أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - مَاذا لو كُنا مُجَرَّدَ حُلْمٍ في رأسِ أَحَدِ أجدادنا















المزيد.....

مَاذا لو كُنا مُجَرَّدَ حُلْمٍ في رأسِ أَحَدِ أجدادنا


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7527 - 2023 / 2 / 19 - 16:33
المحور: الادب والفن
    


ذات لحظة ذات شتاء ذات عام ذات شهقة أو زفرة كناها كانوا كنتم سنكون في سلسلة كينونات تترى تتواتر إلى أن يحين حَيْنُ آلحَيْنِ نحيا أبدا لا يزول لا نزول..
ماذا لو تراجع بنا آلزمن إلى 1923، مائة سنة إلى الوراء.كيف سنجد بلدتنا التي في آلجبل.مَن هم آلآباء آلحاضرون آنئذ في صورة أطفال صغار، أكيد سنعرف آلبعض أو آلكثير، بمجرد نُطق أسمائهم أمامنا، سنتعرف على فلان وعلان، منهم مَنْ في القماط مايزال ومنهم مَن هو صبي بالكاد فُطِم أو يُفْطَمُ، ومنهم من يسرع في ردهات خِيم وبر آلشَّعَر عاريا يسقط ينهض غير مبال، منهم مَن يَخبّ هنا هناااك راتعا ضاربا الدنيا وما فيها بآلاف آلركلات، منهم ذاك وذلك وذا مِن سُلالة آيت بنخاطور آيت سْعيد آيت عبدالله آيتْ عياد(١)..أطفال سنرى الكثير منهم يافعين ربما يذرعون رحاب البلدة يمرحون يلعبون بكتاتين تدثر أبدانهم آلمجدورة، شبه عرايا يهرولون حفاة تكرع آلهواءَ أشداقُهم يصرخون بكسواتهم الفضفاضة قرب تلة أو وهدة أو هضبة ستكدوارين نسن زتات تيزي(٢) ينطون يقفزون يتسابقون يخوضون غمار مباريات بدائية ومناوشات ودية مليئة بآلصخب وآلعنف وآلجأش وآلمشاكسة وآلعناد وآلعنفوان بعد إنهائهم حصص مراجعة حروف آيات ألواح المسيد(٣)وآستظهار آلأرباع وآلمتون ما قبل العصر عند الفقيه سيمُوحَنْدْ اُومْحَنْدْ ربما(٤)..ماذا سنلاحظ أيضا..بطاحا ووِهَادًا دهماء بنَباتِ دُومٍ ودِيسٍ وكريش متشابك وخمائل أشجار صنوبر وعرعر وسنديان وعرصات واسعات شبه قرعاء الجنبات مستويات في بساط ممتد منسجم يجمع البلدة في كتلة موحدة لا يفصل بين خيم تيخَامِينْ فاصل، لا منازل مستقلة هناك لا دور مشيدة مبنية بإسمنت مسلح أو أسياخ أو ياجور، لا كهرباء لا أنابيب مياه داخل البيوت، لا طُرُق مزفتة أو معبدة أو مستوية، فقط شعاب فارغات تتشابك بمسالك ملتوية وفجاج متعرجات وبما خطته أقدام الدواب وخطوات آلعابرين آلسالكين، لا مراكب صغيرة أو كبيرة تحوم بآلأنحاء.. ربما حتى بعض جداول آلمياه لم يك له وجود بعد، أو دَعْنا نركز أكثر ربما نعاين خيط جدول صغير يسيل في مسار مُلْتو على آستحياء يختال عبر صُفاحات عظام رمادية دكناء بمحاذاة جامع تامَزْكيدا ليكمل مساره جهة الجنوب بموازاة البقعة التي هوت فيه طائرة العسكر الفرنسي الحربية أمشان آني توطا الطيارا ايروميين(٥)، بعد أن يغدق للأهالي مِن جوده عَيْنا طافحة نضاحة يتبقبق مَسيلُها تحت عتبة المُصلى مباشرة..لا، عين البلدة الإسمنتية المعهودة لدى الأجيال اللاحقة لم تُشَيد آنئذ ربما، لقد كانوا يتزودون من نهر دافق يفصل القرية نصفين شمالا وجنوبا، منه يسقون منه يغتسلون ويقضون مآربهم..وأدواح زيتون معمرة عملاقة كانت هناك منذ ذاك العهد أو قبله بعهود ربما، وشُعيرات أفنان أبليليس شجر الحور تتعالى بخفر في قيعان آلبساتين كانت وماتزال ترتشف آلأمواهَ بشغف تتمرر تنسربُ..وقرب دوحة الأبهل (٦)طاقا آلمسننة مقبرة صغيرة تُزار.. والطريق آلمتربة هناك مَعبر للآيبين الذاهبين الرائحين الغادين من قبائل الجوار..(٧)لا بد مقصدهم سوق خميس من خَمِيسات سيدي بْرَاهيم أو إحدى بداية أسبوع آهَرْمُومُّو(٧)..نستطيع أن نباشر شيوخا مُعمرين ومعمرات بسَلَاهِمَ وبرانيصَ سُوهَدُّونْ ربما سَتْجَلابينْ جلابيب لن نعرف منهم أحدا لبعد آلعهد بيننا وبينهم، نستطيع أن نصغي إلى نبرات أصوات آنقرضت لم تعد ذكراها بيننا يرحمك الله آسيدي تَحْريرتْ ايمَحْطرَنْ اورْ يَشْنَعَتْ ربي اينِي قَبْحَنْ (٨)نستطيع أن ندرك بسهولة ربما من خلال متابعات بسيطة لحركات المتحركين وسهوم الساهمين وشرود الشاردين وقسمات سحنات الفرحين والغاضبين وتلويحات الملوحين وإيماءات المُومئين وطريقة ملاسناتهم الجهيرة وعَمائمهم التي فويق الرؤوس ولحاهم الرقيقة المشذبة والأنوف آلمعقوفة والأعين الحادة التي في الوجوه المجدورة يمكن أن نميز في كل ذلك طيفا ما ربما هو والد أبي سيعبدالله وحمو وذاك شقيقه سيبَنْعْلي وأخوهما العباس صبيا مايزال وتلك جدتي الكبرى ربما وذاك من أعمامي وأخوالي الأولين وسكان القبور من مختلف الأعمار يتلاحقون يتواترون في أزمنة الآفات والخصاصة والوباء..في تلك العهود ربما كانت القبائل تودع دون ندم وإلى غير رجعة بعضا من صراعاتها السائبة التي كانت تخاض لأتفه آلأسباب ولأشدها وقعا على حياة الفرد والجماعة:(الكلأ، المراعي،حدود آلأراضي وآلممتلكات، السقي،موارد المياه...)، بل إن دائرة فوضى شباب وفتية وكهول عهود السيبا جعلت تتسع لتشمل غزوات كر وفر وعراك عصابات تُغير حتى على الطرقات الرئيسة ومدن الجوار(فاس، صفرو، تازا...)وعلى خطوط سكة الحديد التي أنشأتها فرنسا الرابطة بين الشرق والغرب.. ولابد أن منذ مائة عام ونيف أو قبلها ربما جعل مُوحَنْد أُوحَمُّو الورايني يقاوم بحنكة وبأس شديدين الغزو الفرنسي إسوة بصنيع عبدالكريم الخطابي في ريف الشمال وموحا أوحمو الزياني في خنيفرة وعسو أوبسلام قبائل آيت عَطا وماء العينين في جنوب الصحراء وو..لقد لجأ الى قمم بويبلان وتنكرارامت وأدرار ليتمكن من مواجهة قهر سلطات الاستعمار بشراسة وبسالة وشجاعة وتضحية إلى أن خاض آخر مواجهة له في موقعة قمة بوهَدْلي عام 1923 مما ساهم في تأخير تقدم سطوة الطغمة المعمرة إلى المنطقة حتى سنة 1924 بعد أن تمكنت فرنسا من بسط حمايتها على البلاد آبتداء من 1912 وربط غرب المغرب بشرقه بمعارك تازا الجبلية(Couloir de Taza)التي آستخدمت فيها الطائرات والذخيرة الثقيلة ومجندين من كل جنس ولون...(٩)نستطيع ربما أن نبدأ الحياة معهم من جديد رغم عُسرها وقتامتها إذا سمحوا لنا بذلك لكن أخال الأمر لا يجوز..فماذا لو أن تلك الحياة الأولى التي عاشوا ضنكها ومسغبتها نعيشها وإياهم، ماذا لو كان حاضرنا الحالي مسودة تدريب لحياة لم تولد بعد، ماذا لو كنا لم نولد بعد، ماذا لو أن ما نعيشه الآن هنا في حاضر خريف 1923 مجرد خَطَرات حُلْم في رأس أحد أجداد ذاك الزمن..أظن أننا سنحاول ما أمكن نصدرها زفرة عميقة نهمس لأنفسنا اااه الحمد لله على كل حال اللهم اجعل رؤانا خيرا ويمنا وفألا حسنا والشكر لله أننا لَم نولد ولم نبدأ بعد..أظن أننا سنحاول قبل كل شيء ألا نكرر حياتنا هذه التي عشناها سنحرص نحتاط نتفادى الكثير من الهنات التي وقعنا فيها، سنعالج عثراتنا ونكف عن نزق سلوكات كنا نظنها فهلوات وإذا بها نزق رجولة وَهْم فارغة كنا نروم نُفحم بها الآخرين، سنترصن أكثر ربما سنتزن نفكر مرارا وتكرارا قبل نهمَّ بفعل نشاز يسيء إلى دمنا المشترك، سنحترم أتربتنا ونقدر أنفسنا أكثر كأناس آدميين إنسانيين سنبتعد عن أخلاق صعلكة فوضى السيبا سنتكتل ونحب بعضنا دون خلفيات أو حسابات أو مناورات طائشة..سنحاول على الأقل أن نخلق ظروفا أخرى أكثر رحابة وملاءمة لحياة أخرى مغايرة أكثر إنسانية أكثر سُموا مما كانت..ربما ربما ربما....

☆إشارات:
١_سُلالة آيت بنخاطور آيت سْعيد آيت عبدالله آيتْ عياد:أسماء أصول عائلات قرية(الفحص)الواقعة بين هضاب تازرين ومرتفعات بويبلان شمال سلسلة جبال الأطلس المتوسط تازا المغرب
٢_ستكدوارين نسن زتات تيزي:بكسواتهم قرب التلة
٣_المسيد:الكُتّاب حيث يتم تحفيظ سور القرآن
٤_سيمُوحَنْدْ اُومْحَنْدْ:أحد الفقهاء المحفظين للقرآن لطلبة البلدة بداية القرن العشرين
٥_أمشان آني توطا الطيارا ايروميين: المكان الذي سقطت فيه طائرة النصارى
٦_شجرة الأبهل:هي شجرة صغيرة من جنس العرعر والفصيلة السروية دائمة الاخضرار تزهر في فصل الصيف لديها أغصان متراصة مغطاة بأوراق دقيقة شائكة تشبه بشكلها أوراق نبتة السرو.
٧_ من جماعات قبائل آيت وراين الواقعة بين مدينة جرسيف شرقا وصفرو فاس غربا مرورا بمدينة تازا نجد جماعة مَغْراوا(إيمَغْرَاوَنْ)وجماعة تازارين وجماعة بويبلان(قمة الجبل)جنوبا وجماعة بَرْكينْ شرقا وجماعة إغزرانْ وأهَرْمومو غربا وجماعة الصْمِيعة والزراردا وتاهلا ومطماطا شمالا و جزء من جماعة بوشفاعا وآدْمام وجزء من جماعة بابْ بُويْدير..نشاطها الرعي والفلاحة المعاشية المتوارثة منذ أجيال إلا أن العديد من العائلات أرسلت أبناءها للتجنيد العسكري آبتداء من ستينيات القرن الماضي إسوة بمن آلتحق بالجيش الفرنسي مجندا، فحارب الكثير من أبناء المنطقة في الحرب العالمية الثانية والحرب الهند الصينية فأبلوا البلاء الحسن دون أن يستفيدوا وتستفيد الجماعات شيئا من هذه الخدمات والتضحيات ...
٨_يرحمك الله آسيدي:دعاء يصدح به طلبة القرآن بعد كل أذان يرفعه الفقيه الإمام المعلم
_تَحْريرتْ ايمَحْطرَنْ اورْ يَشْنَعَتْ ربي ايني قبحن:دعاء يقال لمن يهدي هدية للفقيه بغاية تمتيع طلبة القرآن بفسحة أو آستراحة أو عطلة قصيرة.
٩_استعان العسكر الفرنسي بمجندين من أفارقة مالي النيجر والسينغال وجزائريين وغيرهم يجعلونهم في مقدمة الحملات يضربوا بهم سكان آيت وراين في حين يظل الفرنسيون في منأى عن وقع أسلحة المقاومين



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بَيْنَ آلْفِجَاجِ فَوْقَ آلْجِبَالِ تَحْتَ آلْمَطَر
- جُؤَارُ
- وَجَيبُ آلكَلاكِل
- لَكَمْ تمنيتُ لو أنكَ هنا
- الوعي الديستوبي
- لَيْسَ لَنَا مِنْ كُلِّ مَا عَلمْنا سِوَى كَلِمَاااات
- رَيْبُ آلْمَكَان
- تَجَاعيدُ البَيْضَاءِ، بخصوص فيلم:(كَازَبْلَانْكَا)
- دُوسْتِي
- دُون كِيشوت
- مُتَرَددٌ خَائِبٌ أبَدًا
- الرموز في قصيدة آلرؤيا
- جُو كْلِيكْ آلْكُولِيكْ
- حَيَارَى نَحْنُ..؟؟..لا..!!..
- اَلْمُتَمَرِّدُ
- عَسَاهَا يَوْمًا
- عُيُونُ آلذِّئَابِ تُومِضُ كآلنُّجُوم
- خُ يَ لَ ا ءُ آ لْ عَ دَ م
- مُتَلازِمة تشيخوف
- حُلْمٌ كَفِيف


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - مَاذا لو كُنا مُجَرَّدَ حُلْمٍ في رأسِ أَحَدِ أجدادنا