أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياءالدين محمود عبدالرحيم - ميريت... ما وراء الابتسامة














المزيد.....

ميريت... ما وراء الابتسامة


ضياءالدين محمود عبدالرحيم
مفكر وداعية اسلامي و اقتصادي، مطور نظم، مدرب دولي معتمد، وشاعر مصري

(Diaaeldin Mahmoud Abdel Moaty Abdel Raheem)


الحوار المتمدن-العدد: 8323 - 2025 / 4 / 25 - 21:10
المحور: الادب والفن
    


في زاوية مقهى صغير على ناصية شارع مزدحم في المدينة، وقفت "ميريت" خلف طاولة الطلبات، ترتّب الصحون وتملأ الأكواب بالقهوة الساخنة. رائحة البن المحمص تملأ المكان، ممتزجةً بصوت طقطقة الأكواب وهمسات الزبائن. كانت الساعة تقترب من التاسعة صباحًا، والضوء الذهبي يتسلل من النافذة ليضيء وجهها المتعب. الزبائن المعتادون بدؤوا يتوافدون، بعضهم يحييها باسمها ببرودة، وآخرون يمرّون وكأنها جزء من الأثاث. رغم ذلك، كانت تبتسم للجميع، ابتسامةً لا تخفي تمامًا الظلال تحت عينيها.

قضت ميريت ثمانية وعشرين عامًا في هذه الوظيفة، تعمل من الفجر حتى المغيب، لا تعتمد إلا على بقشيش الزبائن لتُكمل يومها. كانت تحسب كل قرشٍ تنفقه على كتب أطفالها وزيّهم المدرسي، بينما تهمل ثقبًا في حذائها منذ أشهر. كل يوم، تروي قصصًا للزبائن بأذنٍ صاغية، لكن أحدًا لم يسأل يومًا: "كيف حالكِ يا ميريت؟" حتى مدير المقهى، الذي كان يحدّق في هاتفه بدلًا من أن يلاحظ كيف تحمل صينية ثقيلة بيدٍ ترتجف من الإرهاق.

ذات مساء، بينما كانت تمسح الطاولات وتجمع الأكواب المتبقية، دخل رجل مسنّ يرتدي معطفًا قديمًا. جلس في الزاوية التي لا يزورها أحد، حيث الإضاءة خافتة والكرسي مهترئ. لم يطلب شيئًا، فقط نظر إليها بعينين تشبهان البحر في هدوئهما. قال: "كنتُ آتي إلى هنا قبل عشرين عامًا، وما زلتِ كما أنتِ... تضيئين المكان." توقفت ميريت، وكأن الوقت توقف معها. لم تكن تعرفه، لكن كلماته حملت دفئًا لم تذقه منذ أن توفي زوجها. شعرت بغصة في حلقها، ثم ابتسمت — هذه المرة، كانت الابتسامة حقيقية، كأنها أول ضحكة لها منذ سنوات.

في طريقها إلى البيت، تحت المطر الخفيف، تذكرت كلام الرجل. كانت الشوارع مبللة، وانعكست أضواء المصابيح على الأرض كنجومٍ سقطت من السماء. لأول مرة منذ سنوات طويلة، شعرت بأنها أكثر من مجرد ظلّ يخدم الآخرين. كانت أمًّا، كانت صديقة، كانت إنسانة.

في اليوم التالي، عادت إلى المقهى كالعادة، لكن شيئًا تغير. عندما سألها زبون عن حالها، أجابت بصراحة: "متعبة، ولكن بخير." الزبون لم يهتم، لكنها لم تعد تبتسم إلا عندما تريد.
كانت تعمل بجد من اقل قوت يوها هى واطفالها، لم تكن تنتظر مكافأة أو تقديرا من أحد كانت تدرك أن الله تعالى سيعوضها خيرا في الجنة.
________________________________________



#ضياءالدين_محمود_عبدالرحيم (هاشتاغ)       Diaaeldin_Mahmoud_Abdel_Moaty_Abdel_Raheem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيفية كتابة مقالة بحثية تتصدر نتائج محركات البحث (SEO)
- مستقبل ترامب والجمهوريين: انتصار أم انهيار؟
- هل العملة العالمية الموحدة حلٌّ جذري للتغلب على الآثار الاقت ...
- القصة القصيرة : وعد في الجنة
- مستقبل توحيد عملة العالم: بين التدرج التقني وتحديات الحوكمة ...
- تجارب سابقة لتوحيد العملة وتطبيقات جزئية: دروس مستفادة
- الآثار الاقتصادية السلبية لتوحيد عملة العالم
- الآثار الاقتصادية الإيجابية لتوحيد عملة العالم
- النساء شقائق الرجال: مكانة المرأة في المجتمع وتكريم الإسلام ...
- أطياف العودة
- قصة قصيرة: سبع جولات في حلبة الحب
- مبادرة -يداً بيد من أجل السلام: مصالحة الدول المتنازعة والمت ...
- نحو عالم بلا حروب: تفكيك الجيوش وتعزيز السلام العالمي
- معتقل الأفكار
- العَدْلُ أساسُ النَّماءِ والظُّلْمُ دَبيبُ الفَناءِ (رسالة إ ...
- [حكمة الإسلام في ستر المعاصي والذنوب والآثام]
- البطل
- وطنُّى أنا
- وطنيٌ أنا
- مقدمة عن توحيد عملة العالم: رؤية اقتصادية


المزيد.....




- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...
- كتاب -رخصة بالقتل-.. الإبادة الجماعية والإنكار الغربي تحت مج ...
- ضربة معلم من هواوي Huawei Pura 80 Pro.. موبايل أنيق بكاميرات ...
- السينما لا تموت.. توم كروز يُنقذ الشاشة الكبيرة في ثامن أجزا ...
- الرِّوائي الجزائري -واسيني الأعرج-: لا أفكر في جائزة نوبل لأ ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياءالدين محمود عبدالرحيم - ميريت... ما وراء الابتسامة