أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أوزجان يشار - السلوك جوهر الدين: قصة النفاق الديني عبر الثقافات














المزيد.....

السلوك جوهر الدين: قصة النفاق الديني عبر الثقافات


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8332 - 2025 / 5 / 4 - 18:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإنسان لا يُقاس بمظهره بل بأفعاله

في عالمٍ ملأته الشعارات الدينية والمظاهر الطقوسية، يضيع كثيرون في التمييز بين الدين الحق، والدين الزائف.
فليس من صلى أكثر، أو صام أطول، أو أطلق لحيته أعظم، هو بالضرورة أقرب إلى الله.
بل إن القرب الحقيقي يظهر حين يُختبر الإنسان: في المال، في السلطة، في معاملة الضعفاء.

المظاهر قد تخدع، أما السلوك فهو البرهان الذي لا يكذب.
وكما أن الذهب لا يُختبر إلا في النار، كذلك الإيمان الحقيقي لا يظهر إلا حين توضع المبادئ على المحك.



الدرس الياباني: شنسوكي هاشيدا وثأر الإنسانية

في عام 2004، قدم الصحفي الياباني شنسوكي هاشيدا إلى العراق لتغطية معارك الفلوجة.
وفي وسط الدمار، لمح طفلًا صغيرًا يُدعى محمد هيثم أصيب بشظية كادت تودي ببصره.
وعده هاشيدا بأن يصطحبه إلى اليابان لعلاجه، إلا أن يد الغدر اغتالته قبل أن يحقق وعده.

غير أن عائلته، بدلًا من أن تثأر بالدم، ثأرت بالحب:
• أنشأت مستشفى لعلاج أمراض السرطان لدى الأطفال في الفلوجة.
• أكملت علاج الطفل محمد.
• أطلقت مشاريع خيرية باسم الشهيد.

لقد انتصروا للإنسانية على حساب الأحقاد.



راشيل كوري: الضمير لا يعرف دينًا أو قومية

لم تكن راشيل كوري فلسطينية ولا مسلمة.
كانت فتاة أمريكية يهودية آمنت بعدالة القضية الإنسانية.
فوقفت بجسدها النحيل أمام جرافة الاحتلال الإسرائيلي التي كانت تهدم بيوت الأبرياء، فدهستها دون رحمة.

لكن دمها لم يُهدر عبثًا؛ فقد أصبحت رمزًا عالميًا للضمير الإنساني الذي لا يسأل عن الدين ولا الجنسية، بل يرى الإنسان إنسانًا.



تدين الشكل وتدين الجوهر: حكمة عمر بن الخطاب

حين سُئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رجلٍ شاهده الناس في المسجد، سأل:
• هل جاورته؟
• هل صاحبته في سفر؟
• هل تعاملت معه بالدرهم والدينار؟

فلما أجاب السائل بالنفي، قال له عمر:

“اجلس، فإنك لا تعرفه.”

لأن معرفة حقيقة المرء لا تكون بمظاهر الطاعة، بل بالمواقف الصعبة التي تظهر معادن الرجال.



مظاهر التدين في الحياة اليومية: أمثلة معاصرة
• في الإدارة:
رأينا مسؤولين يملؤون مكاتبهم بالشعارات الدينية، بينما يغرقون في ظلم مرؤوسيهم، وخيانة الأمانات، وخفض رواتب الموظفين لتأمين مكافآتهم الخاصة.
• في الأسواق:
تُرفع لافتات “اتق الله”، بينما يمارس الغش في الوزن، والاحتيال على المستهلكين.
• في المجتمعات:
من يكثر من حضور حلقات الذكر، قد لا يتردد في خيانة جاره أو نشر الفتنة بين الناس.

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.”
(رواه البخاري)



النفاق الديني… ظاهرة إنسانية عبر العصور

لم تكن هذه الظاهرة خاصة بديانة دون أخرى.
بل هي وصمة إنسانية متكررة.

آل كابون، زعيم المافيا الإيطالية في أمريكا، كان يواظب على حضور القداس في الكنيسة، يتصدق، ويصلي.
ومع ذلك، كان يصدر أوامر قتل منافسيه دون أن يرف له جفن.

وفي التاريخ الأمريكي، استغل بعض رجال الأعمال البيض المظاهر الدينية لتبرير مذابحهم ضد الهنود الحمر.
قاموا بتوزيع بطانيات ملوثة بالجدري عمدًا لإبادتهم والاستيلاء على أراضيهم، تحت لافتات دينية مزيفة.

“الدين الذي لا يكبح الشر، يتحول إلى قناع للشر.”

هذه الأمثلة تبرهن أن المظاهر الدينية، حين تنفصل عن الضمير، تصبح أخطر سلاح للدمار.



الدين الحق: سلوك لا مظاهر

الإسلام، كغيره من الأديان الإلهية، دعا إلى حرية الإيمان:
قال الله تعالى:

“فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.” (الكهف:29)

والنبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يربط الإيمان بكثرة الطقوس، بل بالأخلاق:

“أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا.”
(رواه الترمذي)



رسالة إلى القارئ: أين تضع ثقتك؟

لا تثق في أحد لمجرد مظهره الديني.
ولا تعادِ أحدًا لمجرد اختلافه عنك في اللون أو المعتقد.

زن الناس بما يفعلون مع الضعفاء والمحتاجين، لا بما يرفعونه من شعارات.
تذكّر أن الضمير الحي والسلوك القويم هما الجواز الحقيقي إلى قلوب الناس، وربما إلى الجنة.



الإنسان هو موقف وسلوك وليس مظهر وطقوس.



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا في المقصورة الأخيرة: بين حرية الأبناء وألم تراجع مكانة ا ...
- العقول التي تُحدث الفرق: في فلسفة التأثير وأوهام الاستغناء
- فن الإدارة الصعبة: حين يصبح الإبداع سيفًا، والكرامة المهنية ...
- التنين يمد جناحيه: حين تتجاوز الصين ميزان القوى
- ترامب والكوكلس كلان الجديد: بين فاشية القرن الحادي والعشرين ...
- من هو المسيح الدجال؟ تأملات في زمن الذكاء المصطنع والضمير ال ...
- البروباغاندا: تغييب الوعي وصناعة مجتمعات القطيع
- الصليب في البيت الأبيض: حين تتسلّل الأيديولوجيا الدينية إلى ...
- العقل قبل الجينات
- دونالد ترامب وظلّ القناع الأبيض: هل يقود أمريكا إلى لحظة غور ...
- احتلال فرنسا للجزائر: الأسباب، التوابع، والرفض المستمر للاعت ...
- مهرجان من أمنيات مؤجلة
- العائلات الثرية وفرضية “المليار الذهبي”: رؤية تحليلية شاملة
- تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي
- سلوك العمل الجماعي: بين الإبداع والاندفاع
- “برامج رامز: عبثية المحتوى وهدر المال.. متى ينتهي هذا الإسفا ...
- جماعة “الجمجمة والعظام” والرقم 322: سر النخبة الخفية
- رؤية السعودية الخضراء: خارطة طريق لتشجير المملكة ومستقبل بيئ ...
- قراءة في كتاب “عقل القائد: كيف تقود نفسك وموظفيك ومؤسستك لتح ...
- إشكالية تكيف المثقف العربي بين الاستقطاب السياسي والفكري ودو ...


المزيد.....




- الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق يثير مخاوف المسيحيين في سور ...
- سوريا.. عملية أمنية ضد وكر إرهابي متورط بهجوم الكنيسة
- مفتي القاعدة السابق: هذا ما جعل بن لادن يجر أميركا لحرب في أ ...
- اعتقال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن
- الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى ويعتقل 4 من حراسه
- صحفي يهودي: مشروع -إسرائيل الكبرى- هدفه محو الشرق الأوسط
- toyour el-janah kides tv .. تردد قناة طيور الجنة على القمر ا ...
- سوريا: تنظيم -داعش- الإرهابي يقف وراء تفجير الكنيسة بدمشق
- البابا ليو: يجب عدم التساهل مع أي انتهاك في الكنيسة
- حماس: إغلاق المسجد الأقصى تصعيد خطير وانتهاك صارخ للوضع التا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أوزجان يشار - السلوك جوهر الدين: قصة النفاق الديني عبر الثقافات