أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أوزجان يشار - درهمٌ في مؤخرة الحافلة: حين يصطدم جنون الثروة بجنون السلطة














المزيد.....

درهمٌ في مؤخرة الحافلة: حين يصطدم جنون الثروة بجنون السلطة


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8367 - 2025 / 6 / 8 - 00:14
المحور: الصحافة والاعلام
    


في الأسبوع الأول من يونيو 2025، انشغل العالم بخلافٍ حادٍ وغير متوقّع بين الرئيس الأمريكي العائد دونالد ترامب، ورجل الأعمال المثير للجدل إيلان ماسك.
خلافٌ ليس وليد اللحظة، بل هو فصل جديد في العلاقة المعقّدة بين رأس المال ورأس السلطة.
تعاونٌ بدأ بمصلحة، وانتهى بفضيحة. دعمٌ انتخابي تحوّل إلى تهديد، وصداقةٌ افتراضية انتهت إلى ساحة حرب إعلامية.

في الحقيقة، ما حدث بين ترامب وماسك لا يختلف كثيرًا عن نكتةٍ قديمة تختصر منطق هذه العلاقة:

امرأة صعدت إلى الحافلة ولم يكن معها سوى جزء من ثمن التذكرة. تبرع لها مراهق بدرهم، فشكَرَته وركبت. بعد قليل شعرت بشيء يلتصق بمؤخرتها، فالتفتت غاضبة، ليقول لها الشاب:
“لا تقلقي… أنا صاحب الدرهم.”

ملياردير يطرق باب البيت الأبيض

في حملته الرئاسية الأخيرة، تلقى دونالد ترامب دعمًا واضحًا من ماسك عبر منصته “إكس”، بل منحه نفوذًا غير مسبوق بين جيوش المؤثرين والمحللين والروبوتات الدعائية.
كان واضحًا أن ماسك لا يدفع حبًا في ترامب، بل رغبة في اقتسام النفوذ بعد النصر.

وفعلًا، فاز ترامب.
لكن ما لم يتوقعه هو أن صاحب “الدرهم” سيجلس خلفه مباشرة، في البيت الأبيض، ويبدأ بتقديم فواتيره.

مطالب خيالية… وصدمة سياسية

مع دخول ترامب إلى منصبه، بدأت شركة تسلا تتعرض لخسائر فادحة في الأسواق الأوروبية والأمريكية.
في ثلاثة أشهر فقط، قُدّرت الخسائر بنحو 120 مليار دولار.

هنا تقدّم ماسك بطلبٍ جريء وخطير:
تشريع قانون يمنع استيراد السيارات العاملة بالوقود اعتبارًا من عام 2028، لإجبار السوق على التحوّل الكامل إلى السيارات الكهربائية.

ترامب، بواقعيته الانتهازية المعهودة، رفض الطلب قائلًا:

“إذا فعلتُ ذلك، سأفقد منصبي في اليوم التالي. لا يمكن فرض هذه القوانين بالقوة… هذا جنون.”

أدرك ماسك أن رهانه خسر، وأن السياسي الذي دعمه لا ينوي سداد الدين.
بدأت مشاعر الخذلان تتحوّل إلى غضب… ثم إلى حملة انتقام علنية.

إطلاق النار من منصة “إكس”

لم يلجأ ماسك إلى القنوات الخلفية، بل قرر استخدام أقوى أسلحته: منصته الخاصة.
نشر سلسلة منشورات مثيرة، أخطرها تلميح واضح إلى تورّط ترامب في قضية جزيرة إبشتين.

ولمن لا يعرف، فإن “جيفري إبشتين” كان رجل أعمال يملك جزيرة منعزلة في الكاريبي، استُخدمت لسنوات كمنتجع نخبوي تُمارس فيه أنشطة جنسية منحرفة مع القاصرين.
القضية هزّت العالم، وأفضت إلى وفاته (التي وُصفت بالانتحار)، وكشفِ تورّط سياسيين وأمراء وإعلاميين ونجوم موسيقى.

إيلان ماسك، دون دليل مباشر، أشار إلى أن ترامب كان ضالعًا في الأمر، أو على الأقل مُحاطًا بالمشتبه فيهم.

ترامب يرد: “لن أفرض الجنون”

رفض ترامب أن يمر هذا الهجوم دون رد، وذكّر المتابعين بأنه كان أول من طالب علنًا بنشر تفاصيل قضية إبشتين، حتى ولو كانت تُهدد أسماء نافذة في السياسة والمال والإعلام.

لكنه في الوقت نفسه، بدا وكأنه لا يريد تصعيدًا إضافيًا، تاركًا الأمر يهدأ على أمل احتواء الصدمة.

فقاعة الثقة انفجرت

رغم تداول أخبار عن اتصال هاتفي مرتقب بين الطرفين، إلا أن الأوساط السياسية والاقتصادية تجمع على أن الثقة بين ماسك وترامب قد تبخرت نهائيًا.
ماسك، الذي ظنّ أن المال يمكنه شراء السلطة، تلقى درسًا قاسيًا في البراغماتية السياسية.
وترامب، الذي استغل دعم الأغنياء بلا التزام طويل، أدار ظهره عندما شعر بالخطر.



المال والسلطة: زواج متوتر في عالم هش

الخلاف بين ترامب وماسك ليس شاذًا عن السياق التاريخي، بل هو امتداد لعلاقة أزلية بين المال والسياسة:
رجل الأعمال يظن أن بإمكانه شراء النفوذ، ورجل السلطة يظن أنه قادر على تطويع الثروة لخدمة أجندته.

لكن هذا التزاوج دائمًا ما يكون هشًا، متقلّبًا، ومحكومًا بالتوقيت.

في العصر الحديث، لم تعد شركات التكنولوجيا والإعلام تكتفي بالربح، بل باتت تريد التأثير المباشر على صناعة القرار، وفرض أجنداتها تحت شعار “المستقبل”.

المشكلة أن كل طرف يستهين بالآخر.
السياسي يرى رجل المال كمحفظة متنقلة، ورجل المال يرى السياسي كوسيلة لتحقيق مصالحه.

ما يحدث عند انهيار هذا التحالف هو زلزال يصيب شرعية الدولة، وثقة السوق، وسلامة المجتمعات.
فحين يُطلق المال الرصاص، وتردّ السلطة بالإنكار أو الإقصاء، ينهار الجسر الذي كان بينهما… ويقع الجميع في النهر.

إن مستقبل العلاقة بين المال والسلطة يتطلب توازنًا دقيقًا:
شفافية في التمويل، حدودًا واضحة للتأثير، ووعيًا شعبيًا لا يصدّق كل تغريدة، ولا يصفّق لكل شعار.



المشهد الحالي هو مجرد مسرح بلا أبطال

منصة “إكس”، التي كانت أداة تواصل، تحوّلت إلى ساحة قصف.
والبيت الأبيض، الذي كان رمزًا للسيادة، بات مسرحًا لمعارك الثراء والسلطة.

وفي قلب المسرح، يظهر ترامب جالسًا على عرش ذهبي زائف،
وخلف الستار… يهمس ماسك: “أنا صاحب الدرهم.”

لكن الجمهور – نحن – لم نعد نضحك.
نحن نراقب، وندفع الثمن، ونكتشف أن كل ما في هذا العرض ليس إلا هزيمة بطيئة للعقل، والمؤسسات، والثقة.

الخلاصة المؤلمة هي براغماتية بلا أخلاق… وسلطة بلا مبدأ:

في عالم المال والسياسة، ليس هناك من أخلاق… هناك فقط اتفاقات مؤقتة قائمة على الاحتياج، والمصلحة، والابتزاز المتبادل.
إيلان ماسك رجل ذكي، لكنه ليس رجل دولة.
ودونالد ترامب رجل سلطة، لكنه ليس رجل وفاء.

ما بين الذكاء البارد والتهور السياسي، ضاعت الحقيقة، وتحوّل “الدرهم” الذي دفعه ماسك إلى لعنة التصقت بمؤخرة المشهد السياسي الأمريكي.

قد يُجرى اتصال هاتفي بين الطرفين قريبًا، كما يُشاع، لكن الحقيقة المؤكدة هي أن الثقة بينهما دُفنت في رمال الملذات والفضائح بشاطئ جزيرة جيفري إبشتين.



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتعة لحظة… والسعادة قرار: من فخ اللذة إلى جسر الحكمة
- تغيير التفكير… بوابة لتغيير المصير
- قوة التفكير الإيجابي: قراءة في كتاب جيسون وولبرز
- فلسطين أولاً: تفكيك أسطورة “إسرائيل” في النصوص الدينية والتا ...
- قراءة نقدية في رواية الإسكافي: حين يُخاط الجلدُ الروح
- الشخصية الجدلية: بين الجاذبية والتنافر
- القيادة بين التحذير والتجاهل: دروسٌ من الكارثة
- مصر وتاريخ الهويات: من يوسف وموسى إلى رمسيس وأحمس، ومن النوب ...
- من السيارة إلى الإنسان: شرائح ذكية تحرس الحياة وتعيد تعريف ا ...
- كيف تتغلب على المتلاعبين؟ قراءة تأملية في كتاب جاستن تايلور
- في حضرة مهاويرا: رحلة إلى الجينية، الديانة التي تمشي حافية ف ...
- ومضات من حياة هنري ميلر
- قبّعات التفكير الستّ: حين يصبح العقل غرفةً ذات نوافذ ملوّنة
- الديانة الإبراهيمية: بين الخديعة الرمزية ومخطط تجميل إسرائيل ...
- قراءة جادة في مسار الإنقاذ الإداري
- من نحن… ومن يمكن أن نكون؟
- قيادة السيارة إنعكاس للشخصية: بين السلوك المتحضر والمتهور
- حين يُزهر الوعي: بين النور الداخلي وعتمة الانفصال
- المدينة بين الاختناق والنجاة: حين يتحوّل الإسمنت إلى مرآة لل ...
- من يطفئ العالم… ويشعل أرباحه؟ الكارثة كأداة تحكم، والخداع كا ...


المزيد.....




- عائلات الرهائن الإسرائيليين تُطالب بإنهاء الحرب وتتّهم نتنيا ...
- مسؤولة: أمام ألمانيا ثلاث سنوات لتسليح جيشها لصد هجوم روسي م ...
- ترويكا.. الحلقة التاسعة
- قطار محمل بعدد هائل من الدبابات والمدفعية يتجه إلى العاصمة و ...
- فشل الخطة الامريكية الإسرائيلية للمساعدات واستعداد حكومة غزة ...
- رئيس بولندا المنتخب يعارض انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي
- الجيش الروسي يدمر 32 مسيرة جوية فوق مقاطعتي كورسك وأوريول خل ...
- شاهد.. الحي الذي نشأ فيه لامين جمال نجم برشلونة
- إلى أين يقود التصعيد الحالي الحرب الروسية الأوكرانية؟
- متظاهرون في باريس يطالبون بوقف حرب الإبادة في غزة


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أوزجان يشار - درهمٌ في مؤخرة الحافلة: حين يصطدم جنون الثروة بجنون السلطة