض خلفياته، تطوراته، والمفاهيم الأساسية التي تقوم عليه. في فصول الكتاب، نتنقل من تعريفات الحياة البيولوجية إلى بيئات الكواكب الخارجية، مرورًا بتفاعلات الكيمياء الحيوية المحتملة في عوالم بعيدة، وكل ذلك ضمن إطار علمي مستند إلى أحدث ما توصلت إليه الأبحاث في الفيزياء الفلكية وعلم الأحياء الفلكي (Astrobiology).

لكن بعض القضايا، خاصة تلك المرتبطة بفرضيات الحياة خارج الأرض، تعتمد على قدر كبير من الاستدلال غير المباشر. وفي هذا السياق، رغم حرص الكاتب على توضيح أن الحديث يدور حول احتمالات، إلا أن القارئ قد يُغرى بالتفكير في تلك الفرضيات كحقائق، وهنا تكمن حدود التبسيط عندما لا يُرافقه دائمًا تذكير بنطاق اللايقين.

المنظور الفلسفي والإنساني: تأملات في الوجود

واحدة من أبرز نقاط القوة في الكتاب هي الطريقة التي يدمج بها زاروبي التفكير الفلسفي مع العلم. لا يكتفي بالسرد العلمي البارد، بل يطرح تساؤلات عن الغاية، المعنى، وموقع الإنسان في كون ربما لا يكون فيه مركزًا لشيء. هل نحن وحيدون؟ وإذا لم نكن كذلك، ماذا يعني ذلك لأدياننا، لفلسفاتنا، لهويتنا؟

هذه الطروحات تضع الكتاب في منطقة وسطى بين العلم والفلسفة، دون أن يدّعي امتلاك أجوبة نهائية. زاروبي لا يسقط في فخ “اليقين العلمي” الذي يحوّل التساؤلات الكبرى إلى مجرد فرضيات هندسية، بل يترك مساحة للدهشة، وهذا ما يجعل الكتاب إنسانيًا بقدر ما هو علمي.


البنية والأسلوب: جسر بين الثقافتين

من الناحية الشكلية، يعتمد زاروبي على أسلوب سردي بسيط ولغة علمية واضحة بالعربية، ما يشكل تحديًا في حد ذاته نظرًا لندرة المصادر العلمية الدقيقة والمبسطة باللغة العربية. وقد نجح إلى حد كبير في خلق جسر بين “الثقافتين” – العلمية والإنسانية – على حد تعبير سي. بي. سنو، مما يجعل هذا الكتاب مساهمة ثقافية بالغة الأهمية في المشهد الفكري العربي.

مع ذلك، قد يلاحظ بعض القراء أن التكرار النسبي في بعض الفصول يبطئ من وتيرة السرد، خاصة في الأقسام المتعلقة بتاريخ الاكتشافات العلمية. وكان من الممكن ضغط بعض الأجزاء لصالح تعميق مناقشات أخرى – مثل فكرة الذكاء الكوني، أو حدود الإدراك البشري في استكشاف العوالم الأخرى.

قيمة الكتاب وسياقه العربي

يأتي هذا الكتاب في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى نشر العلوم بلغة عربية مبسطة دون التضحية بالدقة. قليلون هم من يجيدون هذه المعادلة، وزاروبي هو أحدهم. من خلال كتابه، لا يقدّم فقط محتوى علميًا عالي الجودة، بل يُذكّر القارئ العربي بأننا – رغم التحديات – جزء من الحراك العلمي العالمي، وأن أسئلتنا الكبرى ليست أقل وجاهة من أسئلة أي حضارة أخرى.

كما أن صدور الكتاب عن دار الفارابي، وتقديمه في أمسية ثقافية وسط حضور أكاديمي وثقافي متنوع، يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية ربط البحث العلمي بالمجال العام والثقافة العربية

خاتمة: كتاب ضروري لزمن ضروري

عوالم لا حصر لها ليس فقط كتابًا عن الحياة في الكون، بل هو دعوة للتفكير في موقعنا من هذا الكون – علميًا، أخلاقيًا، وفلسفيًا. إنه كتاب يوسّع أفق التساؤل ويقوّي حس الدهشة في زمن بدأت فيه “المعرفة السريعة” تقتل العمق.

يستحق هذا العمل أن يُدرّس في المدارس والجامعات، وأن يُناقش في حلقات الثقافة والفكر، لأنه يعيد للعلم بُعده الإنساني، وللإنسان مكانه المتواضع والمذهل في آنٍ واحد.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرآة الرؤى المتكسّرة ( نوفيلا شعريّة رمزيّة )
- تراتيل جوفية
- سيكولوجية الخوف من المستقبل: الذكاء الاصطناعي نموذجًا
- اليمن… حين يكتب المنسيّ خرائط الردع الجديدة
- القبة الذهبية الأميركية: درعٌ أم شرارة؟ – قراءة تقنية واسترا ...
- زمن الدم المؤجل — صرخة من تحت الركام
- مناجاة البحر
- من الرماد إلى الوعي: في النكبة كحدث كوني والنهضة كفعل خارج ا ...
- الإمارات والولايات المتحدة: اتفاقية الذكاء الاصطناعي بين الط ...
- الغياب (قصيدةٌ تمشي في القلب حافية)
- ترامب يتفقد الركام: من قصف غزة؟ ولماذا يبدو مندهشًا؟
- السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط: التوسع الإسرائيلي، تهجير ...
- في سويداء قلبي…
- الكائن المُركَّب: انبثاق البنية الهجينة ونهاية الإنسان بوصفه ...
- التي منها كانت القصائد
- كأنني آخرُ مَنْ تذكَّرَ البداية
- كأنّي لم أكن… أو كنتُ أكثر
- ازدجرني الألم، غير أني ألوذ بك
- حين تنحني الإمبراطوريات: اتفاق اليمن وأميركا كعلامة على تغير ...
- البُنى التنبؤية: من السيطرة إلى الاستباق — تحوّلات السلطة في ...


المزيد.....




- بخطوات محسوبة بدقة.. شاهد ما يفعله فريق مختص لإعادة صغار الد ...
- ماذا يتضمن المقترح الأمريكي الجديد لوقف إطلاق النار بين حماس ...
- أنقرة تقترح استضافة قمة تجمع ترامب وبوتين وزيلينسكي... وموسك ...
- دراسة: نصف البشرية تحت نيران التغير المناخي
- “شهادة من قلب الانتفاضة: دمنات 1984 بعدسة مناضل تقدمي”
- القضاء يجيز لإدارة ترامب إلغاء الوضع القانوني لنصف مليون مها ...
- سوريا.. أهالي القنيطرة يطردون دورية إسرائيلية وينزعون علمها ...
- -أدوات قذرة بيد العدو-.. قبائل وعشائر البادية بغزة ترفع الغط ...
- القاهرة تستضيف اجتماعا ثلاثيا لدول جوار ليبيا بحثا عن حل للأ ...
- صحيفة -هآرتس- العبرية: تغيير أماكن المختطفين بغزة يجعل الجيش ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - خالد خليل - عوالم لا حصر لها: رؤية علمية وإنسانية لموقعنا في الكون / مقال نقدي