ضياءالدين محمود عبدالرحيم
مفكر وداعية اسلامي و اقتصادي، مطور نظم، مدرب دولي معتمد، وشاعر مصري
(Diaaeldin Mahmoud Abdel Moaty Abdel Raheem)
الحوار المتمدن-العدد: 8338 - 2025 / 5 / 10 - 18:52
المحور:
الادب والفن
في عمق الريف المصري، حيث تُلامس حقول القمح نهر النيل، وتتمايل أشجار الجميز في هدوء، وُلد "رحيم" في كوخٍ من الطين والقش. لم يتعلّم القراءة أو الكتابة جيدًا، لكنّ أصابعه عرفت طريقها إلى أوتار العود منذ نعومة ظفره، وكأنّ الموسيقى قد وُلدت معه.
كان رحيم يحمل عوده في كيسٍ من الخيش، ويجلس تحت شجرة الجميز الكبيرة بالقرب من خط السكك الحديدية. هناك، حيث تصدح صفارات القطارات وتتداخل مع إيقاعات الطبيعة، كان يعزف. ركّاب القطارات يطلّون من النوافذ، والعمال يتوقفون عن العمل للحظات، والفلاحون يتركون محاريثهم ليستمعوا إلى ذلك الفتى الذي يعزف وكأنّ الأوتار جزءٌ من روحه.
انظروا إلى ما يعزف هذا الولد! كانوا يقولون، بينما تنساب النوتات الموسيقية كأنها ماء النهر في فصل الفيضان.
أمّه، المرأة القوية التي ربتْه بمفردها بعد أن رحل والده، كانت تنظر إليه بفخرٍ وخوفٍ في آنٍ واحد. "يوما ما، يا بنيّ، ستصبح عازفًا عظيمًا، وسيأتيك الناس من كلّ مكان ليسمعوك"، كانت تقول له بينما تُصلح له ملابسه البالية.
لكنّ رحيم لم يكن يطمح إلى الشهرة أو المال. كان يعزف لأنّ الموسيقى كانت تنبع من داخله كما ينبع النهر من أعماق الأرض. حتى ذلك اليوم الذي سمع فيه عن مسابقةٍ للموسيقى في القاهرة. قرّر أن يخوض التحدي، حاملاً عوده القديم وقلبه المليء بالأحلام.
عندما وقف على المسرح لأول مرة في حياته، ارتجفت يداه. لكن بمجرد أن ضرب أوتار عوده، تحوّل الخوف إلى موسيقى، والقلق إلى لحنٍ جميل. انطلق يعزف كما لو أنّه وحده في كوخه تحت شجرة الجميز، بينما الجمهور يصمت مذهولاً.
رحيم الرائع! صاح أحدهم عندما انتهى، فانفجرت القاعة تصفيقًا. في تلك الليلة، تحققت نبوءة أمه. لكن رحيم، الذي ظلّ وفياً لنفسه، عاد إلى كوخه الطيني، حيث يستمر في العزف للنجوم والقطارات، وللنهر الذي يُصغي إليه في صمت.
النهاية.
________________________________________
#ضياءالدين_محمود_عبدالرحيم (هاشتاغ)
Diaaeldin_Mahmoud_Abdel_Moaty_Abdel_Raheem#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟