أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - اَلْمَدْعُوُّ تَدْوِيرًا يُقْرِئُنَا آلسَّلَام















المزيد.....

اَلْمَدْعُوُّ تَدْوِيرًا يُقْرِئُنَا آلسَّلَام


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7534 - 2023 / 2 / 26 - 16:28
المحور: الادب والفن
    


●أولا / لنتذكر :
نازك الملائكة دعَتْ في كتابها المشهور(قضايا الشعر المعاصر)أن لا يزيد عدد الوحدات الإيقاعية(التفعيلات)في سطر قصيدة التفعيلة عن عدد تفعيلات البيت الواحد في القصيدة القديمة المعتمدة على نظام الشطرين المتناظريْن، وأن يستقل كل سطر عن آلآخر عروضيا، أي أن كل سطر شعري تكون له وقفته العروضية الخاصة المستقلة عن باقي الوحدات الصوتية اللاحقة أو السابقة؛ لذا آعتبرت إجراء التدوير عيبا، وأن لا داعي فني لوصل ضرب سطر سابق بحشو سطر لاحق..إنها بعبارة موازية ضرورة لا ضرورة لها..يبدو أن مثل هذه المقاربة تنطلق من ثوابت القصيدة الصوتية المتوارثة وآعتبارها أصلا يؤطر ما لحقها من تنويعات إيقاعية تظل رغم تراكمها وعمقها ونوعيتها_تبعا لمثل هذا المنظر_غصونا متفرعة عن جذع دوحة قديمة لا يجب التمرد عليها أو تجاوزها، مما يحتم أحكاما معيارية مسبقة تبدو صارمة تحاصر ماهية المنتوج الشعري الحديث وتبخس محاولات آستقلاله وآعتماده على ذاته عن طريق تطويقه بسياج العيوب والأحكام والمسموح والممنوع والمباح؛ كأننا أمام ظاهرة نفسية ملتبسة تجمع ما بين صَرعة(قتل الأب)و(عقوق الأبناء)؛ والحال أننا نتناسى أن أي منجز شعري هو منجز إنساني بالأساس يوازي فيما يوازي التطور والتحول الذي يعرفه الكائن الحي كيفما كان نوعه عبر مراحل نموه وتطوره، فتلكمُ الفراشة القشيبة من تلك الدودة الزاحفة وهذه من تلك اليرقة المدفونة في باطن آلأرض، ولا يعني آستقلال كل كينونة بنوعية وطبيعة مرحلة حياتها إلغاء لسابقاتها، وإنما هي حياة شاملة تضم بين جوانحها جميع الخطوات التي خطاها الكائن الحي في مسارها الحيوي من بدايته الى نهايته محتفظا في ذلك ببصمته الجينية المتوارثة التي لا تضل ولا تتيه ولا تُمحى..وآنطلاقا من هذا المنظور، لا يمكن إسقاط القواعد القديمة التي آرتبطتْ بقصيدة السَّلف(بالمفهوم الزمني لا غير)على خصوصية قصيدة(الخلَف)، حتى نعزز ونُثَمن مقولة خير خلَف لخير سلف ولا نسقط في شرك خَلَف من بعدهم خَلْفٌ..لذلك، لا داعي في قصيدة التفعيلة، وما لف لفها من تنويعات مستحدثة، لا مسوغ لإلزامها بضوابط صارمة مثل(الإيطاء والتضمين...) وغيرها من ضرائر عدها القدماء عيبا في القوافي والأبيات..بل وحتى الحديث عن التدوير بمفهومه السلفي لا يمكن أخذه على محمل من الجد في منجز الخلَف، لأن لكل من القولين الشعرين أصالته الخاصة رغم آشتراكهما في جذور وراثة سلالة واحدة...

ثانيا / لنقرأ هذا النص :

سَرّنِي كَوْنِيَ آلْيَوْمَ عندَ آلْغُروبِ آمْتَشَقْتُ حُسَامِي وَرُحْتُ أجُوبُ بِقَاعَ آلْوُجُودِ أطِيرُ هُنَا وهُناكَ أُعَرِّجُ أنْفُذُ في أجْوَاء حَبَائلِ
هَالتِكَ آلصُّغْرَى هائِمًا رائِقَا لاَ أبَالي أطُوفُ

أ
غُ
و
صُ

مَغَاوِصَ مِـنْ دُرَرٍ حُلَلٍ
لاَ آنْتِظَارَ يَكُونُ حِـذَاءَ جَنَائِنِهَا،
فَأتيهُ ضُحًى رَيَّانًا بلا خَجَل،
وَظلِلْتُ تُظَلِّلُنِي قُبَّرَاتُ ضَفَائِرَ مِنْ شَفَقٍ
فِي صَحَار وبِيـدٍ يَصْدَى آلْعُمْرُ بِهَا
ويُعَلُّ يَمُوتُ أعِيشُ أعِـيشُ أعِــيش

●ثالثا / لنلاحظ :
من أجل تحديد التدوير بالمفهوم التقليدي، علينا معاينة النص معاينة إيقاعية وزنية عروضية مادام هذا التدوير يشتغل في مجال كيفية توزيع التفاعيل على مساحة النص(أفقيا وعموديا في التفعيلة وأفقيا فقط في القصيدة القديمة)؛ فإذا جزأنا ما سبق الى مقاطع تفعيلية نجد ما يلي...

• سطر ١ :
سَرّنِي كَوْنِيَ آلْيَوْمَ عندَ آلْغُروبِ آمْتَشَقْتُ
سَرْرَني كَوْنِيَلْ يَوْمَعِنْ دَلْغُرُو بِمْتَشَقْ
فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن

•سطر ٢ :
تُحُسامِي وَرُحْتُ أجُوبُ بِقَاعَآلْوُجُودِ أطي
تُحُسَا ميورحْ تُأجو بُبِقا علْوجو دأطي
فَعِلُنْ فاعلن فعِلن فعلن فاعلن فاعلن

_ ما علينا الا ملاحظة ضرب السطر السابق كيف آشترك مع بداية حشو السطر اللاحق على الشكل التالي:
_ آمْتُشقتُ حُسَامِي
وبالضبط في:
_تُحُسا
فعلن

والشيء نفسه وقع فيما تلا من الأسطر، ولنا في ضرب السطر الثاني وبداية حشو الثالث مثال آخر:
_ دِ أطي| رُهنا
فعلن | فعلن
في قوله:
حُسَامِي وَرُحْتُ أجُوبُ بِقَاعَ آلْوُجُودِ أطِيرُ
علن فاعلن فعلن فعلن فاعلن فعلن فَ

هُنَا وهُناكَ أُعَرِّجُ أنْفُذُفي أجْوَاء حَبَائلِ
علن فعلن فعلن فعلن فعلن فعْلن فعلن فَعِ
هَالتِكَ آلصُّغْرَى هائِمًا رائِقَا لاَ أبَالي أطُوفُ
لن فعلن فعْلن فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن فَ
أغوص
علن ف
أغو
علن
صُ مغا
فعلن
وِصَ مِنْ
فعلن
دُررٍ
فعلن

رابعا / لنستنتج :
من كل ما سبق، نستنتج أن التدوير المتوارث آنشطار كلمة إلى جزأين كل منهما ينتمي إلى تفعيلة، فهو قائم بإشراك ضرب سطر شعري ببداية حشو سطر لاحِقٍ في كلمة واحدة(بينما في البيت القديم إشراك عروضة الصدر ببداية العجز)، ومعيار الإشراك عروضي بالأساس يخص جزءا صوتيا معينا في سطرين شعرين متتابعين؛ التدوير الملاحظ هنا عروضي وزني صوتي ساهم في عدم آستقلال السطر الشعري بنفسه عروضيا على الأقل(خرق الوقفة العروضية)، وتعالق وآتصال مع سطر مُوال له، الشيء الذي يدفعنا للتعامل مع نص من هذا القبيل تعاملا كليا شاملا لا جزئيا، مما يجعلنا نتحدث عن تجاوز واضح لاستقلالية البيت الشعري أو السطر بنفسه، فلا قيمة للأسطر السابقة إلا في آتصالها مع بعضها إما عروضيا عن طريق التدوير الوزني التفعيلي وإما دلاليا نحويا بتعليق المعنى وتأجيل تمامه، فيقف هنيهة في نهاية سطر petite pause ليكمل دلالته في سطر مُوالٍ على طريقة التضمين الذي عُد عيبا من عيوب الشعر في القصيدة القديمة والتقليدية؛ هذه التعالقات التدويرية الوزنية والدلالية تتضافر لتشكل جملة شعرية واحدة في النص آستغراقية تشمله بكامله بواسطتهما، وهو ما يمكن لنا مقاربته عن كثب إن نحن أتممنا عمليتنا السابقة في تفكيك وتقطيع تفاعيله ومباشرة العلاقات النحوية والروابط وما شابهها من أدوات الوصل..ومثل هذا النزوع في القصائد سيضعنا مباشرة أمام مفهوم القصيدة المدورة.

خامسا / لنطبق :
•لنتذكر مرة أخرى:
لا يتعلّق التدوير في القصيدة الحديثة بآنشطار أفقي لكلمة بين شطرين صدرا وعَجُزا كما في القصيدة الكلاسيكية؛ وإنّما هو آنقسام وحدة وزنية أي التفعيلة بين ضرب سطر ما وبداية حشو يليه أفقيا وعموديا ...

•لنتمرن:
يقول الشاعر اللبناني خليل حاوي:

لَنْ يستحيل دمي إلى مَصْل
كذبتُ كذبّتُ
جرّوني إلى السّاحات عروّني
اسلخوا عنّي شعار الجامعة

•سؤال لي سؤال لك:
من خلال مقاربتنا العروضية للأسطر الشعرية السابقة، كيف يمكن مقاربة دور التدوير العروضي في تشكيل وحدة المقطع الشعري عوض آستقلالية السطر الشعري...
•جواب:
حين نتفحص الوزن، نتبيّن أنّنا أما تفعيلة(متفاعلن)المستعملة في بحر الكامل الصافي.ثم إن التفعيلة الأخيرة في كلّ من الأسطر(الأضرب)لا تكتمل إلا فيما يليها من حشو الأسطر اللاحقة. ويمكن معاينة ذلك عن طريق تقطيعها الوزني:
لَنْ يستحيل دمي إلى مَصْل
مُتْفَاعِلُنْ / مُتَفَاعِلُنْ / مُتَفَا
كذبتُ كذبّتُ
عِلُنْ / مُتَفَاعِ
جرّوني إلى السّاحات عروّني
لُنْ / مُتْفَاعِلُنْ / مُتْفَاعِلُنْ / مُتْفَا
اسلخوا عنّي شعار الجامعهْ
عِلُنْ / مُتفَاعِلُنْ / مُتْفاعِلُن

وتفاعيلها لوحدها كالتالي...

مُتْفَاعِلُنْ / مُتَفَاعِلُنْ / مُتَفَا
عِلُنْ / مُتَفَاعِ
لُنْ / مُتْفَاعِلُنْ / مُتْفَاعِلُنْ / مُتْفَا
عِلُنْ / مُتفَاعِلُنْ / مُتْفاعِلُن

وإذا أعدنا كتابة تلكمُ الاسطر بطريقة مترابطة في شكلها الظاهري نجدنا أمام الملمح الموالي:

لَنْ يستحيل دمي إلى مَصْل كذبتُ كذبّتُ
جرّوني إلى السّاحات عروّني اسلخوا عنّي شعار الجامعة...

فيعتقد بعضنا، نتيجة وصل وآتصال بلغ درجة الالتحام بين الأسطر، أننا إزاء فقرة من نص نثري لولا التواتر الوزني العروضي المنسجم الذي تلقطه الأذن الموسيقية عادة في مثل ذي السياقات المتشابهة...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمانية وعشرون سطرا من آلخوف
- شَبَق
- وَجْدَة
- لَحْظةَ عُلِّقَ آلمغاربة كقوالب سُكَّر على أغصان آلشجر
- مَا بْقَاتْ شَجْرَة
- سِيلْفِي
- نَجاةُ آلجُنون
- مَاذا لو كُنا مُجَرَّدَ حُلْمٍ في رأسِ أَحَدِ أجدادنا
- بَيْنَ آلْفِجَاجِ فَوْقَ آلْجِبَالِ تَحْتَ آلْمَطَر
- جُؤَارُ
- وَجَيبُ آلكَلاكِل
- لَكَمْ تمنيتُ لو أنكَ هنا
- الوعي الديستوبي
- لَيْسَ لَنَا مِنْ كُلِّ مَا عَلمْنا سِوَى كَلِمَاااات
- رَيْبُ آلْمَكَان
- تَجَاعيدُ البَيْضَاءِ، بخصوص فيلم:(كَازَبْلَانْكَا)
- دُوسْتِي
- دُون كِيشوت
- مُتَرَددٌ خَائِبٌ أبَدًا
- الرموز في قصيدة آلرؤيا


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - اَلْمَدْعُوُّ تَدْوِيرًا يُقْرِئُنَا آلسَّلَام