أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أوزجان يشار - ومضات في حياة البروفيسور شريف الصفتي: ما بين الحقيقة والتهويل














المزيد.....

ومضات في حياة البروفيسور شريف الصفتي: ما بين الحقيقة والتهويل


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 17:26
المحور: سيرة ذاتية
    


في عالمٍ تزداد فيه الضوضاء حول الألقاب والبطولات، تظهر بين الحين والآخر شخصية علمية هادئة، لا تلهث وراء الشهرة، ولا تنتظر التصفيق. من بين هؤلاء، يبرز اسم البروفيسور شريف الصفتي، العالم المصري المتخصص في علوم المواد النانوية، الذي شقّ طريقه من جامعة طنطا إلى أن صار قائدًا لفريق بحثي في أحد أهم مراكز البحوث في اليابان. وبينما تناقلت وسائل إعلام وصفحات تواصل قصصًا عن “إنقاذه لليابان” و”ترشحه لجائزة نوبل”، كان الرجل في مختبره، بصمتٍ وجدية، يُجري تجاربه ويُوثّق براءات اختراعه، متجاهلًا الضجيج من حوله.

وُلد الصفتي في عام 1968، وتخرّج من كلية العلوم بجامعة طنطا، حيث بدأ مشواره الأكاديمي. لاحقًا، حصل على درجة الدكتوراه من جامعة ساوثهامبتون البريطانية، وهي واحدة من أبرز الجامعات في العالم في مجال الكيمياء. لم يتوقف عند ذلك، بل اتخذ من اليابان مقرًا لأبحاثه، حيث التحق بـ المعهد الوطني لعلوم المواد (NIMS)، ليقود هناك فريقًا بحثيًا متخصصًا في المواد النانوية الحيوية (Nano-Bio Composites). كما تولى منصب أستاذ بجامعة واسيدا اليابانية، وهي من أرقى الجامعات في آسيا.

لكن ما الذي جعل اسمه يتردد في وسائل الإعلام على نطاق واسع؟
في أعقاب كارثة فوكوشيما النووية عام 2011، حين ضرب زلزال مدمر شمال شرق اليابان، وتسربت كميات من الإشعاع من مفاعل فوكوشيما، انتشرت حالة من الذعر، وبدأت الحكومة اليابانية في اتخاذ إجراءات عاجلة لتقليل خطر التلوث الإشعاعي. في تلك اللحظة، بدأ تداول اسم شريف الصفتي في الأوساط العلمية والإعلامية، بوصفه صاحب ابتكار مهم في مجال المواد النانوية القادرة على امتصاص السيزيوم – أحد أخطر النظائر الإشعاعية الناتجة عن التسرب النووي.

ابتكر الصفتي مادة نانوية مسامية ذكية قادرة على تغيير اللون عند وجود السيزيوم في الماء، ثم امتصاصه خلال ثوانٍ، ما يجعلها أداة فعّالة للكشف والمعالجة في آنٍ واحد. هذا الابتكار تم توثيقه في تقارير علمية يابانية، منها تقرير نشره موقع Nippon.com بعنوان: “قيادة المعركة ضد التلوث الإشعاعي”. جاء في التقرير:

“عندما تكتشف المادة السمّ المستهدف، يتغير لونها… وفي غضون ثوانٍ، تتم تنقية السائل من التلوث.”

هذه التقنية لم تكن فقط واعدة في حالة الكوارث النووية، بل طُورت لاحقًا لتشمل مواد كيميائية سامة أخرى مثل الزرنيخ والمعادن الثقيلة والبكتيريا، ما جعلها محل تقدير عالمي، خصوصًا في مجال تنقية المياه في المناطق الفقيرة والمعرضة للتلوث.

ورغم واقعية هذا الإنجاز العلمي، إلا أن بعض التقارير العربية بالغت في تصوير دوره، فوُصف بأنه “أنقذ اليابان من كارثة نووية”، وأنه “رُشح لجائزة نوبل في الكيمياء عام 2013”. والحقيقة أن هذه الادعاءات، وإن كانت نابعة من فخر واعتزاز، إلا أنها تفتقر إلى أدلة رسمية. فجائزة نوبل، بحسب قواعدها، تُبقي على أسماء المرشحين سرية لمدة خمسين عامًا. ولم تُعلن أي جهة علمية يابانية أو نرويجية رسمية عن ترشيح الصفتي أو عن مشاركته المباشرة في خطة إنقاذ فوكوشيما. كذلك لم يُذكر اسمه ضمن الطاقم الحكومي أو الصناعي الياباني الذي تعامل مع الأزمة في حينها.

لكن ذلك لا يقلل شيئًا من إنجازه العلمي الحقيقي. لقد حصل الصفتي على أكثر من 18 براءة اختراع، ونشر مئات الأبحاث المحكمة في مجلات علمية مرموقة، واستُضيف في مؤتمرات دولية، منها ندوة كبرى في جامعة سندرلاند البريطانية عام 2013 بعنوان “قوة تقنية النانو”، حيث وصفه المنظمون بأنه:

“واحد من أبرز العلماء في العالم، طوّر مادة قادرة على إزالة الإشعاع من المياه.”

وقد تُوّجت هذه الإنجازات بحصوله على جائزة الإبداع من جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه في دورتها الثامنة عام 2021، وهي من الجوائز العلمية المرموقة على مستوى العالم في مجال المياه، وجاء تكريمه تحديدًا عن تطويره لمادة نانوية قادرة على اكتشاف وإزالة أكثر من ملوّث في خطوة واحدة.

بعيدًا عن المختبر، يوصف الصفتي بأنه عالم خجول، لا يميل إلى الإعلام، ولا يملك حسابات على مواقع التواصل. يعمل مع فريق بحثي متعدد الجنسيات، معظم أفراده من الشرق الأوسط، في بيئة علمية مشجعة داخل المعهد الوطني الياباني، حيث يختلط فيها الحوار العلمي بلغات وثقافات متباينة، ما يعكس قدرة هذا العالم على تحويل التجربة العلمية إلى تجربة إنسانية أيضًا.

في النهاية، لسنا بحاجة إلى تضخيم سير العلماء الحقيقيين. فالقيمة ليست في أن تُرشح لجائزة نوبل، بل في أن تُنقذ فعليًا قطرة ماء، أو حياة إنسان، أو بيئة من دمار. وشريف الصفتي، بما أنجزه من مواد ذكية قادرة على رصد السموم وامتصاصها وتنقية الحياة من تلوثها، قدّم للعلم ما يكفي لنحت اسمه في سجل الكبار – لا بالهتاف، بل بالفعل الهادئ والعميق.



المصادر:
1. NIMS – صفحة البروفيسور شريف الصفتي
2. Nippon.com – Leading the Fight Against Radioactive Pollution
3. University of Sunderland – The Power of Nanotechnology (2013)
4. جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه – قائمة الفائزين
5. قائمة الأبحاث والمنشورات – NIMS Publications



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “الحمار الذهبي”: رحلة التحول بين الجسد والمعرفة
- السلاح النووي: قنبلة معلقة فوق رقبة البشرية
- هل حان الوقت لبناء ملاجئ بدلًا من أوهام السلام؟
- “رحيل”.. حين تهمس الروح بالحياة وتختبر الحب كفناء
- الجسر لا السيف: في مدارات الجدل الإنساني الراقي
- فيليس ويتلي: حين كتبت العبدة قصائد الحرية
- درهمٌ في مؤخرة الحافلة: حين يصطدم جنون الثروة بجنون السلطة
- المتعة لحظة… والسعادة قرار: من فخ اللذة إلى جسر الحكمة
- تغيير التفكير… بوابة لتغيير المصير
- قوة التفكير الإيجابي: قراءة في كتاب جيسون وولبرز
- فلسطين أولاً: تفكيك أسطورة “إسرائيل” في النصوص الدينية والتا ...
- قراءة نقدية في رواية الإسكافي: حين يُخاط الجلدُ الروح
- الشخصية الجدلية: بين الجاذبية والتنافر
- القيادة بين التحذير والتجاهل: دروسٌ من الكارثة
- مصر وتاريخ الهويات: من يوسف وموسى إلى رمسيس وأحمس، ومن النوب ...
- من السيارة إلى الإنسان: شرائح ذكية تحرس الحياة وتعيد تعريف ا ...
- كيف تتغلب على المتلاعبين؟ قراءة تأملية في كتاب جاستن تايلور
- في حضرة مهاويرا: رحلة إلى الجينية، الديانة التي تمشي حافية ف ...
- ومضات من حياة هنري ميلر
- قبّعات التفكير الستّ: حين يصبح العقل غرفةً ذات نوافذ ملوّنة


المزيد.....




- بعد وقف إطلاق النار.. ترامب: تغيير النظام في إيران سيخلق فوض ...
- لماذا يعد تغيير النظام في إيران أمرًا صعبًا؟ أستاذ في جامعة ...
- لماذا اختارت إيران القاعدة الأمريكية في قطر لتوجيه رسالتها ل ...
- المستشار الألماني: -الوقت حان- لوقف إطلاق النار في غزة
- مقتل 4 أشخاص بصواريخ إيرانية أصابت مبنى سكنيا في بئر السبع ج ...
- إيران: هل من بديل سياسي؟
- دوي انفجارات في إيران رغم أمر ترامب بوقف الهجمات الإسرائيلية ...
- غزة: مقتل أكثر من 50 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي معظمهم ...
- إسرائيل: لن نهاجم إيران مجددا بعد مكالمة ترامب ونتنياهو
- ماذا تفعل حين يقرر طفلك التوقف عن رياضته المفضلة؟


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أوزجان يشار - ومضات في حياة البروفيسور شريف الصفتي: ما بين الحقيقة والتهويل