أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - أوزجان يشار - من السيارة إلى الإنسان: شرائح ذكية تحرس الحياة وتعيد تعريف الأمان














المزيد.....

من السيارة إلى الإنسان: شرائح ذكية تحرس الحياة وتعيد تعريف الأمان


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 16:09
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


في عالمٍ تتزايد فيه التحديات الأمنية وتتعقد فيه أساليب الجريمة، لم يعد كافيًا أن نتحرك بعد وقوع الحادثة، أو نكتفي بردود الفعل المتأخرة. الأمن في العصر الحديث لا يُدار بالصدفة، بل بالعقل. عقلٌ رقمي، استباقي، يعمل بصمت في الخلفية، ويظهر عند الحاجة، لا ليصرخ، بل ليُنقذ.

ومن هذا التصور، تنطلق فكرة إنشاء منظومة وطنية ذكية تعتمد على شرائح إلكترونية دقيقة تُزرع في السيارات، الحقائب، أجهزة الصراف الآلي، وأحيانًا حتى في الأشخاص من فئات معينة. هذه الشرائح لا تراقب لمجرد المراقبة، بل تُؤسس لبيئة جديدة من الأمان تتداخل فيها التقنية مع الكرامة، ويصبح فيها الحضور الرقمي حارسًا مخلصًا لا يُرهق أحدًا ولا يتجاوز حدوده.

شرائح السيارات: أمان يبدأ من العجلات

تخيل أن يُصبح كل مركبة مؤمّنة مجهّزة بشريحة خفية دقيقة، مزروعة في موقع يصعب كشفه، ومرتبطة بمنصة أمنية وطنية قادرة على تتبع السيارة لحظة بلحظة. عند أي محاولة سرقة أو عبث، يُرسل النظام إنذارًا فوريًا إلى مركز المرور، إلى شركة التأمين، وإلى مالك السيارة نفسه، مع خيار إيقاف تشغيل المحرك أو تعطيل حركته عن بُعد. هذا التكامل بين الأجهزة والإدارات يحوّل السيارة من جسم معرض للفقد إلى كيان واعٍ يحمي نفسه ويتفاعل مع محيطه.

الفائدة هنا ليست فقط في تقليل معدلات سرقة السيارات، بل في تسريع الاستجابة الأمنية، وتحقيق وفر مالي كبير على شركات التأمين، وتقليل الضغط على البلاغات والمطاردات، وتعزيز ثقة المواطن في أن أمنه الشخصي ليس أمرًا مُعلّقًا بالحظ.

ماكينات الصراف الآلي: المال لا يحتاج حارسًا إن كان يملك عقلًا

تتعرّض ماكينات الصراف الآلي لمحاولات متكررة للكسر أو النسخ أو الاختراق. ومن خلال زرع شرائح ذكية داخلها، يمكن للنظام اكتشاف الاهتزازات الغريبة، أو تغيّر الحرارة، أو أساليب النسخ، بل والتنبؤ بالخطر حتى قبل وقوعه. الماكينة لا تنتظر أحدًا ليبلغ، بل تبلغ بنفسها. وهنا ننتقل من فكرة الحماية التقليدية إلى الحماية الحيّة، المستمرة، التي تحمي أموال الناس والمؤسسات على مدار الساعة دون تكلفة بشرية.

الحقائب الذكية: السفر بأمان… حتى بعد النسيان

من أكثر الأشياء التي يفقدها المسافرون هي حقائبهم، وقد يكون بداخلها ما هو أثمن من المال: وثائق، هويات، أدوات طبية، أو ممتلكات شخصية لا تُقدّر بثمن. زرع شريحة داخل الحقيبة، متصلة بتطبيق على الهاتف، يسمح للمالك بتتبعها، وتنبيهه إذا ابتعدت عنه، أو تم فتحها من طرف مجهول. إنها حماية للذاكرة، وللرحلة، وللأثر الشخصي الذي لا يُعوّض.

الزهايمر والطفولة: حين ننسى… تتذكّرنا الشريحة

من أكثر اللحظات قسوة أن يضيع طفل في زحام، أو أن يختفي مُسنّ يعاني من الزهايمر. في هذه الحالات، لا يكفي أن نرجو العثور عليهم، بل علينا أن نُحيطهم بأمان لا يُرى لكنه فاعل. من خلال أساور ذكية، أو قلادات، أو شرائح قابلة للارتداء، يمكن تتبع تحركات هؤلاء الأشخاص، وإرسال تنبيه عند خروجهم من نطاق الأمان، أو عند السقوط، أو عند تعرضهم لموقف صحي مفاجئ. الفائدة هنا تتجاوز الأمان إلى الطمأنينة النفسية لأُسرهم، والشعور بالسيطرة الإيجابية على ما لا يمكن التحكم فيه غالبًا.

منصة موحدة: لا أمن بلا عقل مركزي

لكن كل هذه الشرائح، مهما بلغت دقتها، لا قيمة لها إن لم تكن مرتبطة بمنصة وطنية موحّدة. منصة تُنسّق بين المرور، الأمن، الصحة، وشركات التأمين. منصة قادرة على تحليل البيانات، استشراف المخاطر، والتصرف السريع دون تأخير أو تضارب صلاحيات. إنها بمثابة “العقل الوطني الوقائي”، الذي لا يُراقب كل شيء، بل يُراقب فقط ما يستحق، ويدخل فقط حين يُطلب منه ذلك.

فوائد هذه الرؤية تتعدى التقنية

لا تقتصر فوائد هذه الرؤية على الجانب الأمني، بل تمتد إلى:
• تعزيز ثقة المواطن في قدرات الدولة الوقائية.
• تخفيف الضغط على الأجهزة الأمنية من خلال الاستجابة الذكية.
• رفع كفاءة شركات التأمين وتقليل الخسائر.
• تحسين بيئة السفر والتنقّل للأفراد والمؤسسات.
• حماية الفئات الضعيفة في المجتمع دون المساس بكرامتهم أو استقلالهم.

تشريعات لحماية الذكاء من الإهمال

ولأن التقنية دون تشريع تصبح زينة غير مُفعّلة، فإن إلزام المركبات الجديدة والمؤمّنة بتركيب هذه الشرائح يجب أن يكون جزءًا من نظام الترخيص الوطني، كما يجب أن تُفرض هذه الأنظمة على البنوك والمؤسسات النقدية، وتُوفّر مجانًا لكبار السن والأطفال المصابين بأمراض فقدان الذاكرة، عبر دعم حكومي مباشر. فالأمن لا يُقاس بعدد الكاميرات، بل بمدى فعالية العقل الذي يقف خلفها.

الخاتمة: شرائح تحرس الحياة، لا تُراقبها

ليست هذه الشرائح أدوات تجسس، ولا اختراقًا للخصوصية. إنها أعينٌ هادئةٌ، تفتح حين تُغلق أعيننا، وتحرس حين نتعب، وتتذكّر حين ننسى. في عالم يركض بسرعة، نحتاج إلى شيءٍ لا يركض، بل يراقب بثبات، وينقذنا بصمت.

في النهاية، نحن لا نزرع الشرائح في الأشياء، بل نزرعها في المستقبل ذاته.



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تتغلب على المتلاعبين؟ قراءة تأملية في كتاب جاستن تايلور
- في حضرة مهاويرا: رحلة إلى الجينية، الديانة التي تمشي حافية ف ...
- ومضات من حياة هنري ميلر
- قبّعات التفكير الستّ: حين يصبح العقل غرفةً ذات نوافذ ملوّنة
- الديانة الإبراهيمية: بين الخديعة الرمزية ومخطط تجميل إسرائيل ...
- قراءة جادة في مسار الإنقاذ الإداري
- من نحن… ومن يمكن أن نكون؟
- قيادة السيارة إنعكاس للشخصية: بين السلوك المتحضر والمتهور
- حين يُزهر الوعي: بين النور الداخلي وعتمة الانفصال
- المدينة بين الاختناق والنجاة: حين يتحوّل الإسمنت إلى مرآة لل ...
- من يطفئ العالم… ويشعل أرباحه؟ الكارثة كأداة تحكم، والخداع كا ...
- السلوك جوهر الدين: قصة النفاق الديني عبر الثقافات
- أنا في المقصورة الأخيرة: بين حرية الأبناء وألم تراجع مكانة ا ...
- العقول التي تُحدث الفرق: في فلسفة التأثير وأوهام الاستغناء
- فن الإدارة الصعبة: حين يصبح الإبداع سيفًا، والكرامة المهنية ...
- التنين يمد جناحيه: حين تتجاوز الصين ميزان القوى
- ترامب والكوكلس كلان الجديد: بين فاشية القرن الحادي والعشرين ...
- من هو المسيح الدجال؟ تأملات في زمن الذكاء المصطنع والضمير ال ...
- البروباغاندا: تغييب الوعي وصناعة مجتمعات القطيع
- الصليب في البيت الأبيض: حين تتسلّل الأيديولوجيا الدينية إلى ...


المزيد.....




- فيديو مكالمة تصل جوال ترامب وردة فعله كاشفا من المتصل يثير ت ...
- الفوضى تتفشى في غزة بينما ينتظر -السكان اليائسون- وصول الطعا ...
- مستشفى الشفاء في غزة مكتظ بالمرضى بعد توقف باقي المستشفيات ش ...
- قبل أيام من محاولة الهبوط الخطيرة.. مسبار ياباني يلتقط صورة ...
- حيرت العلماء.. اكتشاف نسخة عملاقة من درب التبانة عمرها 11 مل ...
- مجلس أوروبا: ما يحصل في غزة -قد يرقى لمستوى إبادة جماعية-
- نائب ترامب يتحدث عن -اللكمة القاضية-.. ويستشهد بالحوثيين
- صور فضائية تكشف حجم -الكارثة التي أغضبت زعيم كوريا الشمالية- ...
- كييف في حالة تأهب بعد هجوم روسي بطائرات مسيرة وصواريخ
- بعد فضيحة -سيغنال-.. إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي الأمريكي. ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - أوزجان يشار - من السيارة إلى الإنسان: شرائح ذكية تحرس الحياة وتعيد تعريف الأمان