أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوزجان يشار - من يطفئ العالم… ويشعل أرباحه؟ الكارثة كأداة تحكم، والخداع كاستثمار














المزيد.....

من يطفئ العالم… ويشعل أرباحه؟ الكارثة كأداة تحكم، والخداع كاستثمار


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8333 - 2025 / 5 / 5 - 00:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تنطفئ الكهرباء، لا ينطفئ فقط المصباح الذي فوق رأسك.
بل يتوقف البنك. تتعطل الخوادم. تُشل المستشفيات. تتجمد الطائرات في سماء مظلمة، وتتحول المدن إلى خرائط سوداء.
ولكن في هذه اللحظة التي تتوقف فيها الحياة، هناك دائمًا من تبدأ أرباحه في العمل.

السادسة مساءً. تفتح التلفاز، لا إشارة. تمسك بالهاتف، لا شبكة. تخرج إلى الشرفة، فتكتشف أن المدينة كلها توقفت.
لا ضوء. لا حركة. لا أصوات. فقط سكون قاتم، كأن الحياة نفسها نُزعت من تحت أقدامنا.
السيارات عالقة، إشارات المرور متوقفة، قطارات الأنفاق جامدة، والطائرات تهبط اضطراريًا في العتمة.
ليس هذا عطلًا عابرًا. بل أقرب إلى زرّ ضغطه أحدهم لإيقاف العالم.

في 28 أبريل 2025، تعرضت إسبانيا والبرتغال وأجزاء من فرنسا لانقطاع شامل ومفاجئ للكهرباء.
لا عدو معروف، لا عاصفة شمسية، لا زلزال.
مجرد ظلام.
السلطات حاولت تقديم تفسيرات تقنية باردة: “اهتزازات حرارية في الغلاف الجوي”، “فقدان التزامن بين محطات الشبكة”، “ظاهرة نادرة تُسمى الاهتزاز الجوي المستحث”.
لكن ماذا لو لم يكن الأمر عطلاً؟
بل اختبارًا؟
بروفة كونية لما هو أكبر؟
ماذا لو كان هذا الانقطاع هو بداية صفحة جديدة من مشروع قديم جدًا… مشروع إعادة تشكيل العالم؟

الكهرباء لم تعد رفاهية. هي قلب الحضارة.
من يملك القدرة على فصلها، يستطيع محو حياة بأكملها بضغطة زر.
بدونها، لا مياه. لا أمن. لا دواء. لا إنترنت.
بل حتى “المال” نفسه يختفي، لأنه لم يعد ورقًا في الجيب، بل رقما على شاشة لا تُضيء.

لكن القصة ليست حديثة. لقد بدأ الاستثمار في الكارثة منذ قرون.

عام 1815، حين خسر نابليون معركة واترلو، لم يكن “ناثان روتشيلد” مجرد تاجر مال، بل كان أول من استثمر في الهزيمة.
امتلك شبكة حمام زاجل خاصة به، وصلت إليه بالخبر الحقيقي قبل الجميع: نابليون هُزم.
لكن بدلاً من نقل الحقيقة، نشر إشاعة مدروسة: “نابليون انتصر”.
ارتعبت الأسواق البريطانية. انهارت الأسهم. وبدأ روتشيلد بشرائها بسرية.
وحين وصل الخبر الحقيقي، ارتفعت الأسواق مجددًا.
لكنه كان قد سبق الجميع… واشترى بريطانيا تقريبًا.

كانت تلك اللحظة أول برهان على أن الحروب لا تُربح في ساحات المعارك، بل في غرف الأخبار… وأسواق المال.

بعد قرنين من الزمان، تكرر المشهد في العراق.
الحرب التي بدأت بشعار “التحرير” انتهت بتدمير البنية التحتية، وتحويل العراق إلى مسرح مفتوح لشركات الإعمار.
شركة “هاليبرتون”، المرتبطة بنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، حصلت على عقود بلا مناقصة.
شركة “بكتل” تولّت إعادة بناء المدارس التي قُصفت.
شركة “أوراسكوم” المصرية تولّت تشغيل شبكات الاتصالات.
بلد بأكمله تحول إلى جدول أعمال لشركات، وصفقات، وعقود طويلة الأمد.
كان كل حجر يُهدم، يُعاد بيعه بعد ذلك بثلاثة أضعاف.
الموت، الخراب، الفوضى… كلها موارد خام في اقتصاد الحرب.

هل انتهى الأمر هنا؟ لا.
جاء فيروس كوفيد-19 ليُعيد كتابة قواعد السيطرة من جديد.
تحوّل الفيروس، منذ أيامه الأولى، إلى منصة اقتصادية وسياسية وتقنية شاملة.
شركات الأدوية جمعت أرباحًا تاريخية.
شركات التكنولوجيا أحكمت سيطرتها على البيانات الشخصية للمليارات.
أنظمة المراقبة والرقابة الرقمية انتشرت باسم “الصحة العامة”.
وسائل الإعلام تغنّت جميعها بلغة واحدة.
عقول الناس أُخضعت تحت وطأة الخوف، وعُطّل الشك الجماعي لصالح الطاعة البيولوجية.

لكن ماذا لو لم يكن الفيروس إلا ذريعة؟
ماذا لو كانت الكارثة بيئة مثالية لإعادة ترتيب مراكز السلطة، وخلق نظام عالمي جديد، يعتمد على المراقبة، والامتثال، والتحكم عن بعد؟

في كل مرة تنفجر فيها أزمة، هناك مَن يتضرر… وهناك من يزدهر.
في كل مرة تخسر الشعوب الأمن، تربح الشركات السيطرة.
وفي كل مرة يُطلب منّا أن “نتفهم”، لا يُطلب من الشركات أن “تتوقف”.

لماذا يُقال لنا إن الكهرباء انقطعت بسبب ظاهرة جوية نادرة، بينما تُباع لاحقًا عقود توليد طاقة احتياطية لشركات خاصة بأسعار خيالية؟
لماذا تُستخدم الكارثة كمدخل لفرض أنظمة رقمية بديلة، تحوّل المواطنين إلى مشتركين؟
ولماذا لا نرى إلا ما يُسمح لنا برؤيته… وكأن العالم شاشة عرض كبيرة؟
الشاشة تعمل… إلى أن يُضغط الزر.

السؤال ليس فقط: من يملك الزر؟
بل: لماذا لم نشكّ يومًا أن الزر نفسه موجه ضدنا؟

حين تنطفئ الأضواء، لا تنطفئ الحقيقة.
بل تنكشف أحيانًا.

والعقل الذي لا يشك، لا يحيا.
والوعي الذي لا يسأل، لا ينجو.

العالم لا يُقاد بالمبادئ، بل بالمصالح.
والذي يصنع الكارثة، يصنع معها خطة الربح منها.
وما نراه نحن “مصيبة”، قد يكون بالنسبة لغيرنا “فرصة”.

حين تنطفئ الكهرباء… من سيضيء لك الحقيقة؟
وهل ما كنت تراه أصلًا… كان العالم الحقيقي، أم مجرد انعكاس في مرآة مظلمة؟



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلوك جوهر الدين: قصة النفاق الديني عبر الثقافات
- أنا في المقصورة الأخيرة: بين حرية الأبناء وألم تراجع مكانة ا ...
- العقول التي تُحدث الفرق: في فلسفة التأثير وأوهام الاستغناء
- فن الإدارة الصعبة: حين يصبح الإبداع سيفًا، والكرامة المهنية ...
- التنين يمد جناحيه: حين تتجاوز الصين ميزان القوى
- ترامب والكوكلس كلان الجديد: بين فاشية القرن الحادي والعشرين ...
- من هو المسيح الدجال؟ تأملات في زمن الذكاء المصطنع والضمير ال ...
- البروباغاندا: تغييب الوعي وصناعة مجتمعات القطيع
- الصليب في البيت الأبيض: حين تتسلّل الأيديولوجيا الدينية إلى ...
- العقل قبل الجينات
- دونالد ترامب وظلّ القناع الأبيض: هل يقود أمريكا إلى لحظة غور ...
- احتلال فرنسا للجزائر: الأسباب، التوابع، والرفض المستمر للاعت ...
- مهرجان من أمنيات مؤجلة
- العائلات الثرية وفرضية “المليار الذهبي”: رؤية تحليلية شاملة
- تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي
- سلوك العمل الجماعي: بين الإبداع والاندفاع
- “برامج رامز: عبثية المحتوى وهدر المال.. متى ينتهي هذا الإسفا ...
- جماعة “الجمجمة والعظام” والرقم 322: سر النخبة الخفية
- رؤية السعودية الخضراء: خارطة طريق لتشجير المملكة ومستقبل بيئ ...
- قراءة في كتاب “عقل القائد: كيف تقود نفسك وموظفيك ومؤسستك لتح ...


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون عزمهم فرض -حصار جوي- على إسرائيل
- الأردن.. إحباط محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخ ...
- ترامب يقول إنه لا يسعى للترشح لولاية رئاسية ثالثة
- بوتين يؤكد.. نملك كل ما يلزم لتحقيق هدفنا
- انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف بـ-الهاون- (ف ...
- رومانيا.. سيميون يتصدر الانتخابات الرئاسية بعد فرز 90% من ال ...
- لـ-أطفال غزة-.. وصية الراحل فرنسيس الأخيرة (صور)
- الأردن.. إحباط محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخ ...
- الحوثيون يخطرون منظمة الطيران الدولي والاتحاد الدولي للنقل ا ...
- مسيرة الفوج الخالد تجوب شوارع بيروت


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوزجان يشار - من يطفئ العالم… ويشعل أرباحه؟ الكارثة كأداة تحكم، والخداع كاستثمار