أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياءالدين محمود عبدالرحيم - في مارستان














المزيد.....

في مارستان


ضياءالدين محمود عبدالرحيم
مفكر وداعية اسلامي و اقتصادي، مطور نظم، مدرب دولي معتمد، وشاعر مصري

(Diaaeldin Mahmoud Abdel Moaty Abdel Raheem)


الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 14:09
المحور: الادب والفن
    


في أقصى غرب الجزيرة، حيث تعانق الشمس البحر كل مساء كأنها تودّعه على وعد لا ينقطع، عاش "سامي"، رجل خمسيني اختار أن يهجر صخب المدن ويستقر في كوخ خشبي مطلّ على الساحل، تحفه أشجار النخيل، وتجاوره نوارس البحر التي اعتادت صوته أكثر مما اعتادت صوت الموج.

كان سامي يعزف على غيتاره الخشبي كل غروب، يجلس على أرجوحة معلّقة بمدخل الكوخ، يحتسي شرابه البارد، ويتأمل المارّين بشغف العابرين لا الراغبين بالبقاء. لم يكن يندم على ماضيه، لكنّه كان يبتسم بحذر حين يتذكره؛ فالزمن هناك لم يكن يُقاس بالساعات بل بعدد الأمواج المتكسرة، وعمق الأغاني التي يهمس بها لنفسه.

كان هناك لغزٌ يُقلق راحة قلبه كلما صفا البحر أكثر من اللازم: "أين ضاع ذلك الرشاش الصغير من الملح؟" كان يبحث عنه في درج المطبخ، في خزانة التوابل، حتى حاول العثور عليه بين طيّات الذكرى. لم يكن مجرّد أداة، بل رمزٌ لشيءٍ أكبر، لذاك الغياب، لذاك الخلل الذي طرأ فجأة على المعادلة.

"تقول الأغنية إنّها كانت السبب"، يهمس سامي لنفسه، ثم يضحك: "لكن الحقيقة؟ ربما كنتُ أنا".

كان يحدّث نفسه كثيراً، ويغني للريح، ويرقص أحياناً على أرضية خشبية غير مستوية. المارة كانوا يبتسمون له، الأطفال يقلّدونه، والسياح يلتقطون له الصور كأنّه جزء من ديكور هذه البلدة الغامضة. لكنه لم يكترث. كان يعرف أن حقيقته لا تُفهم بعدسة، بل تُعاش على وقع أغانٍ قديمة، وهمسات حنين.

وذات مساء، وهو يعزف مقطوعته المعتادة، مرت سيدة ترتدي وشاحاً أزرق يشبه البحر، وقفت تستمع بصمت. لم تقل شيئاً، لكنه لاحظ الوشم على يدها: نجم بحر صغير على المعصم الأيسر.
"هل أنتِ من رشيد؟" سألها ضاحكاً.
لم تجب، بل ابتسمت فقط، ثم مضت.

عاد سامي إلى غيتاره، لكن هذه المرّة كانت نغماته مختلفة. كأنّه تذكّر كل ما كان يحاول نسيانه، أو كأنّ الوشاح الأزرق أعاد إليه طعم الملح المفقود.

في تلك الليلة، كتب على جدار الكوخ:
"لا أحد يُلام حقاً… لكنّ البحر، رغم كل الغفران، لا ينسى."
________________________________________



#ضياءالدين_محمود_عبدالرحيم (هاشتاغ)       Diaaeldin_Mahmoud_Abdel_Moaty_Abdel_Raheem#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقصة الوداع
- نصف الطريق الآخر
- ما أحلى القدر
- الهزيمة المرسومة على الجدران
- قبلة الذهب
- العهد الأبدي
- طريقي... وطريقك
- نور المدينة
- أحلام بسيطة
- رحيم الرائع
- شكرًا لهذه الذكريات
- لا شيء سيفرقنا بعد الآن
- أنا وأخي
- أحلام الليل
- الجدار الأخير
- خذ روحى لعالم الأحلام
- العنوان: -غِمار : لعبة الحب والذكريات-
- الرحيل الأخير
- يومان معًا
- ميريت... ما وراء الابتسامة


المزيد.....




- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياءالدين محمود عبدالرحيم - في مارستان