أوزجان يشار
الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 21:54
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
في عالمٍ يتسارع فيه كل شيء – من العلاقات إلى القرارات – لم يعد التهديد الأكبر هو العدو الظاهر، بل ذلك الذي يقترب منك باسم الحب، أو الصداقة، أو الزمالة، ثم يبدأ في نخر طاقتك بهدوء.
الشخصيات السامّة ليست دائمًا شريرة بقصد، بل قد تكون مضطربة، متألمة، أو حتى جاهلة بالأثر الذي تخلّفه في الآخرين. لكنها تبقى سُمًّا… مهما كانت نواياها.
النجاة في هذا العالم لا تحتاج فقط إلى الطيبة، بل إلى وعي حاد، وشجاعة في المواجهة، ومرونة في الابتعاد.
فيما يلي تحليل دقيق لأنواع الشخصيات السامّة، وأسلوب التعامل النفسي والسلوكي مع كل نوع، دون مبالغة أو تجميل.
⸻
1. عربة اليد: من لا يتحرك إلا بدفعك
هذا النوع يعتمد عليك كليًا: في الرأي، والحركة، وحتى في اتخاذ القرارات البسيطة. يشعر بالضعف دونك، ويجعل نجاحه مرتبطًا بك، ثم يلومك إن سقط.
المشكلة: تتحول العلاقة إلى عبء، وتفقد توازنك الشخصي تدريجيًا.
كيفية التعامل:
• لا تُشجّع التبعية العاطفية، وامتنع عن التدخل في كل خطوة.
• استخدم عبارات مثل: “أثق أنك قادر على اتخاذ القرار المناسب”.
• لا تكن المخلّص، بل المدرب؛ دعهم يتعلّمون من النتائج.
• ضع حدودًا واضحة: “يسعدني أن أسمعك، لكن القرار النهائي لك”.
⸻
2. البعوض: مصاص الطاقة الذي لا يُعطي شيئًا
هم أولئك الذين يملأون يومك بالشكوى، والدراما، والإرهاق النفسي، دون أن يقدّموا أي دعم حقيقي في المقابل.
المشكلة: تخرج من اللقاء معهم وأنت منهَك، وتفقد شغفك دون أن تفهم لماذا.
كيفية التعامل:
• راقب توازنك الداخلي بعد كل تواصل معهم.
• لا تفتح لهم الباب بلا وعي؛ حدد وقتًا وحدودًا للمشاركة.
• قل بوضوح: “أفهم ألمك، لكنني لست قادرًا الآن على الاستماع لساعات، أحتاج وقتًا لنفسي.”
• لا تسمح بابتزازك العاطفي؛ ليست المساندة مرادفًا للاستنزاف.
⸻
3. السقالات: من يدعمك ليُمسك بك
يبدون داعمين، لكنهم يستخدمون كل دعم لاحقًا كأداة للسيطرة: “لولاي لما وصلت”.
المشكلة: تعيش شعورًا مستمرًا بالمديونية والذنب.
كيفية التعامل:
• راقب إن كانوا يذكّرونك باستمرار بما قدموه.
• لا تقبل الدعم المشروط: “إذا كنت ستساعدني فقط لتُمسك بقراري، فأنا أعتذر.”
• أكّد على استقلالك: “أقدّر ما فعلته، لكن اختياراتي اليوم مستقلة عن الماضي.”
• لا تسمح لمن ساعدك أن يحكمك باسم المعروف.
⸻
4. التمساح: من يصغي لك لكي يفترسك
يتقرب لمعرفة أسرارك ثم يستخدمها ضدك عند أول خلاف.
المشكلة: تخسر ثقتك بالناس، وتبدأ في جلد الذات.
كيفية التعامل:
• لا تُشارك كل شيء، خصوصًا في البدايات.
• راقب ردود أفعاله تجاه قصصك: هل يتعاطف أم يتلذذ بالتفاصيل؟
• حين يظهر خبثه، واجهه بحزم: “ثقتي بك كانت هدية، وخيانتك لها لن تمرّ بصمت.”
• تذكّر: ليس كل مستمع جدير بثقتك.
⸻
5. الحرباء: الغيور المتلوّن
يتظاهر بالدعم، لكنه يُخفي غيرة تلتهمه. يفرح بسقوطك، ويحزن لنجاحك، وإن لم يعترف بذلك.
المشكلة: تبدأ بالتقليل من نفسك لتُرضيه، أو تشكّك في فرحتك.
كيفية التعامل:
• راقب تعابير وجهه عند نجاحك أو فشلك.
• لا تتوقع منه الاحتفال بك، بل احتفل بنفسك.
• قل له بهدوء: “أشعر أنك لا تفرح لفرحي، وهذا يؤذيني.”
• خفّف اللقاءات، واحتفظ بالمسافة التي تحميك من سمّه الخفي.
⸻
6. الرافضون: قتلة الأحلام
يهاجمون كل فكرة، ويقوضون كل طموح باسم الواقعية أو الخوف عليك.
المشكلة: تفقد الإيمان بنفسك، وتبدأ بالتردّد المزمن.
كيفية التعامل:
• اسألهم: “هل تعترض لأنك تخاف عليّ؟ أم لأنك لا تؤمن أنني أستطيع؟”
• لا تُحوّل الشكوك إلى حقائق.
• ذكّر نفسك أن أغلب الإنجازات بدأت بسخرية الآخرين.
• واصل طريقك دون انتظار تصفيق من لا يفهم رؤيتك.
⸻
7. دافعو القمامة: ناقلو الأخبار السلبية
هؤلاء لا يحملون إليك سوى ما يُقلقك أو يُزعجك، ويقدّمونه لك بحماس غريب، وكأنهم يحملون هدية مسمومة. يقتاتون على الفوضى، ويشعرون بالسلطة حين يُنقلون لك ما يُثير قلقك: من قال عنك كذا، من فشل، من خان، من سقط.
المشكلة: تبقى في حالة توتر دائم، وتفقد إحساسك بالسلام النفسي.
كيفية التعامل:
• قلها بصراحة: “لست مهتمًا بسماع السلبيات عن الآخرين أو عني، أخباري أفضّل أن أسمعها من مصدرها.”
• راقب إن كانوا ينقلون لك ما يُقال عنك فقط، دون أن يدافعوا عنك.
• لا تردّ بسلبية؛ واجههم بالحزم لا بالعداء.
• ابتعد تدريجيًا عن الأحاديث العابرة معهم، وتجنّب مشاركتهم التفاصيل الخاصة.
⸻
8. المتنمّر: من يستقوي على مشاعر الآخرين
سواء كان صديقًا أو مديرًا أو شريكًا، المتنمّر لا يرتاح إلا حين يُشعرك بالذنب أو الضعف أو العجز. يسخر من أحلامك، يهاجم اختياراتك، ويدوس على حساسياتك بإصرار.
المشكلة: تبدأ بتصديق الأكاذيب عن نفسك، وتفقد احترامك لذاتك.
كيفية التعامل:
• واجهه بوضوح: “أسلوبك في الكلام جارح، وأنا لا أقبل التعامل بهذه الطريقة.”
• لا تبرّر له أفعاله، ولا تلتمس الأعذار المستمرة.
• تذكّر أن التنمّر لا يتوقف إذا لم تُوقفه.
• إن استمر، انسحب فورًا. البقاء مع متنمّر تدميرٌ بطيء.
⸻
9. النرجسي: المركز الذي يجب أن يدور الجميع حوله
لا يرى إلا نفسه، وإن تحدث عنك فليعكس صورته أو يُبرر غيابه. النرجسي يريدك مرايا، لا شخوصًا. يُهمّش احتياجاتك، ويقاطعك كلما تحدثت عن مشاعرك. يحبّك فقط حين تخدم غروره.
المشكلة: تفقد شعورك بالهوية في العلاقة، وتصبح تابعًا بلا وعي.
كيفية التعامل:
• لا تتورط في التفسير والتبرير الدائم له، فهذا وقود نرجسيته.
• ضع حدودًا واضحة: “أنا لست مسؤولًا عن مزاجك أو نجاحك، ولدي احتياجاتي أيضًا.”
• لا تتوقع منه اعتذارًا أو تعاطفًا؛ فالنرجسي لا يرى نفسه مخطئًا.
• إن تعذّر التغيير، فالانسحاب هو النجاة الوحيدة.
⸻
10. الضحية المزمنة: من يتلذذ بالضعف ويستثمر في الألم
يبدو طيبًا، هشًا، مسكينًا… لكنه في الحقيقة يرفض النهوض. كل نصيحة تُقابل بالتبرير، وكل مساعدة تُستهلك دون نية للتغيير. يستدرّ تعاطفك ليبقيك في دور المُنقذ.
المشكلة: يتحول عطاؤك إلى عبودية نفسية، وتغرق معه في مستنقع اليأس.
كيفية التعامل:
• لا تُقدّم حلولًا لمن لا يطلبها بصدق.
• قُل له: “أفهم ألمك، لكن التغيير مسؤوليتك.”
• راقب إن كان يكرر نفس الشكوى منذ شهور أو سنوات.
• الدعم لا يعني التورط؛ دعه يشعر بوزن ألمه ليبدأ التحوّل.
⸻
11. المتلاعب: المهندس الخفي لمشاعرك
يتقن استخدام الكلمات لتُشعر بالذنب، ويتظاهر بالحب ليضمن السيطرة. يقول ما يجعلك تراجِع نفسك دومًا، ويتركك مشوّشًا: أأنت المخطئ، أم هو؟
يتحدث عن “الوفاء” و“العِشرة” و”كم ضحى لأجلك”، لكنه يستخدم كل ذلك كأدوات للضغط لا للتقارب.
المشكلة: تُصبح حبيس شعور دائم بأنك مدين، خاطئ، أو غير كافٍ.
كيفية التعامل:
• تعلّم قول: “أنا مسؤول عن قراراتي، لا عن مشاعرك نحوي.”
• لا تُفرّط في تفسير أفعالك؛ التبرير المفرط هو ملعبه.
• راقب التناقضات في أقواله وردوده: المتلاعب يُجيد تغيير الروايات.
• انسحب عندما تتحول العلاقة إلى ملعب شعوري دائم بلا راحة أو وضوح.
⸻
12. الغيور الصامت: صاحب الوجه الهادئ والقلب المعقود
لا يعبر عن غيرته، لكنه لا يفرح لك، ولا يدعمك، ولا يبادلك الاحتفال. وربما يزرع بذور الشك فيك خفية: “هل ترى أن هذا النجاح دائم؟”، “أليس مبكرًا للفرح؟”.
المشكلة: تبدأ بالشك في نجاحك، وتخجل من احتفالاتك الصغيرة.
كيفية التعامل:
• راقب سلوكه عند نجاحاتك: هل يدعم؟ أم يصمت؟ أم يتهرّب؟
• واجهه بلطف: “أشعر أنك لا تفرح لفرحي… لماذا؟”
• لا تُشاركه كل خطواتك، واحتفظ بلحظاتك النقية بعيدًا عن طاقته.
• المحبة لا تعرف الغيرة السلبية، بل تحتفل بك لأنك أنت.
⸻
13. المحتكر: من لا يريدك أن تنجح بدونه
يريدك أن تتطور… بشرط أن يكون هو السبب، أو المتحكّم. يشعر بالتهديد من استقلالك، وقد يثنيك عن تجارب جديدة: “لا تغامر”، “أنت بحاجة إليّ”، “ليس الآن وقت التغيير.”
المشكلة: تظل عالقًا في نطاقه، وتفقد قدرتك على الطيران.
كيفية التعامل:
• افصل الامتنان عن الولاء؛ ليس من ساعدك هو صاحب مستقبلك.
• أكّد له أنك ممتن، لكنك قادر على المضي قدمًا: “أنا أقدّرك، ولكن لدي رحلتي الخاصة.”
• راقب إن كان يُعادي كل من يُشجعك على الاستقلال.
• المحتكر يخشى خسارتك، لكنك تخسر نفسك إن خضعت له.
⸻
كلنا معرضون أن نكون ضحايا لهذه الأنواع… أو أن نكون منها دون وعي.
لكن الوعي بذاتك، وبمن حولك، هو أول بوابة للحماية.
لا أحد يستحق أن تُطفئ نورك لأجله. ولا أحد ينبغي أن يُعيد تشكيلك حتى ترضيه.
كن صادقًا، حازمًا، واضحًا.
فأقسى أنواع السمّ، هو الذي نبتلعه باسم الحبّ أو العِشرة أو الرحمة.
وكلما زاد وعيك، ضاق نطاق الألم، وازدادت نقاوة حياتك.
⸻
المصادر:
1. Toxic People, by Lillian Glass
2. Emotional Vampires, by Albert J. Bernstein
3. Mayo Clinic – Narcissistic Personality Disorder
#أوزجان_يشار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟