أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ناضل حسنين - يوم -القيامة- ..














المزيد.....

يوم -القيامة- ..


ناضل حسنين
الكاتب الصحفي

(Nadel Hasanain)


الحوار المتمدن-العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 16:41
المحور: الصحافة والاعلام
    


صباحًا، دفعت جسدي المتهالك نحو حيفا، كأي بهيمة تعتاد طريقها يوم الأحد. وصلت مكاتب التلفزيون، التي اعتادت ان تعج بالموظفين كخلية نحل أصيبت بالجنون، فوجدتها اليوم خاوية، صامتة لا حس فيها إلا أنفاسي المتعبة وسعال حارس الأمن الذي يبدو أنه آخر الأحياء المتبقين على وجه الأرض.
بين الحين والآخر، كانت صافرة الإنذار تزلزل المكان، كأنها صوت ملاك الموت وهو يعلن قدومه. أهرول حينها إلى ملجأ في الطابق الأرضي، مكان تفوح منه رائحة اليأس والعفن، لأمكث فيه نحو عشرين دقيقة، وكأنني أقضي فترة حكم قصيرة. ثم أعود لأوراقي، لحاسوبي البائس، لمحاولة عمل فاشلة، قبل أن تعيدنا الصافرة اللعينة إلى عالمنا السفلي من جديد.
هكذا لا ينجز شيء، ولا يولد إبداع، ولا تتحقق الأحلام. قررت العودة إلى شقتي في حيفا، علّني أجد فيها ما يعينني على مواصلة العمل، أو ربما على الموت بسلام على الأقل.
لكن الطريق إلى البيت كان فصلًا آخر من فصول هذه المهزلة الكبرى. المدينة التي تعرف الازدحام وفن الضجيج، بدت منفية إلى كوكب آخر. الشوارع خالية، الأرصفة صامتة، والمخبز الذي اعتدت ان أشتري المعجنات منه، وهي عزائي الوحيد في هذا الوجود البائس، كان مغلقا كأبواب الجنة في وجه الخاطئين. حتى الهواء نفسه بدا كمن حبس أنفاسه، ينتظر كارثة ما.
كل شيء كان متوقفًا، كل شيء كان ميتًا، إلا إشارات المرور. كأنها الجندي الذي لم يسمع بأن الحرب قد انتهت أو انها صماء لا تسمع صفارات الإنذار أو ربما كانت تظن أن الحياة لا تزال تدب في أوصال هذه المدينة الميتة. توقفت عند الإشارة الحمراء في مفرق خالٍ تمامًا كمواطن منضبط، لا سيارة ولا عابر سبيل، فقط أنا، وسيارتي في انتظار الضوء الأخضر السخيف.
وصلت العمارة، فاستقبلني جاري بسؤال أثار ريبي وشكي: "هل تشتم رائحة غريبة؟". عندها تذكرت مستودعات الكيمياء القريبة في المدينة، أو ربما هي بقايا أحلامنا المسمومة. لم أحتج لتفكير طويل، أغلقت باب الشقة خلفي بعد ان حملت جهاز اللابتوب وفيه كل آمالي المجهضة، نزلت، أدرت السيارة، وانطلقت على الفور، كأن الشياطين تطاردني.
شارع 6 في ساعة الذروة كان خاليًا، حتى هذا بدا غريبًا. أين اختفى البشر؟ هل ابتلعتهم الأرض؟ هل صعدوا إلى السماء؟ وصلت إلى الطيبة خلال نصف ساعة فقط. كل ما كنت اطارده هو شيئ بسيط.. شيئ أتعلق به في هذا الخراب: أن أكون، على الأقل، قريبًا من المقبرة التي يعرفها أهلي.



#ناضل_حسنين (هاشتاغ)       Nadel_Hasanain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطن في إسرائيل يدخل كتاب غينيس
- المسيحي الفلسطيني...
- إيران تستعرض... وإسرائيل تنفّذ
- من المسجد الى الكنيست..
- حل الدولتين.. الميت الذي نرفض دفنه
- نشيد الكوفية والشخير الوطني
- ما أشبه اليوم بالأمس..
- إضاءة على التطهير العرقي لعرب الداخل
- إيلون ماسك: عبقري أم مهووس؟
- ترانيم العصائر..
- حين تكون -اللي- أكثر فصاحة من -الذي-
- مفتاح الشرف تحت الخاصرة
- حكايتي مع المجرمين..
- لا تأكلوا -صديقها-!
- كلمة لا بد منها..
- وهم الخلود: فكرة اخترعناها فحكمتنا
- مآسينا التي لم نعد نحفظ أرقامها..
- -فما أطال النوم عمرًا..!-
- أميطوا النقاب عن التعليم!
- كلمة وفاء لصديق سوري راحل..


المزيد.....




- كيف ستقيّم إدارة ترامب نجاح ضرباتها على المواقع النووية الإي ...
- احتجاجات في طهران بعد ضربات أمريكية ضد مواقع نووية إيرانية
- خبراء روس: ضرب المنشآت النووية الإيرانية تجاوز للخطوط الحمرا ...
- إسرائيل تقطع الغاز عن الأردن ودعوات لمقاضاتها وإلغاء الاتفاق ...
- الجزيرة تبث صورا لدمار منشأة أصفهان النووية بعد الضربة الأمي ...
- ثلاثة سيناريوهات محتملة بعد الضربة الأميركية على إيران
- مدير مكتب الجزيرة بطهران يوضح.. لماذا تأخر رد إيران وما شكله ...
- نزيف دماء مجوعي غزة مستمر على أعتاب مراكز توزيع الأغذية الأم ...
- ترامب يتساءل: لماذا لا يكون هناك تغيير للنظام في إيران؟
- أوكرانيا تتوعد بتكثيف هجماتها في العمق الروسي


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ناضل حسنين - يوم -القيامة- ..