ضياءالدين محمود عبدالرحيم
مفكر وداعية اسلامي و اقتصادي، مطور نظم، مدرب دولي معتمد، وشاعر مصري
(Diaaeldin Mahmoud Abdel Moaty Abdel Raheem)
الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 15:33
المحور:
الادب والفن
في تلك القرية الصغيرة حيث تُحصي الأيام بعدد أغصان الصنوبر المتساقطة، عاش "يوسف" و"ليال"، فصلان من نفس القصيدة. كان بين منزليهما سبعمائة عمود سياج، لم يكن أحدهما يحفظ العدد حقًا، لكنهما كانا يعرفان أن الطريق مهما طال، فسيلتقيان في المنتصف.
لم يكونا قد تعلما قيادة السيارة بعد، فكان المطر أحيانًا يبلل شعر ليال الطويل، وأحيانًا أخرى كانت الشمس تضيء وجه يوسف وهو يعدو نحوها بحذاء مليء بالحصى. الطريق بين منزلين لم يكن مجرد مسافة، بل كان وعدًا يتجدد كل يوم.
"سأمشي نحوكِ اليوم!" كان يوسف يهمس لنفسه وهو يربط حذاءه البالي.
"سأمشي نحوه!" كانت ليال تضحك وهي تلتقط زهرة برية من جانب الطريق لتضعها خلف أذنها.
يلتقيان تحت شجرة الصنوبر العملاقة، تلك التي كانت شاهدة على كل ضحكة وكل صمت بينهما. كانا يتقاسمان الخطوات، ويعرفان أن الحب لا يعني أن يصل أحدهما للآخر، بل أن يخرج كلاهما في نفس اللحظة، ويبذلا الجهد ذاته.
مرت السنوات، وصارت سبعمائة عمود السياج ذكريات محفورة في قلبيهما. بعد سبع سنوات من زواجهما، وقفا في فناء منزلهما الخلفي، تنمو بينهما الشجرة ذاتها، أصبحت أكثر طولًا وقوة، كما حبهما.
"لو اختلفنا يومًا، سنلتقي في المنتصف كما كنا نفعل دائمًا"، قالت ليال وهي تلمس لحاء الشجرة الخشن.
ضحك يوسف: "لأن الطريق لا يكون طويلًا إذا قررنا السير معًا".
لم تكن شجرة الصنوبر مجرد جذور وأوراق، بل كانت دليلًا على أن الحب الحقيقي لا ينتظر الآخر ليأتي، بل يخرج نحوه، ولو بخطوة واحدة. وفي كل مرة يختلفان، يعودان إلى تلك الشجرة، حيث يذكران بعضهما بأن سبعمائة عمود لم تكن يومًا عائقًا، بل كانت السبب الذي جعل لقاءهما أكثر جمالًا.
فالحب ليس وصولًا، بل رحلة مشتركة، حيث لا توجد طرق طويلة، طالما هناك قلبان يلتقيان في المنتصف.
#ضياءالدين_محمود_عبدالرحيم (هاشتاغ)
Diaaeldin_Mahmoud_Abdel_Moaty_Abdel_Raheem#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟